صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

برميل البارود جاهز للتفجير
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يبدو بالفعل إنها لحظة تاريخية، فهناك ربط واضح بين إمكانية حلحلة المشاكل، ووقف الضغوط التي تتعرض لها بلدان عربية، وبين الحملة التي تقودها تل أبيب للتطبيع معها، وهناك مايشير الى إن العرب قسمان، قسم غني مترف يخشى على ترفه، وهو مؤهل للقبول بضغوط واشنطن والكيان الإسرائيلي حيث ضمانات إستمرار الدعم والحماية والترويج والإستثمار، بينما يقع على القسم الثاني ثقل التجويع والتظاهرات والإنقلابات والفوضى، وقد حصل بالفعل مثل ذلك في عديد البلدان التي شهدت الفوضى، والحروب الأهلية، والمواجهات الطائفية، ونزعات الإنفصال، والصراع على السلطة، حتى وصلت الى مرحلة التيه والإنهيار، وبدأ ساستها بالبحث عن طرق خلاص لايبدو أنها معبدة لهم من دون دفع ثمن مضاعف يشبه الى حد كبير مايفرضه ملاك الأراضي والإقطاعيون من شروط تعجيزية على الفلاحين، لتزويدهم بالحبوب والمياه، وبعض الطعام ليستمروا في الزراعة، ثم يسلموا المحصول الى وكلاء هولاء، ثم لايتبق لهم سوى النزر اليسير من المحصول، وأظن إنهم لايحصلون على شيء، فالإقطاعي يرى إنهم عبيد له، وإن الأرض التي يزرعون ملك له، وكذلك البيوت البائسة، وكل مايحيط بهم هو جزء من الحقل، سواء كان بناءا، أو زروعا، أو حيوانات، وماسوى ذلك مما يمكن تملكه، والتحكم به.


حوصرت بعض البلدان لعقود، رافق ذلك تخبط حكومي وفشل في الإدارة، ومسوغات وفرت بيئة ملائمة للفوضى، وإفقار للشعب، وصار برميل البارود معدا للإنفجار الكبير الذي سيطيح بكل شيء، ويكون من بقي واقفا على قدميه وهما تترنحان متلهفا للإسراع بتوقيع الإتفاقيات الإقتصادية المذلة وللحصول على القروض، تتضمن شروطا تعجيزية وفوائد، ثم يكون التطبيع مثل (شربة المية) وهو ماحصل بالفعل مع بعض البلدان التي ترنحت كثيرا وتهاوت، ولم تعد تمتلك القدرة على المواجهة، وكان سلوك الحكام وتخبطهم تمهيدا معدا له سلفا للوصول الى لحظة الإنهيار الأخير الذي يكون معه كل قرار مهما كان خطيرا غير ذي أهمية مع مايقابله من حرمان وتعسف وبطالة ومرض وفوضى وغياب للخدمات، وكأن الجميع يشترك في المؤامرة على الذات الوطنية المتخبطة التي فقدت كل قدرة على الرفض، أو المناورة، أو التحكم بالقرارات الداخلية التي تتحول مع الوقت الى آملاءات خارجية من غير الممكن ان ترد، أو تصد من مجموعات من العاجزين.


وصل الأمر في بعض البلدان الى ربط تشكيل الحكومة مع التطبيع، وكأنها مذكرة تفاهم تشبه مذكرة التفاهم التي وقعت في التسعينيات مع الأمم المتحدة (النفط مقابل الغذاء والدواء) تقابلها مذكرة تفاهم (التطبيع مقابل تشكيل الحكومة) ليكون السياسيون الذين تقطعت بهم سبل التواصل، وتحولوا الى دائرة صراع لانهاية له في حل من كل إلتزام مبدئي بحثا عن حلول للأزمة، والخروج من الإنسداد السياسي، مع مايقابل ذلك من حب للمال والسلطة والبقاء في الواجهة والخشية من الإنزواء في الظل، فيكون الإستعداد عاليا لتقديم التنازلات، ومنها المتعلق بملف التطبيع الذي أوجدت له السياسات الخاطئة داخليا، وماحيك في الخارج الأرضية الملائمة له ليكون في المتناول دون خشية كبيرة من ردود فعل، حيث يضعف المجتمع وينهار، وتتوافد ثقافات تحررية لاتعبأ بالقضايا المصيرية، ولاتعود تفهمها، ويتركز نشاط المهتمين بها على تحقيق متطلبات حياتية تقتضي الإنكفاء على الداخل دون الإهتمام بالقضايا المشتركة التي لايجد هذا البعض مبررا لها لتكون مشتركة، ويتنصل منها بسهولة متوافقا مع سياسيين فقدوا الشجاعة بسبب طموح السلطة، عدا عن الذين لايجدون مانعا من الإنفتاح حتى على إبليس من أجل ضمان المصالح والمكاسب، ويظنها تدوم مع إنها زائلة، ولادوام لها.


يبقى أن نؤكد على حقيقة ثابتة وهي إن كل مايجري هو إمتحان ومحنة تتعلق بشعب فلسطين والشعوب العربية التي لايمكن لها أن تستسلم حتى وإن بدا للعيان أن هناك من يهرول لاهثا للتطبيع لأن للباطل جولة وتنتهي، ويبقى للحق كامل الوقت.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/01/22



كتابة تعليق لموضوع : برميل البارود جاهز للتفجير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net