صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

الوقف اولى (قلى) وتطبيقات من آيات سورة الاعراف
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يقول علماء التجويد ان علامة (قلى) او (قلي) تعني الوقف أولى من الوصل، فهي عكس (صلى). وتسمى الوقف جائز مع كون الوقف اولى، ولها تسمية أخرى هي الوقف التام، من الأمثلة قوله تعالى "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ (ج: جواز الوقف) أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ (قلى: الوقف اولى) وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ (قلى: الوقف اولى) أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (الاعراف 169).

القرآن مصدره من قرأ بمعنى تلا وهو مجمع الآيات والسور. وهو مصدر مرادف للقراءة كما جاء في قوله تعالى "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" (القيامة 17-18) أي قراءته. التّجويد علم تحسين قراءة القران الكريم كالإدغام و الغنّة والمدود. و الخطأ في القراءة يؤدى إلى تغيير المعنى. فهذا العلم واجب على العالم به عند قراءة القران. وأمّا تعلّمه و حفظ قواعد ففرض كفاية. و الوقف يعتبر من أحكام علم التجويد. لذلك تعلّم مواضع الوقف الواجبة و الجائزة و غير الجائزة شرط من شروط علم الترتيل. ومن الوقف المناسب عند علامة الوقف اولى (قلى) كما في الاية التالية: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ (قلى: الوقف اولى) أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ (قلى: الوقف اولى) تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" (الاعراف 54).

موضعان رئيسيان في الوقف: الوقف على مقاطع الكلام أى الوقف بالنسبة للجملة أو الأية على إعتبار المعنى. والوقف على الكلمة. ومن مواضع الوقف وجود علامة الوقف اولى كما في قوله تعالى: "اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ (قلى: الوقف اولى) قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ" (الاعراف 3).

وقال الأشموني الوقف على خمسة أقسام: إما أن لا يتصل ما بعد الوقف بما قبله، لا لفظا ولا معنى فهو التام. أو يتصل ما بعده بما قبله لفظا ومعنى، وهو القبيح. أو يتصل ما بعده بما قبله معنى لا لفظا وهو الكافي. أو لا يتصل ما بعده بما قبله معنى ويتصل لفظا وهو الحسن. والخامس متردد بين هذه الأقسام فتارة يتصل بالأول وتارة بالثاني على حسب اختلافهما قراءة وإعرابا وتفسيرا.‏ وفيما يلي اية من سورة الاعراف تبين علامة الوقف اولى (قلى): "يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا (قلى: الوقف اولى) إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ (قلى: الوقف اولى) إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" (الاعراف 27).

الوقف التام هو إن الجملة الموقوف عليها إن تمت ولم تتعلق بما بعدها لا لفظا ولا معنى. و الوقف التام هو ما كان في نهاية قصة، أو في آخر صفة من صفات الناس مثل المؤمنين أو الكافرين. مثلا الوقف عند المفلحون "أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (البقرة 5) لان الكلام حول المتقين قد انتهى وسيأتي الكلام عن الكافرين "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (البقرة 6-7) والوقف عند كلمة عظيم يعتبر وقف تام لان الايات التالية ليست لها علاقة بالكافرين إنما لها علاقة بالمنافقين. وبذلك يساعد الوقف على التدبر وفهم آيات القرآن الكريم. ومن الآيات الشريفة التي فيها علامة الوقف أولى (قلى): "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ (ج: جواز الوقف) قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ (قلى: الوقف اولى) كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" (الاعراف 32).

والعلامة (قلى) فوق نهاية الكلمة يعني الوقف اولى ويمكن الوصل. ولكن الوقف افضل وخاصة في الآيات الطويلة لاسباب منها تدبر القرآن أي يتفكر القارئ بما قرأ، وتقسيم الآية إلى جمل وعبارات بعد اكتمال المعنى. وتدبر القرآن له مفاهيم منها استنباط الادلة الشرعية، والحلال والحرام، والأمر والنهي، ودرجة الفهم. والاية التالية توضح موقع الوقف اولى: "وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ (قلى: الوقف اولى) قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ" (الاعراف 10).

الوقف الكافي هو أن تتم الجملة في نفسها وتتعلق بما بعدها في المعنى دون اللفظ الذي يعني وجود حرف من حروف العطف. والاية التالية من سورة الاعراف تبين مواقع الوقف اولى (قلى): "فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ (قلى: الوقف اولى) إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ" (الاعراف 30).

وقال جماعة من المتقدمين:‏ الوقف في التنزيل على ثمانية أضرب تام وشبيه به، وناقص ‏وشبيه به، وحسن ‏وشبيه به، وقبيح ‏وشبيه به. وقال الفخر الرازي: الوقف ثلاثة أنواع:‏ الوقف على كل كلام لا يفهم بنفسه فهو ناقص. ‏والوقف على كل كلام مفهوم المعاني إلا أن ما بعده يكون متعلقا بما قبله يكون كافيا. والوقف على كل كلام تام ويكون ما بعده منقطعا عنه يكون وقفا تاما.‏ ومن الآيات القرآنية التي فيها علامة الوقف أولى (قلى) والتي يتمكن القارئ الوقف عندها من سورة الاعراف "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا (قلى: الوقف اولى) قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ (ج: جواز الوقف) أَفَلَا تَتَّقُونَ" (الاعراف 65).

الوقف الحسن هو أن الجملة تكون قد تمت في نفسها وتعلقت بما بعدها لفظا ومعنى كما في قوله تعالى "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" (البقرة 3) فالوقوف عند كلمة الغيب يسمى وقف حسن لأن الجملة اسمية وقد تمت مبتدأ وخبر وتعلقت بما بعدها في اللفظ لوجود حرف العطف الواو في قوله سبحانه "وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ" وتعلقها بما بعدها لفظا ومعنى. ومن الوقف المناسب عند علامة الوقف اولى (قلى) كما في الآية التالية "أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا (قلى: الوقف اولى) مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ (ج: جواز الوقف) إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ" (الاعراف 184).

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/01/12



كتابة تعليق لموضوع : الوقف اولى (قلى) وتطبيقات من آيات سورة الاعراف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net