قد لا اتفق مع السيد المالكي في الكثير من سياسات حكومته وقد لا اوافقه في الكثير من توجهاته وقد لااكون احبه ايضا لكن مع ذلك اقول رفقا به، لايجوز ان نتجنى على الرجل فنحمله كل اخفاقات السنوات
الاربع الماضيه كما لايجوز ان نفرط في حسن الظن فننسب اليه كل ما تحقق من انجازات ايضا
سنوات ولايته السابقه كانت متخمة بالازمات التي لم يجد لها حلولا شافية، فلم تتحسن الخدمات الاساسيه ولا توفرت فرص العمل لجيوش العاطلين ولا تطورت البنى التحتيه التى دمرتها الحروب المتلاحقه
الكهرباء في تدهور والتعليم يتردى والبطاقة التموينية ماتت وشبعت موتا من ايام سيء الذكر وزير التجارة السابق
الفساد تغلغل في كل مفاصل الدوله والمصالحه الوطنيه بقيت حبرا على ورق والمحاصصه الطائفيه شملت حتى عمال النظافه والفراشون في المدارس
بالمقابل فقد تحققت انجازات مهمه على الصعيد الامني بعد فترة العنف الطائفي التي احرقت الاخضر واليابس وجعلت العراقيين لاجئين ومغتربين داخل حدود بلدهم
الامن تحسن في معظم مناطق العراق وتساقطت اغلب قيادات القاعده بيد القوات الامنيه وعاد اكثر المهجرين والنازحين الى مناطق سكناهم
لكن الحق يقال ليس السيد المالكي هو المسؤول الوحيد عن كل الاخفاقات وليس من العدل ان تنسب اليه وحده تلك الانجازات
السيد المالكي يقود مايشبه سفينة نوح مع الفارق ان سفينته متعبة مترنحة منخورة البدن محطمة الالواح ممزقة الاشرعه، تمر في بحر غاضب مزمجر وتتقاذفها الرياح من كل جانب ويعتلي ناصيتها من كل زوجين بضع مئات من المتمردين والمشككين والمتربصين والمعرقلين والمعارضين والمعاندين والانفصاليين والطائفيين وحتى القتلة و الارهابيين
لست من محبي السيد المالكي لاسباب يطول شرحها ومع ذلك اقول رفقا به وامنحوه فرصة حقيقية فهو كراكب الاسد يحسده كل من يراه وهو اعلم بخطورة مركبه
كيف يستطيع هذا الرجل ان يقود بلدا تحكمه كل هذه التناقضات ويقوده كل هؤلاء المتناقضين؟ اي بلد هذا الذي يضم كل هذه القوميات والاديان والمذاهب والاراء السياسيه والتوجهات الفكريه والميول والرغبات والولاءات والانتماءات ؟
من عجائب العمليه السياسيه في العراق ان السيد المالكي يقود حكومة لا يشكل اغلبيتها مناصروه ومؤيدوه كما هو مفترض بل يكون قسمها الاكبر من مناوئيه ومعارضيه ومن لايتفقون معه فأي حكومة غير متجانسة هذه؟وكيف له ان يسير امورها وكيف لها ان تسير امورهذا الشعب الذي مسه الضروتكاثرت عليه النكبات بسبب توالي الحروب والازمات
اي حكومة هذه التي تضم الجميع دون استثناء؟ وتشمل كل الفائزين مهما كان حجمهم او ثقلهم السياسي؟ وكيف لحكومة ان تجمع الاسلاميين واليساريين والعلمانيين والسلفيين والقوميين والبعثيين والشيوعيين والاصوليين والانفصاليين والوطنيين والارهابيين حول مائدة واحدة؟
وليت شعري كيف له وحكومته تضم الاكراد بمطالبهم ومطالباتهم والصدريين بشغبهم واعتراضاتهم والمجلسيين والبدريين باختلاف توجههم وتشعب مداخلاتهم والسنة بشكاواهم وتظلماتهم كيف له ان يوفق بين كل هؤلاء ويمارس سلطاته الدستوريه دون قيود وعقبات وعراقيل
