صفحة الكاتب : شعيب العاملي

ضجيجٌ في السماء ! لِقَتلِ إمام الأوصياء !
شعيب العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ.
وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ !
 
كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا.. وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ !
 
فقرتان من إنجيل مَتّى (27: 51) ولوقا (23: 44)، تذكران ما حلّ بالدّنيا يومَ رُفِعَ المسيح منها! وإن زعم مَتّى أنّه عليه السلام قد (أَسْلَمَ الرُّوحَ).
 
هو حَدَثٌ كونيٌّ عظيمٌ (إن صَحَّت الواقعة) وليس ذلك ببعيد..
به يَظهرُ تسخيرُ الله الكونَ للإنسان الكامل، وانقياده له على أكمَل صورة لو أراد، ثم تأثُّره به لو كان لله ولياً ومنه قريباً.
 
كان تاريخ ذلك الحدث: ليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك !
 
ليلة شهادة أمير المؤمنين عليه السلام !
 
فأيُّ صِلَةٍ بين الأمرين؟!
 
أولاً: عليٌّ.. وسلسلة الأنبياء.. والأوصياء !
 
لقَد أشارَ أميرُ المؤمنين عليه السلام قبيل شهادته إلى نوعِ صِلَةٍ بين منظومة الأنبياء والأوصياء.
وأنّ ما جرى عليه من ضربٍ وشهادةٍ وافَقَ أحداثاً جرت على من تقدّم عنه من أنبياءٍ وأوصياء، ففي الخبر عنه عليه السلام:
 
1. لَقَدْ ضُرِبْتُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ.
2. وَلَأُقْبَضُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُفِعَ فِيهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ‏ (شرح الأخبار ج‏2 ص435).
 
ثمّ لمّا استشهد عليه السلام خطب الإمام الحسن عليه السلام وزاد الأمر وضوحاً فقال عن ليلة شهادته:
أَيُّهَا النَّاسُ:
1. فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ نَزَلَ الْقُرْآنُ.
2. وَفِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رُفِعَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (ع).
3. وَفِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قُتِلَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ.
4. وفِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مَاتَ أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) (الأمالي للصدوق ص319).
 
وقال في حديثٍ آخر:
وَلَقَدْ صُعِدَ بِرُوحِهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي صُعِدَ فِيهَا بِرُوحِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا (مناقب آل أبي طالب ع ج‏3 ص313).
 
ثمّ بيّن الأئمة عليهم السلام أن الليلة الواحدة والعشرين:
 
1. هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُصِيبَ فِيهَا أَوْصِيَاءُ الْأَنْبِيَاءِ.
2. وَفِيهَا رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (ع)
3. وَقُبِضَ مُوسَى (ع) (تهذيب الأحكام ج‏1 ص114).
 
فاقترنت ليلة شهادته بنزول القرآن الكريم أولاً، وهو معجزة الرّسول الخالدة.
وبما وقع على الأنبياء والأوصياء..
 
فصارَ وقتُ شهادته وقت قُبِضَ موسى ويحيى بن زكريا، ورُفع عيسى ! وليلته ليلة الأنبياء والأوصياء.. إصابةً وقتلاً..
 
ثم من بَعدِ ذلك صار ضجيعَ أبوي البشر: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوح‏ !
 
فمَن أنت يا عليّ ؟!
يا سرَّ الله في أرضه..
يا ركن الهدى وعروة الله التي لا تنفصم..
 
ثانياً: ضربةٌ ترتجّ لها الأرض !
 
ما بين ليلة الضربة، وليلة الشهادة.. أحداثٌ عِظام..
خَفِيَ الكثيرُ منها.. وبلغنا اليسير..
 
وإذا كان متّى ولوقا يتحدّثان في إنجيليهما عن زلزلة الأرض وتشقُّق الصخور، وظلمة الشمس، وقَد رُفِعَ عيسى ولم يُقتَل كما نصّ القرآن، فما حال الدُّنيا عندما ضُرِبَ إمام الأوصياء ونَفسُ خاتَم الأنبياء ؟!
 
وأين عيسى ذو الحرفين منك يا حامل حروف اسم الله الأعظم خلا ما حجبه الله تعالى ؟!
 
ورد في الخبر: ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا ضَرَبَهُ الْمَلْعُونُ:
1. ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ.
2. وَمَاجَتِ الْبِحَارُ وَالسَّمَاوَاتِ.
3. وَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ.
4. وضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ بِالدُّعَاءِ.
5. وَهَبَّتْ رِيحٌ عَاصِفٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ( بحار الأنوار ج‏42 ص282).
 
لئن كانت الأرض قد تزلزلت وارتجّت عند رفع عيسى وضَربِ علي عليهما السلام، فما حال السماوات وقد (مَاجَتِ) لضربه عليه السلام ؟!
ومَن ذا الذي يفهم ويُدرك كيف ماجت بسُكّانها وهم من أقرب خلق الله إليه ؟!
 
