خواتم السور وهي ما تختتم به سور القران الكريم وهي آخر ما يقرع ادإسماع المتلقي من آيات السور.
وخواتم جمع خاتمة وكذلك خاتمات وخواتيم
(خاتمة السورة: آخرها . وخاتِم العمل وكل شيء: آخره.)(١)
ولان (الاعمال بالخواتيم)(٢) ينبغي ان يكون الختام مناسبا لحسن الابتداء وملخصا لما تم عرضه في الايات ليكون ختاما محكما قويا.
ولان هناك ترابطا وثيقا بين فواتح السور وخواتمها فيمكن تمثيل الفواتح بالمفاتيح التي تفتح موضوعات السورة ومقاصدها، وتمثيل الخواتم بالاقفال التي تحكم غلق تلك الموضوعات بشكل بليغ وحاسم لا يستوجب الكلام والسؤال بعده.
و(هي ايضا مثل الفواتح في الحسن لانها اخر ما يقرع الاسماع فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة مع ايذان السامع بانتهاء الكلام حتى لا يبقى معه للنفوس تشوق الى ما يذكر بعد، لانها بين ادعية ووصايا وفرائض وتحميد وتهليل ومواعظ ووعد ووعيد الى غير ذلك...)(٣)
وتعددت انواع خواتم السور في القران بما يخدم موضوع كل سورة ويناسب افتتاحيتها نذكر منها على نحو المثال لا الحصر:
١- تعظيم الله تعالى
ويكون في الخواتم على هيئة تسبيح او تهليل او بيان قدرته وعظمته وصفاته كما في سورة المائدة وسنأتي على ذكرها لاحقا لانها تتوافق ايضا مع فاتحة سورة الانعام التي تليها.
وقد يكون عن طريق خطابه لرسوله الكريم ص كما في سورة الضحى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ*وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) الايات٩-١١
او قد يكون بالتحميد كما في خاتمة سورة النمل (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93))
او بالتبريك (تبارك) كما في خاتمة سورة الرحمن (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)).
٢- الوعد والوعيد
وهنا يكون ختام السور اما بالوعد بالجنة ونعيمها او الوعيد بالنار وعذابها بما يناسب موضوعات السور.
كالوعد بالمغفرة والاجر العظيم في ختام سورة الفتح (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29))، وكالوعيد بالنار كما في سورة البلد (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)).
٣- تسلية رسول الله ص كما في ختام سورة يونس (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)).
٤- مدح القران ووصفه كما في خاتمة سورة يوسف (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(111))
٥- الرد على تكذيب الرسول ص كما في خاتمة سورة الرعد (ويَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ(43))
ويجدر الاشارة ايضا الى الرابطة الوثيقة بين خواتم السور وفواتح السور التي تليها وانها ضرب من اعجاز القران الكريم مثل:
*مناسبة ختام سورة المائدة (لله ملك السموات والارض وما فيهن وهو على كل شيء قدير)(المائدة/١٢٠) مع فاتحة سورة الانعام (الحمد لله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)(الانعام/١)
* وكذلك ختام سورة يونس (واتبع ما يوحى اليك واصبر حتى يحكم الله وهو هير الحاكمين)(يونس/١٠٩) مع بداية سورة هود(الر كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير)(هود/١).
وبلحاظ ما تقدم تتبين عظمة القران وسر من اسرار اعجازه في فواتح السور وخواتمها والترابط الكبير بينهما في السورة الواحدة وفي السور المتتالية.
(١) العين، الفراهيدي، ج١، ص٣١٧.
(٢) ميزان الحكمة، الريشهري، ج٣، ص٣.
(٣) الاتقان في علوم القران السيوطي، ج١، ص٣٥٥.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat