صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (١٤) [هَيْهاتَ هَيْهات!]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قتلوا الحُسين السِّبط (ع) ثم تقاسمُوا رؤُوسَ الشُّهداء ليتقرَّبُوا بها عندَ الطَّاغية وأَخذُوا أَهلهُ (ع) وعيالهُ من النِّساءِ والأَطفالِ يسوقونَهم أَسرى كالإِماءِ يجولُونَ بهِم فيالبُلدانِ، وبعد كُلِّ هذا وقفُوا يبكُونَ ويُولولُونَ وينتحبُونَ أَمامَ الإِمام عليِّ بن الحُسين السجَّاد زَين العابدِينَ (ع) في الكوفةِ يخاطِبونهُ بقَولهِم [نحنُ كلُّنا يابنَ رسولِ اللهسامعُونَ مطيعُونَ حافظُونَ لذِمامِكَ غيرِ زاهدينَ فيكَ ولا راغبينَ عنكَ، فأمُرنا بأَمركِ يرحمُكَ الله، فإِنَّا حربٌ لحربِكَ وسِلمٌ لسلمِكَ، لنأخُذنَّ يزيدَ ونبرأَ مِمَّن ظلمَكَ وظلمَنا].

ردَّ عليهِم الإِمام بقساوةٍ {هَيهاتَ هَيهاتَ، أَيُّها الغَدَرَة المَكَرَة، حيلَ بينكُم وبينَ شهواتِ أَنفسِكُم، أَتريدُونَ أَن تأتُوا إِليَّ كما أَتيتُم إِلى أَبي من قبلُ؟! كلَّا وربِّ الرَّاقِصات،فإِنَّ الجُرحَ لمَّا يندمِل، قُتِلَ أَبي صلواتُ الله عليهِ بالأَمسِ وأَهلِ بيتهِ معهُ، ولم يُنسِني ثَكل رسولَ الله (ص) وثَكل أَبي وبني أَبي، ووُجدهِ بينَ لهواتي، ومرارتهِ بينَ حناجريوحَلقي، وغُصصهِ تجري في فراشِ صَدري، ومسأَلتي أَن لا تكونُوا لنا ولا عَلينا}.

تُرى؛ أَوليسَ الإِمامُ (ع) رحمةً للعالَمين كجدِّهِ رسول الله (ص)؟!.

أَوليسَ هو ممَّن وصفهُم القرآن الكريم بقولهِ {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}؟!.

فلماذا إِذن رفضَ ندمهُم ولم يقبل منهُم أَن يُصحِّحُوا، وواجههُم بأَقسى الرُّدود؟!.

بلى هوَ كذلكَ والله ولكن لِمن كانَ مُستعِدّاً لنزولِ رحمةِ الله تعالى عليهِ، أَمَّا الذي أَغلقَ قلبهُ ومنعَ عن نفسهِ رحمةَ السَّماء، فلا يُمكِنُ لأَحدٍ أَن يكونَ لهُ بابَ رحمةٍ تهديهِ صِراطَالحقِّ والعدلِ والحريَّة.

إِنَّ العبيدَ، عبيدَ شهواتهِم وجُبنهِم وأَنانيَّاتهِم، عبيدَ الدِّينار والدِّرهم، لا ينفعهُم الإِمام إِذا لم يُغيِّرُوا ما بأَنفسهِم، فالتَّغيير الذَّاتي أَوَّلاً {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوامَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ}.

ومِن علاماتِ العبوديَّةِ لغَيرِ الله تعالى أَن تراهُم يندَمُونَ في كُلِّ مرَّةٍ بعدَ فواتِ الأَوان {ولاتَ حينَ مندمِ} كحالِ فِرعَونَ {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُبَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ* آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.