لقد ورد في دعاء أوّل يوم من شهر رمضان: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ:
1. تَرْعُدُ السَّمَاءُ وَسُكَّانُهَا.
2. وَتَرْجُفُ الْأَرْضُ وَعُمَّارُهَا.
3. وَتَمُوجُ الْبِحَارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَرَاتِهَا (تهذيب الأحكام ج3 ص110).
 
فماذا أصابَ السماء وسكّانها، حتى ماجت والبحارُ لضربته، وهي التي ترعد وتموج من خشية الله !
 
هل خَشِيَت غَضَبَ الجبّار عندما ضُرِبَ الكرّار ؟!
ذاك عالمٌ لا نفقهه..
 
لكنّا نُدرك عجزنا عن إدراك مكانتك يا علي.. وقد ماجت السماوات وارتجّت الأرض عندما ضُربَ إمامُها وإمامُ مَن فيها ؟!
لقد عمّ السماءَ ضجيجُ الملائكة بالدعاء..
فمَن أنت يا عليّ؟! يا إمام الأوصياء..
 
ثالثاً: دماءٌ في السماء !
 
وجاءت لحظة الوداع.. وداع الحسنين وزينب لأبيهما..
 
يصف محمد بن الحنفية تلك الساعة فيقول: فلما أظلم الليل تغيَّرَ أفق السماء وارتجّت الأرض ( بحار الأنوار ج‏42 ص293).
 
ويقول ابن عباس: لَقَدْ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْأَرْضِ بِالْكُوفَةِ فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَماً (مناقب آل أبي طالب عليهم السلام لابن شهرآشوب ج‏2 ص346)
 
وعن الإمام الباقر عليه السلام:
لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا عَلِيٌّ (ص) لَمْ يُرْفَعْ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ (قصص الأنبياء عليهم السلام للراوندي ص143).
 
هي المنظومة نفسها، جرى في هذه الليلة ما جرى يوم فَقد هارون ويوشع، ويوم رُفِعَ عيسى، ويوم استشهد الحسين عليه السلام.
جماداتٌ تأبى أن تودِّعَ إمامها بغير الحزن والألم، ألمٌ يعتصرُ البشرَ والمَدر لفقد سيّد الأوصياء.
 
جَمادٌ له نوعُ إدراكٍ يفوق إدراك الجُهّال ! وتسليمٍ لا يبلغ شأنه المشكِّكون !
 
هكذا يتغيَّرُ أفق السماء وتمطر دماً، فيما تقسو قلوبٌ فلا تعتصِرُ ألَماً لفقدك يا عليّ !!
 
 
رابعاً: عليٌّ أعظم العُظماء !
 
تضجُّ السماء وترتجّ البلاد لأجل عليّ.. لكنه مطمئنٌ يرمق السماء بطرفه، ولسانُه يسبّح الله ويوحّده ويقول: أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ الرَّفِيعَ الْأَعْلَى !!
 
تتساقط قطراتٌ من دموع الحسن عليه السلام على وجهه الشريف.. فيقول له:
 
يَا بُنَيَّ يَا حَسَنُ مَا هَذَا الْبُكَاءُ !
يَا بُنَيَّ لَا رَوْعَ عَلَى أَبِيكَ بَعْدَ الْيَوْمِ !
 
هَذَا جَدُّكَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى وَخَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ وَالْحُورُ الْعِينُ مُحْدِقُونَ مُنْتَظِرُونَ قُدُومَ أَبِيكَ فَطِبْ نَفْساً وَقَرَّ عَيْناً !
وَاكْفُفْ عَنِ الْبُكَاءِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ !
 
يَا بُنَيَّ أَ تَجْزَعُ عَلَى أَبِيكَ وَغَداً تُقْتَلُ بَعْدِي مَسْمُوماً مَظْلُوماً !
 
وَيُقْتَلُ أَخُوكَ بِالسَّيْفِ هَكَذَا ! ( بحار الأنوار ج‏42 ص283).
 
طابَت نفسُك وقرّت عينُك يا إمام الأوصياء.. يا نفسَ محمد..
لكن مَن للحسن والحسين مِن بعدك؟ مَن لِزَينب؟ مَن للأرامل واليتامى ؟!
 
عَرَفَ شيئاً من عظمتك جبرائيل فقال:
تَهَدَّمَتْ وَاللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَى !
 
فإنا لله وإنا إليه راجعون
 
العشرون من شهر الله المبارك 1442 هـ
الموافق 3 - 5 - 2021 م


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شعيب العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/03



كتابة تعليق لموضوع : ضجيجٌ في السماء ! لِقَتلِ إمام الأوصياء !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net