صفحة الكاتب : واثق الجابري

مَنْ يحمي المواطن مِنْ القانون؟
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بررت الجهات الحكومية، الغرامةَ المرورية التي تناقلتها وسائل الإعلام وقيمتها 215 مليون دينار عراقي، بأنها خطأ طباعي، وإضافة أصفار الى مقدار الغرامة الأصلية، ولولا وسائل الإعلام لباع المواطن بيته لسد غرامة، تساوي سعر سيارته عشرة أضعاف!

لو كان الفعل بشكل معاكساً والمواطن أضاف أو انقص صفراً، لإعتبرت العملية تزويراً وانت بسجن المواطن، مع دفع المبلغ المكتوب أصلاً، ويمكن أن يُخطئ أحدٌ بكتابة رقمٍ ويضيف صفراً دون قصد، فيحاسب، ولكن معظم عمليات التزوير الكبرى والفساد بإضافة الأصفار على اليمين.

في إحدى المرات راجعت مصرفاً لاستلام صك بمائة دولار، ومن شدة مللي من الانتظار والازدحام وقعت في خطأ ،ووضع قلمي صفراً على يسار التاريخ، فما كان للموظف أن يعترض ويرفع صوته، ويعتبره تزويراً، في حين هذا الصفر لا يقدم ولا يؤخر لحظة من ذلك التاريخ ولا المبلغ.

واجهتني مشكلة أخرى في دائرة الضريبة، بطلب جنسية زوج امرأة مطلقة قبل 12 سنة ، اشتريت منها عقاراً، وطلب مني جنسية مطلِّق المرأة وجنسية والدها، وهي تبلغ من العمر 60 سنة، وبتدخل المدير ثلاث مرات، وافق الموظف على تمرير معاملتي الى موظف آخر واجهني بنفس الطلب وهكذا ثلاثة موظفين، وأبرز لهم هويتها وورقة الطلاق وتُحال الى آخر ليعاد نفس الطلب، وكأنهم يطالبون - كما سمعت من مواطن تعقدت معاملته - بشروط تعجيزية، فقالت له الموظفة يمكنك سلوك طريق آخر، ووافق المواطن على سلوك ذلك الطريق، لأنه من المستحيل أن ينجز معاملته في الطريق الأول، ولم ينتهِ مطافي بطلب جنسية والدها، بعد أن جلبت قساماً شرعياً يثبت أنّ من كان عليه حجز ليس والدها الذي توفي قبل 40 سنة، بل طلب جنسية والد مطلِّقها، الذي لا تعرف مصيره منذ 12 سنة، وربما والده قد توفي قبل أكثر من 50 سنة!

عندما تقف على أبواب المؤسسات بهذا التدقيق والتشدد، تتوهم بأنه لا يمكن التزوير بتاتاً، ولا يمكن إضافة صفر، ولكن عندما تذهب الى موظفة أخرى في الدائرة نفسها وتطلب منك إثباتاً أن من تحمل هويتها معك هي زوجتك، وتجيبها أن البطاقة الموحدة لا يذكر فيها اسم الزوج والزوجة، وما يثبت هو الرقم العائلي، لكن تصر ولا تقتنع، مما يضطرك الى سلوك (طريق آخر) حتى توقع على أوراق أصولية لا تحتاج مراجعة بعد جملة توقيعات، وتوقيعها تحصيل حاصل.

ما عرضته جزء يسير من واقع يعانيه كل مواطن يقف على أبواب المؤسسات، وأول ما يدخل يجد عبارة يطلب من المواطن التعاون مع الموظف وليس العكس، فإنْ تفوَّهت بكلمة داخل المؤسسة، فسوق تتعقد معاملتك وليس أمامك الاّ البحث عن (طريق آخر)، وإن نطقت بوسيلة إعلام أو موقع تواصل اجتماعي، فستجد تكييفاً للمواد القانونية التي ستثبت عليك شتى الإتهامات التي تزداد كلما كان المنصب أعلى هرمية، وربما تحاسب أحياناً حتى على التلميح.

يرى المواطن بأن القانون ضرورة، ولكن تطبيقه أحياناً يستهدفه بشكل مباشر، وشكواك لا تقبل الا بأدلة وشهود وإن كنت فاقداً للوعي جراء الإصابة، ولا تستبعد أن تتحول القضية ضدك وإن كنت الضحية، وتتوقع أياديَ خفية قادرة على دفن أية قضية، أما المسؤول فيمكنه استخدام القانون ضدك لإسكاتك، وان كان اتهامك له بالإشارة.

لا يحتاج المواطن الى أدلة وشهود وقَسم، على إثبات تقصير، كثيرون تورطوا بالفساد ونهب أموال الدولة وحق المواطن، والواقع الخدمي على الأقل يشير لذلك بكل وضوح، ولكن بعد ارتفاع الأصوات وفضيحة الملفات واللجان التحقيقية، لا نخرج إلاّ بالتسويف أو اتهام موظف بسيط، أو اتهام المواطن بعدم احترام القانون والتقصير وعدم مساعدة الحكومة على تطبيقه، فإذا كان القانون بعدة أوجه للمسؤول ووجه واحد تجاه المواطن، فمن يحمي المواطن من القانون؟!

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/06



كتابة تعليق لموضوع : مَنْ يحمي المواطن مِنْ القانون؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net