صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

الأِنْشِغالُ بالعالَمِ الخارِجِيِّ عَنْ عالَمِنا الداخِلِيِّ
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

القُرآنُ الكَريمُ تَحَدَثَ عن عالَمَيْنِ ، عالَمِ الآفاقِ وَعالَمِ الأنفُسِ ، وقدْ أَشارَ اللهُ تعالى الى هذينِ العالَمَيْنِ بقولهِ تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) فصلت/ 53. عالمُ الآفاقِ هو العالم الخارجي ، خارجَ ذواتنا ، العالَم الذي يموجُ بالحركةِ والصَخَبِ والضَجيجِ ، وعالَم الانفس هو العالَمُ الداخلي الذي يحوي كلَّ طاقاتنا وقدراتنا . وهذان العالَمانِ متعادلانِ ، وكلاهما يقود الى الحقِ تعالى : ( حتى يتبين لهم انه الحق) ، وختمت الايةُ بقوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ) ، وقد استنتج الفلاسفة من هذه الاية انها تشير الى البرهانِ الانِيِّ الذي هو الاستدلالُ بالمعلولِ على العلةِ ( سنريهم آياتنا في الافاق وفي انفسهم ) هذه كلها معلولات والفكر يتحرك في عملية الاستدلال من هذه المعلولات الى العلة ( حتى يتبينَ لهم أَنَّهُ الحق ) ، هذا هو البُرهانُ الانِّيَُ ، واما البرهان اللِّميُّ فهو الاستدلالُ بالعلةِ على المعلول كما جاء في الاية : ( اولم يكف بربك انه على كل شيء شهيد ) فهناك يبدأُ الاستدلالُ من الله تعالى الذي هُوَ العِلّّةُ الأولى لهذا الوجود ، ولكل المعلولاتِ والمشهوداتِ في هذا الكونِ الواسعِ الرحيبِ.وقد استدلَ الامام علي (ع) في دعاء الصباحِ بهذا النوع من الاستدلال  يا من دل على ذاته بذاته) ، فالامامُ علي (ع) يقول لانحتاج الى ان نستدلَّ على وجود الله بمخلوقاتهِ بل ذاته تعالى تدلُّ على وجوده ؛ لان النور لايستدل على وجوده بالاشياء التي اظهرها بل نفس النور وسطوعه دال على وجوده .
للاسفِ نحنُ مشغولون ومهووسون بالعالم الخارجي المشهود الظاهر الصاخب في حركته وضجيجه ؛ لانه عالم محسوسٌ ونحن نألفُ عوالم الحس ، ولكننا انشغلنا بهذا العالم المشهود عن العالم الاخر المعادل له وهو عالم الانفس . في حين أَنَّ الرجوعَ الى انفسنا يجعلنا نكتشفُ الحقيقة التي اعمانا عنها شغَفُنا بالعالَمِ الخارجيِّ ، كما جاء في قوله تعالى : ( فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ). الانبياء : الآية: 21 .واحياناً العقلُ يجحدُ شيئاً ويوجد المبررات لهذا الجحود مع ان النفسَ تستيقنُ بوجوده ، يقول تعالى :
( وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ). النمل: الاية: 14. من يُنَقِبُ في اعماقِ نفسهِ يكتشف عوالمَ كثيرة وامكاناتٍ هائلة ويستطيعُ ان يفجر كلَّ الطاقاتِ الكامنة المخبوءة في نفسه . في المقال دعوةٌ الى الاهتمامِ بعالَمِ الانفس والتفتيش في اعماق انفسنا حتى نكتشفَ الحقيقةَ التي يُعمينا عنها صخبُ العلم الخارجي وضجِيجُهُ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/12/17



كتابة تعليق لموضوع : الأِنْشِغالُ بالعالَمِ الخارِجِيِّ عَنْ عالَمِنا الداخِلِيِّ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net