مطلوبٌ منكَ المَوقف السَّليم في اللَّحظةِ المُناسبة وعندما يتطلَّبُ منكَ ذَلِكَ الظَّرفُ، وليسَ بعدَ فواتِ الأَوان، وهو الأَمرُ الذي يحتاجُ مِنكَ أَن تتجرَّدَ من كلِّ شيءٍ عندما تُريدُالتَّفكير لاتِّخاذ القرار الصَّائِب، أَمَّا أَن تُحيطَكَ الأَنانيَّات والمصالح الضيِّقة وحُبَّ الدُّنيا لحظة التَّفكير لتتَّخِذَ القرار الخطأ في اللَّحظةِ التي تتطلَّب مِنكَ موقِفاً سليماً، ثمَّ بعدَذلكَ تندم على ما فرَّطتَ، على طريقةِ تفكير قائدِ الجَيشِ الأَموي [عَبدَ شهواتهِ] عُمر بن سعْد الذي قدَّمَ مصالحهُ الخاصَّة على الصَّالح العام ودُنيا غيرهِ على دينهِ ليقتُلَالحُسين السِّبط (ع) قائِلاً؛

يقولُونَ أَنَّ اللّه خالِقُ جنَّةٍ

ونارٍ وتعذيبٍ وغلٍّ يدينِ

فإِن صدقُوا فيما يقولُونَ فإِنَّني

أَتوبُ إِلى الرَّحمنِ من سنتَينِ

إِنَّكَ بمثلِ هذا التَّفكير الأَعوج الذي يقودَكَ لاتِّخاذِ القرار الخطأ، ورُبما ارتكابِ جريمةٍ، معَ سبقِ الإِصرارِ، فلا معنى بعدهُ للنَّدمِ.

فليسَ كُلَّ الأَخطاءِ والجرائم التي يرتكبها المرءُ ينفعَ معها النَّدم، خاصةً المُتعلِّقة منها بالصَّالحِ العام، كالتَّصويتِ في الإِنتخاباتِ مثلاً.

فماذا يعني النَّدم إِذا فكَّرتَ بطريقةٍ أَنانيَّةٍ فصوَّتَّ يومَ الإِنتخاباتِ لفاسدٍ أَو فاشلٍ مازالَ في السُّلطةِ منذُ [١٨] عاماً، ومن بعدِها تظل [٤] سنوات تندبُ حظَّكَ وتعضُّ علىأَصابع النَّدم وتقف حائِراً لا تدري كيفَ تُصحِّح الخطأ، الجريمة؟!.

ماذا ينفعُك النَّدم وأَنتَ تعرفُ جيِّداً بأَنَّك مُقدِمٌ على التَّصويتِ لمَن ركلتهُ النَّجف الأَشرف ورمتهُ في مزبلةِ التَّاريخ؟!.

ماذا ينفعُكَ النَّدم وأَنت مُصمِّمٌ سلفاً ومَع سِبقِ الإِصرار للتَّصويتِ لصالحِ الوجوهِ الكالحةِ التي لم تجلب الخَيرَ للبِلادِ على مدى [١٨] عامٍ ممَّن قالت عنهُم النَّجف الأَشرف[المُجرَّب لا يُجرَّب]؟!.

مطلوبٌ منك قرارٌ لا تندم عليهِ، خاصَّةً وأَنَّ أَمامكَ سِجِلٌّ طويلٌ عريضٌ من التَّجارب المريرة مع [العِصابةِ الحاكِمةِ] التي قالت عنها النَّجف الأَشرف بأَنَّنا [لا نُؤَيِّد مَن كانَفي السُّلطةِ في السَّنواتِ السَّابقة لتولِّي رِئاسة الوُزراء المُقبِلة].

لماذا تخطأ في كُلِّ مرَّةٍ تقِفَ فيها أَمامَ صُندُوق الإِقتراع ثُمَّ تُعربَ عن ندمِكَ؟!.

أَوليسَ من الأَفضلِ والأَسلم أَن تُدقِّق وتتثبَّت وتستحضِر التَّجرِبة قبلَ الإِدلاءِ بصَوتِكَ لتتَّخذَ القرار السَّليم بدلاً مِن أَن تصرَّ على تكرارِ الخطأ ثُمَّ تندمَ فيما بعدُ؟!.

وصدقَ الحُسين السِّبط (ع) الذي يقولُ {إيَّاكَ وَ مَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ [أَو تندمُ عليهِ] فإنَّ المُؤْمِنَ لا يُسِي‏ءُ وَ لا يَعْتَذرُ، وَالمُنَافِقُ كُلُّ يَومٍ يُسِي‏ءُ وَ يَعْتَذِرُ}.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/13



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (١٤) [هَيْهاتَ هَيْهات!]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net