صفحة الكاتب : صباح منصور

( من تكبر شتصير ) بعض النجاح فشل
صباح منصور

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 هناك حاسة مغيبة عند كل انسان بالرغم من انه يستخدمها في كل مراحل حياته ويسعى لها بكل ما أوتي من مواهب وامكانات الا وهي حاسة ( الطموح ) .

فطموح الانسان وامنياته تتجه وفق كل ماهو شائع وليس مع كل ما يتناسب وقدرات الانسان ومقدار نجاحه في المضمار الذي يلائم تصنيفه العقلي والعضلي وحتى مقدار الكسب المادي لهذه المهنة او تلك .

مذ كنا صغارا كان هناك سؤال ازلي ولا يزال يطرح على الصغار وهم في المراحل الاولى من الدراسة ( من تكبر شتتمنى تصير ) واكثر الإجابات هي معبأة أوتوماتيكيا في الأذهان من قبل الاسرة والمجتمع وليس وفق مقاييس بناء المجتمعات او تصانيف النجاح لباقي الامم المتطورة.. وتزج في ذهن الصغير مهنة الطب على انها هي النجاح فقط ومادونها هو فشل او نجاح لكنه من الدرجة الادنى والتصنيف الاقل .. وكأن هذه المهنة هي من رهنت صفة النجاح واصبح اللا نجاح ملازما لجميع التخصصات و باقي الالقاب العلمية الاخرى وهو العكس تماما عند جميع بلدان العالم الاول .. بينما نرى مجتمعنا يتغافل عن الكثير والكثير من التفوق في كل المجالات التي تاتي قبل الطب احيانا في رسم ابجديات الحياة .. فعندما يقارن اي تخصص مهم مع اختصاص الطب تجده يضع الطب في مقام وكل المهن الاخرى في مقام ٱخر وهي تتقاسم التصنيف فيما بينها كونها لا تدخل معه بنفس التصنيف .. وكل ذلك تأتى بسبب ترسخ افكار أحادية الاتجاه في الفكر المحلي وناظر المجتمع على ان الطبيب هو الارقى والاكمل مع علمنا ويقيننا باهميته وحاجة المجتمع اليه وهو ركن مهم مع اركان بناء المجتمع الثلاث ( التعليم والاقتصاد والقانون ).

بينما نجد الحياة بحاجة يومية الى من ينظمها اقتصاديا وعمرانيا وتعليميا وتنمويا وقانونيا .

قبل فترة قريبة زارنا في المدرسة احد أولياء الامور وكان رجل كبير في السن وذا هيبة ملفتة ووقار فخم وأناقة تامة.. كان يتكلم بالقليل لكن كلامه مليء بالحكمة والرصانة ودسومة الخبرة .. فكان الحديث كالمعتاد عند العراقيين جميعا عن أحوال المجتمع وعن المشاكل التي تعصف بالأجيال الحالية وقد اختزلها بسبب واحد وهو إسقاط هيبة المعلم في عين المجتمع .. وعندما سقطت هذه الهيبة اصبح كل اسم وعنوان وراءه مستباح .. كون المعلم هو السور الحصين لكل المهن و هو من يزرع في أذهان الصغار اهمية ومعنى باقي المهن و مادام هذا السور قد هتكت أبوابه فلا حرمة لاي مهنة بعده .. وأضاف ايضا في محتوى حديثه انه تخرج من الخامس الإعدادي بمعدل 90٪ في ستينيات القرن الماضي وكان مؤهلا ان يدخل كلية الطب ولكنه اختار مهنة التعليم كونها كانت من المهن المحببة لدى المجتمع آنذاك وكان الجميع ينظر لها بقدسية واحترام ناهيك عن الثقافة التي يحملها المعلم في حينه فكثرة الاحتكاك بمجتمعه والمجتمعات الاخرى نتيجة السفر الى بلدان العالم ولمرتان في السنة على اقل تقدير جعلته موسوعة متنقلة من العلوم وأن أغلب علماء ذلك الزمان كانوا من المعلمين .. لذلك استطاع ذلك الجيل بناء أجيال ناجحة ثقافيا وعلميا واكاديميا أسهمت في جعل العراق بلدا متقدما على جميع بلدان المنطقة في تلك الفترات .. بينما نرى الان كل المجتمع يحث ابناءه من اجل مهنة واحدة ولغرض مادي فقط ويوظف كل امكاناته نحو هذه المهنة وهي الطب مما خلق تخمة كبيرة غلب فيها الكم على النوع وتغاضى وقلل من قيمة مهن اخرى تتشارك معه في الاهمية كالاقتصاد والهندسة والقانون والزراعة والصناعة والتجارة و الجيش والتي بسبب عدم الاعتناء بها تحول البلد الى خراب دائم ودمار مستمر .. نعم .. قد يفشل الانسان في دخول كلية الطب ولكنه سينجح في دخول كلية اخرى كالادارة والاقتصاد على سبيل المثال ويوظف قدراته ومعلوماته ليرسم خطة اقتصادية ناجحة تضمن حياة كريمة للطبيب ولكل افراد المجتمع .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صباح منصور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/20



كتابة تعليق لموضوع : ( من تكبر شتصير ) بعض النجاح فشل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net