تقوى الله & نظم الأمر
محمد عبد النبي التميمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد عبد النبي التميمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إنّها الحياة ذاتها و باستمرار ..
نحن بإزاء انحطاطٍ يعيشه انسان اليوم ( الانسان الحديث ) و بسبب التهافت في الفراغ و اللامعنى ؛ فزيف قيم الحداثة يتكشّف لنا يوما بعد يوم .. قالوا لنا كلمة حقٍ نعرفها جيداً ( الانسان ظلّ الله في الارض ) ، و لكن بعد ان ازاحوا عنها قيم الله و أحلّوا محلّها قيماً جديدة ، فصرنا نشاهد تجلّياتٍ لارادة العدم المتخفِّية وراءالقيم الجديدة هذه ....
نعم الحياة ذاتها و باستمرار ؛ ذلك انه لا شيئ قد تغير فنحن باقون تحت حكم القيم السائدة و التي ارادوا لها ان تسود ... العدميّة تتقدم اكثر فاكثر ، و مع كل خطوةٍ يتكشّف البطلان بشكل افضل ... لم يمت الإله كما قالت مدّعياتهم و إنّما تم تشكيل تركيبات جديدة و بسبب الاستغناء عن الإله ( الطغيان ) ؛ تلك الارادة الانتكاسية التي ليس لها إلا ان تتدحرج في هاوية العدم ... و اذا كنا في القرن الماضي أمام أناس تمت تسميتهم بالمتفوقين فقد برز الينا الانسان الاخير ؛ ذلك الذي يقول ان كل شيئ باطل و ان الزوال و من دون مقاومة هو الافضل ( عدم الارادة افضل من ارادة العدم ) ....
أعتقد اننا اليوم امام انقلاب ارادة العدم ضد ارادة الارتكاس .. انها ارادة نفي الحياة الارتكاسية ، هي الرغبة في تدمير الذات و بصورة فاعلة هذه المرة ؛ و على القاصي و الداني ان يعرف ان في ذلك إحياءٌ لفكرة الشهادة ، و هنا يجب ان نعرف و نميّز بان الشهادة تختلف عن رغبة الشهادة .. انهما امران مختلفان ، فالشهادة وصول و الشهيد هو ذلك الانسان الذي يفنى بالنتيجة في إلهه ، ليُنهي العدمية و ليقول لنا ( ان عظمة الانسان تكمن في انه جسرٌ لا غاية ) ، و أنّى لهم ذلك بعد انقطاعهم عن الخشية و الخوف من الله ؛ فبالانقطاع هذا يتم الانقطاع عن محبة الله ايضا ، يتم الانقطاع عن اجلاله و توقيره و عن تعليق الآمال عليه ، يتم الانقطاع عن الارادة معه .. و إذ احلّوا و حسب زعمهم الانسان الاخير محلّه تكررت نفس الدورة و لكن باتجاه العدمية هذه المرة .. المشكل ان هناك من يريد تكرار ذلك في مجتمعاتنا و بذريعة الانسان المتفوق ( السوبرمان ) .. و لكن الامر عندنا مختلف تماماً ؛ فالانسان المتفوق عندنا لم يكن وهمياً لا يعرف خوف و خشية الله بل عاش بين ظهرانينا مستندا على تقوى الله - الخوف و الخشية من الله - قولا وفعلا و منهج ..
لقد كان رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم ذلك الانسان ، فهو من استنَّ لنا التقوى و أسَّسَ لها ...
لقد كان عليٌّ عليه السلام ذلك الانسان ، فقد كانت آخر كلماته و هو في المحراب ( فزت و ربِّ الكعبة ) ، و هو القائل ( عليكم بتقوى الله و نظم أمركم ) ...
إنّه الحسن عليه السلام فقد أوصى الحسين عليه السلام ان لا يريق بشأنه محجمة دم ..
إنّه الحسين عليه السلام فقد اراد باستشهاده ان يقول لنا ( إنّ الهلاك في غضب الإله و فقط ) ...
و قد أكّدت لنا زينب بنت عليٍّ عليهما السلام ذلك بقولها ( اللهم تقبّل منّا هذا القربان ) ...
ما زلنا ننتظر الانسان الاخير ... إنّه ذلك الذي يعيش بيننا متحسساً ألمنا و آمالنا و عبر كلّ تلك المجريات و لكنه غاب منتظراً أمر إلههُ بالظهور ؛ إنها الخشية من الله مجدداً ...
(اللهم عجّل لوليِّك الفرج)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat