صفحة الكاتب : فاضل حاتم الموسوي

أمـــام معركـة البصيـــرة 
فاضل حاتم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تمثل القيم الدينية في المجتمعات المتدينة ثوابت ومبادئ ينبغي أن يُتمسك بها , وأما الأشخاص والرموز يستحقون التقدير والاحترام والقداسة بمقدار التزامهم بتلك القيم . ولكن توجد شريحة في المجتمع ممن يتصفون بالتدين يعطون قداسة للأشخاص أكثر من ثوابتهم الدينية وهذا في الحقيقة خطر حذرت منه الشريعة الإسلامية , قال تعالى :﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾. ( التوبة : 31 ) . حيث تشير الآية انه إذا حصل تباين وعدم تطابق في السلوك بين الرموز الدينية والثوابت بما هو واضح ومع ذلك يتبع المجتمع الأشخاص فانه – الإتباع - شرك بالله تعالى وقيادة المجتمع نحو الدمار , فينبغي للإنسان أن يكون يقضاً غير مسلوب العقل . وهو ما أكدت عليه النصوص من أن المعول عليه في معركة البصيرة هو العقل السوي وإدراك الواقع إدراكاً دقيقاً وفهم النصوص والروايات فهماً صحيحاً ومعرفة الموقع والموقف الذي ينبغي أن يتخذ وليس المعول على كثرة العبادة والتنسك والاتكاء على العواطف والأهواء في ظل غياب العقل , ورد عن رسول الله (ص) انه قال : دين المرء عقلة ومن لا عقل له لا دين له . ( كنز العمال , 3 : 379 ) , وورد عنه أيضا (ص ) قال : إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله , فإنما يجازى بعقله . ( الكافي , 1 : 12 ) . 
وحين المرور بصفحات التاريخ نجد أن القادة والمصلحين سواء الإلهيين منهم أو غيرهم كانوا وما زالوا يعانون من هذه الشريحة والشواهد على ذلك كثيرة منها , أن الحارث بن حوط جاء الى الإمام علي (ع ) إبان حربه في معركة الجمل  وقد استعظم أن يكونوا على كبر منزلتهم  من أهل الضلال فتحير من ذلك فقال : أتراني أظن أن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة ؟ فقال الإمام علي (ع) : يا حارث انك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت , انك لم تعرف الحق فتعرف من أتاه , ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه . ( نهج البلاغة , حكمة : 262 ) , وكذلك ما حدث لأهل الكوفة حين ركنوا الى حالة الاستضعاف وقد ضيعوا الفرصة التاريخية من أيديهم غير ملتفتين الى نقاط القوة التي لديهم وانزلقوا الى المنحدر السحيق بتركهم مسلم بن عقيل والمختار الثقفي وغيرها من الحركات الإصلاحية لتغيير مسار الإحداث لصالح أهل البيت (ع) . 
 وفي العهد الحديث حيث المال السياسي والماكينة الإعلامية التي تبث سمومها يومياً بين أبناء المجتمع وأسلوب الترغيب والترهيب مازال نفس المسلسل الذي عانى منه  القادة الحقيقيون حيث تعرض كل فترة حلقة من حلقاته البائسة لفقدان البوصلة عند المجتمع تجاه التمييز بين إتباع القيادة الحقيقية من المصطنعة حتى يصبح المجتمع أتباعا لهذا أو ذاك دون وعي منهم ولا إدراك فتضيع القيم الدينية والمشاريع الإستراتيجية . 
إن مجتمعاتنا  تحتاج الى ثقافة الوعي والخطاب الهادف الذي يثير لدى الناس دفائن العقول ويؤكد على محورية العقل وإعماله في كل القضايا وهذا الدور تضطلع به المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى ثم يأتي دور المؤسسات التوعويه والاجتماعية واغتنام المواسم العبا دية والشعائر الدينية وعدم الاكتفاء بالحماس والاندفاع العاطفي فقط , وان كانت المهمة صعبة في هذه الظروف الخطيرة إلا أن النفوس الواثقة من مشروعها ستتغلب إن شاء الله بوعيها وتكاتفها .  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاضل حاتم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/23



كتابة تعليق لموضوع : أمـــام معركـة البصيـــرة 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net