صفحة الكاتب : علي علي

لنذكرهم بالوطن
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نقـِّل فؤادك حيث شئت من الهوى         

           مـا الحـب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفـه الفتـى

           وحنيـنـه أبـدا لأول منـزل

  ليس على أرض المعمورة مخلوق إلا وله بيت ترعرع ونشأ فيه، وطبع في نفسه الحنين اليه مهما جاب البلدان وتنقل في الأمصار، ففي عالم البحار على سبيل المثال، نرى كيف تقطع أنواع من الأسماك والحيتان آلاف الكيلومترات رجوعا الى موطن آبائها لتضع بيضها هناك، وتفقس الأخيرة بدورها وتكمل دورة الحياة، وتقطع مرة أخرى مسافات عبر المحيطات والبحار لتعيش في نفس مكان آبائها، وتمارس فعالياتها الحيوية كأسلافها.

  كذلك في الطيور التي نراها في موسمي الربيع والخريف أسرابا بارتفاعات شاهقة في كبد السماء، قاصدة موطنها الأم عبر الجبال والصحارى، لتكرر نفس الفعاليات الحياتية في وضع البيض، وهذا ديدن الحياة. ونحن بني آدم الذين سخر الله لنا (ما في السماوات وما في الارض)، لنا في مشارقها ومغاربها وسهولها وجبالها أماكن تأقلم كل قوم فيها على ماوفر له الخالق بارضها ومائها وسمائها، ذاك هو الـ (وطن) وكلنا نشترك في حبه والحنين اليه، ولامناص لنا من تفضيله -من حيث نشعر ولانشعر- على بلدان العالم جميعها.

  ومفردة الوطن لها مرادفات عدة في لغات العالم جميعها، أما ساحرتنا اللغة العربية ففيها لكل جنس من المخلوقات تسمية لموطنه، فالوطن للإنسان، والعطن للبعير، والعرين للأسد، كذلك باقي الأنواع، فيقال: وجار الذئب والضبع، وكناس الظبي، وعش الطائر، وقرية النمل، وكور الزنابير، ونافقاء اليربوع. والطيور هي الاخرى لكل صنف منها اسم لموطنه، حيث يطلق على ما يضعه الطائر على الشجر وكر، فإن كان على جبل أو جدار فهو وكن، وإذا كان في كِن فهو عـِش، وإذا كان على وجه الأرض فهو أفحوص. وتحصيل حاصل، فالوطن صغر أم كبر! مرعى كان أم ارضا جرداء! جبلا أم واديا! فهو وطن نحنّ اليه ونذود عنه ونلوذ به، وقطعا تتنامى في تكويناتنا الشخصية تبعا لهذا مشاعر وأحاسيس، تنفرد بعشق الوطن حد التعلق به، ولن تبرح هذه المشاعر نفوسنا حتى نوارى في الثرى. وقد تغنى في حب الوطن كثيرون لايقف عندهم عد، ولاينتهي بهم حساب. فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي ينشد في وطنه:

وطني لو شغلت بالخلد عنه

            نازعتني اليه بالخلد نفسي

ويقول الكاتب الاسكتلندي توماس كارليل: "جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، لكن الأجمل أن يحيا من أجل هذا الوطن".

أما الجاحظ فقد قال في رسالة الحنين إلى الأوطان: "كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه".

 فعجبي لمن يملك أوراقا ثبوتية تؤكد نسبه الى بلد، وجنسية تشهد انتماءه له، فيما نفسه لاتتوق الى العيش فيه ولاتود رقيّه وتحضره واستقراره وازدهاره، وأسفي أن يكون في بلد مثل العراق أناس يرون ان أصغر الحيوانات تستميت من أجل موطنها، وهم يعتبرون العراق محطة أو (كشكا) يتبضعون منه ويرحلون، هم الذين يتجسد فيهم بيت الشعر:

نحن انتمينا إلى تاريخنا بدم     

             وآخرون على تاريخهم بصقوا

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/20



كتابة تعليق لموضوع : لنذكرهم بالوطن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net