صفحة الكاتب : عبد المحسن الباوي

لا تُبَخّل جواداً
عبد المحسن الباوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 دار حوار بين شخصين بمحضري، وكان الأول يمدح شخصاً بأنه من خدمة الحسين (ع) وأن عمله هذا سيشفع له، فردَّ عليه الآخر بأن الله تعالى لا يقبل عمل المسيء ولن تنفعه خدمته للإمام الحسين(ع)، فتدخلت هنا وقلت للثاني: (لا تبخل جواداً، ولا تضيق واسعاً، إن الله تعالى هو الغفور الرحيم – لاحظ قال: غفور ولم يقل غافر، والغفور صيغة مبالغة – فما يدريك لعل من أذنب أمامك ذنباً قد ندم بعيداً عنك، واستغفر ربه وأناب إليه وقبل الله توبته)، فسكت الرجل ولم يحر جواباً.
 نعم أيها الإخوة الكرام، لقد اتسع في مجتمعنا - وللأسف - باب الحكم على الناس حسب الظاهر، في حين أن الله تعالى وحده هو المطلع على حقائق الأمور وخفايا الأنفس وما تخفي الصدور، يقول أحد العلماء العارفين: (لنا الظاهر والله يتولى السرائر)، وهذه الظاهرة استشرت كثيراً وينبغي التصدي لها بالحكمة والموعظة الحسنة، لما لها من آثار سلبية لا حصر لها على الفرد والمجتمع، فهي تفقد الثقة بين الناس، وتجعل الشك الشيطاني يتغلغل في نفوس البعض تجاه البعض الآخر.. ومن المعلوم أن الثقة هي عماد التعامل بين أبناء المجتمع الواحد.
يقول الإمام الجواد (ع): (لا تعادِ أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله تعالى، فإن كان محسناً فإنه لا يسلمه إليك، وإن كان مسيئاً فإن علمك به يكفيه فلا تعاده). ولأحد العلماء كلام جميل أنقله بتمامه لفائدته في المقام... قد يقول البعض: نحن مدعوون أن نقول: إن كلّ الناس خير مني، والحال أن هذا فاسق فاجر، كيف أقول هو خير مني؟!
الجواب هو: أن الأمور بخواتيمها، هذا الفاسق الفاجر من أين تعلم أن عاقبته كذلك؟ هل كان أحد يتوقع أن الحر بن يزيد، سيكون من أنصار سيد الشهداء؟ أنت لا تعلم الخواتيم، وأضف إلى أنك تقول: لعل شرهُ ظاهر، وأنا شري باطن، هذا الإنسان له فسق ظاهري، وأما أنا الإنسان العادل ظاهراً لي فسق باطني، باطني فيه الكبر، وفيه الحقد، وفيه الحسد، وفيه ما فيه من الآفات الباطنية. إذن، الإنسان لا يعلم الحقيقة، ولهذا قال النبي (ص): (إن الله أخفى ثلاثاً في ثلاث: أخفى رضاه في طاعته، فلا تحقرن طاعة أبداً، وأخفى غضبه في معصيته، فلا تحقرن معصية أبداً، وأخفى أولياءه في عباده، فلا تحقرن من عباد الله أحدا.
 لعل المعصية الصغيرة هي المهلكة، ولعل الطاعة الحقيرة هي المنجية، ولعل هذا الإنسان المستضعف هو الولي وأنت لا تعلم... إذن، الطريق الأول للقضاء على هذا الأمر، أن ننظر إلى الناس على أنهم أسرار لا نعرف بواطنهم، لا يعرف البواطن إلا الله (عزّ وجل).
 إذن، أيها الإخوة الكرام هذه دعوة صادقة لترك الحكم على أفعال الآخرين بعدم القبول، وأن لا نطلق العنان لأنفسنا الأمارة بالسوء أن تنقص من شأن أعمال الناس الصالحة بداعي أن لهم أعمالاً سيئة، وأن هذا العمل لا ينفعهم أو ليس القرآن الكريم يقول: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ). وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى إنه سميع مجيب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد المحسن الباوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/07



كتابة تعليق لموضوع : لا تُبَخّل جواداً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net