صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

LIKE ولكن ؟!
جسام محمد السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


قال له: أرأيت عدد الاعجابات في صفحتي لقد فاقت الألف خلال اسبوع، فرد عليه: وهل هي أكثر من اعجابات موضوع واحد في صفحتي الشخصية؟!، لقد تجاوزت الألف في عدة منشورات لكل منها..

هذه حوارات نجد العشرات منها أو أشباهها هذه الأيام بين بعض من يتعاطون النشر في مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت)، ولا يتصور القارئ أننا ننتقد الأمر بمطلقه، بل لدينا ملاحظات ينبغي الالتفات لها، من باب التذكير، اذ قد يكون الكثيرون يعلمون بها، لكن نسوها لسبب أو لآخر، أو نسوا قول الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)( 36 الإسراء) ومن هذه الملاحظات:

1.       يجب أن نعلم بان الاعجاب بمنشورٍ ما أو الاعجاب بتعليق عليه من أحدهم في هذه المواقع، محكومٌ بأصول وقواعد لم تغفلها الشريعة المقدسة، حفظاً للحقوق، ومنعاً للظلم والعدوان، فللشريعة حكم في كل فعل وترك، إذ لا يجوز شرعاً الاعجاب بمنشور أو تعليق على منشور فيه قولٌ ضال أو خاطئ أو معلومة مُضللِة أو فضيحة أو غيبةً او بهتاناً او سخريةً أو لمزاً أو غمزاً او إرشاد إلى محرم أو أي امر محرم آخر، لأن الأعجاب يعني التأييد لهذا الفعل والقول وعليه مثل اثم الفاعل، وذلك للقاعدة المأثورة (من رضي عن فعل قوم اُشرك فيه) والمستلة من قول لأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام انه قال: (أيها الناس إنما يجمع الناس الرضا والسخط، وانما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لما عمّوه بالرضا) قال تعالى ( فعقروها فاصبحوا نادمين) (نهج البلاغة 2/207) وعنه: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان إثم العمل به، والرضا به) (نهج البلاغة 2/191)، ويبرر البعض وضع اشارة الاعجاب على صفحة ما بأنه يريد متابعتها وما تنشره من ضلال ليرد عليها فيما بعد، وهذه النية لا تكفي لأنه بوضع هذه الإشارة سيرشد أصدقائه ومن يعرفونه إليه، وستكون مشكلتين، الأولى أنه أرشد إلى ضلال أو حرام، والثانية أنه أصبح قدوة سيئة وترك للناس سبباً لاغتيابه وفتح على نفسه باب الشبهات، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه‌ السلام: من وقف نفسه موقف التهمة فلا يلومن من أساء به الظن (امالى الصدوق ص ١٨٢).

2.       لا تُقاس أهمية موضوع ما أو صفحة، بكثرة الإعجابات والتعليقات، فرُب منشور يحتوي حراماً ينال اعجاب الملايين، ويبقى منشور فيه هدايتهم يتيماً بلا اعجاب او تعليق!! وعلى ذلك فليكن همنا فعل الصحيح بغض النظر ان اُعجبوا به ام لا.

3.       من الخطأ والعجب أيضاً أن نجد البعض يُشارك موضوعاً في صفحته الشخصية أو غيرها من صفحة أخرى، دون أن يعرف أوزار هذه المشاركة ومنافعها، بل ويتسابق البعض في مشاركة المنشورات رغبة في ملأ صفحاتهم!!! بينما على الانسان العاقل تمحيص الموضوع وعرضه على الشريعة حتى لو كان كلمة واحدة في صورة، فربما يكون ضلال انسانٍ فيها، فتكون بنشرك اياها سبباً في ضلاله، فانتظر وتريّث حتى لا تتحمل وزر من سيضل الى يوم القيامة بسبب منشورك او تعليقك او مشاركتك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من يشفع شفاعة حسنة، أو أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، أو دل على خير، أو أشار به فهو شريك، ومن أمر بسوء أو دل عليه، أو أشار به فهو شريك (بحار الأنوار ج2/ 24).

ولقوله صلى الله عليه وآله " من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها " وقال في ضده " من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها " (بحار الأنوار - العلامة المجلسي (ج 71/ 204)).

4.       ليست العبرة في كثرة النشر بقدر ما تكون في نوعيته وفائدته، وعلينا أن نتذكر قول الله تعالى { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ( ق - 18)، ومن هنا نعرف خطورة نشر اللفظ ومشاركته، سواء كان منشوراً، أو صورةً أو مقال، ولنتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله (وهل يُكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم) (بحار الأنوار (ج 72/ 260))، وقول أمير المؤمنين عليه السلام (الكلام كالدواء قليله نافع وكثيره قاتل) (عيون الحكم والمواعظ- علي بن محمد الليثي الواسطي (ص: 56)).

5. علينا ان نتجنب ضياع حسناتنا بغيبة شخص أو جماعة أو بهتان ننشرها أو نشاركها في موقع تواصل اجتماعي، إذ أن ضررها سيكون مضاعفاً، ويتزايد تبعاً لمن يقرأها، وما أسرع انتشار الأمور السيئة بين الناس فضلاً عن النشر الالكتروني الذي يصل الى اصقاع الأرض خلال دقائق.

6. علينا ان نتجنب كلمة قد تكون سبباً في هلاك انسان في شرق الأرض أو غربها، فرب منشور نؤيده أو نشاركه يهلك بسببه انسان، فلنتق الله في كلماتنا، ولا نغتر بهامش الحرية الذي اُتيح لنا والذي جعل البعض أبطالاً من ورق، يسب هذا ويعتدي على ذاك، ويؤجج الغير ويسب رموزه وهو خلف لوحة المفاتيح كنمر من ورق، متناسياً أن انساناً بريئاً قد يكون ضحية هذا المنشور،  فعن أبي جعفر عليه السلام، قال : «إنَّ الرَّجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم، فيقول : والله ما قتلت ولا شركت في دم، فيقال : بلى ذكرت عبدي فلاناً، فترقى ذلك (فترقى ذلك : أي : رفع، والحديث ناظر إلى وجوب كتمان السّر عند احتمال الضرر في افشائه)حتى قُتل، فأصابك من دمه» (وسائل الشيعة 29 : 17 | 1 باب 2 من أبواب القصاص في النفس).

7. قد يعمل منشور على افشاء فاحشة او إثارة الشهوة المحرمة، فليبتعد أصحاب المعاصي فضلاً عن غيرهم، عن نشر ما يزيد خسرانهم، وليكتفوا – ان لم يتوبوا- بما يفعلون لا أن يروجوا له، وأن لا ينشروا أو يشاركوا أو يعجبوا بصورٍ وأفلامٍ ستكون وبالاً عليهم يوم القيامة، فقد قال تعالى ({إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النور: 19]، إضافة لحديث من سن سنة سيئة .

وعلى ذلك كله، فمن منا يتحمل وزرا الى يوم القيامة، يقوم به آخرون، فقط لأنه كان السبب في نشر الوزر والترويج له؟!!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/19



كتابة تعليق لموضوع : LIKE ولكن ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net