امر الشعب المسكين المغلوب على امره سهل يسير ولكن انى للسيد المالكي ان يرضي أويسترضي السادة النواب الذين اغضبوا رئيس مجلسهم في اول خمس دقائق من الجلسه الاولى بسبب عدم انضباطهم وارتفاع اصواتهم وكثرة اعتراضاتهم مما جعله يغادر كرسيه غاضبا ويترك القاعه التي ماعاد اليها الابعد التي واللتيا
اي معجزات ننتظر من السيد المالكي ان يحققها لنا بوجود مثل هذه التشكيله التي لا يشبه بعضها بعضا؟ كيف له ان يحاسب وزيرا مقصرا او مديرا عاما مرتشيا او مسؤلا فاسدا ؟فضلا عن ان يستطيع اقالتهم او احالته الى القضاء
اذا كانت المحاصصة التوافقيه وهي نظام مضحك وعجيب من الانظمة السياسية التي لا تطبق الا في العراق قد فرضت على السيد المالكي ان يضم الى حكومته من يحبهم ويرغب بهم ومن يكرههم ولا يطيق رؤيتهم والذين يؤيدونه ومن لا يتفقون معه ومن يناصرونه واولئك الذين يعادونه فأي خير نرتجيه مما سيأتي به الزمن خلال السنوات الاربع القادمه
قد لا يكون المالكي اقدر من غيره على ادارة امور هذا البلد المضطرب وقد يكون هناك من يفوقونه كفاءة ومقدرة ولكن مادخل الكفاءة الادارية والمهارة بمنصب تحكمه وتتحكم فيه المحاصصة الفئويه والتوافقات السياسيه؟
الشعب البسيط الذي اجلس سياسيونا في مقاعدهم الوثيرة يريد من السيد المالكي ان يكون كفوءا في تقديم الخدمات الاساسيه وحل الازمات الاقتصاديه واصلاح البنى التحتيه وتوفير فرص العمل وبناء بلد قوي امن مزدهر ينعم فيه جميع ابناءه بالامن والامان والرفاهيه في حين ان الكتل السياسيه التي ستصوت للسيد المالكي بالثقه تريد منه تنفيذ كل او اغلب توجهاتها السياسيه وتريد منه اكبر ما يمكن الحصول عليه من المناصب والمكاسب ضمن حسابات المحاصصه والتوافق التى اصبحت العمود الفقري للعملية السياسيه في العراق فكيف يستطيع هذا الرجل ان يوفق او يوافق بين هذين الامرين في الوقت عينه؟
لن يحالف السيد المالكي النجاح الذي افتقده في حكومته السابقه مادام الامر هوهو لم يتغير بل ربما ازداد سوءا
كل المؤشرات التي نستنتجها الان من خلال قرائتنا لما يجري تدل على ان حكومة السيد المالكي القادمه ستكون اضعف واقل تماسكا واكثر تباينا من حكومته السابقه وتدل على انه سيجد مشقة كبيره في تمرير ما يريده من افكار وتصورات
كل المؤشرات تدل على ان المقاطعه والتهديد بالمقاطعه واثارة الافتن والاضطرابات بوجه حكومته وعرقلة مشاريع القوانين في مجلس النواب ستكون ابرز سمات المرحلة المقبله
كل المؤشرات تدل على ان المحاصصة السياسيه والطائفيه ستصبح عرفا سياسيا وستجعل من العراق لبنانا اخر ولكن على نحو اشد وضوحا واكثر شمولا
كل المؤشرات تدل على ان الفساد سيتغلغل اكثر وسيضرب كل مفاصل البلد السياسيه والاداريه
كل المؤشرات تدل على ان العمليات الارهابيه ستستمر كما هي وربما سنشهد زياده عددها وتطورا نوعيا في اساليبها وستبقى التجمعات الفقيرة واماكن العبادة اغلب اهدافها وتضل الاقليات الدينيه اكثر ضحاياها
اذا كانوا يريدون من المالكي ان ينجح فعليهم ان يعطوه فرصه حقيقيه لان يعمل ويقدم لنا ما بحوزته واشدد انها يجب ان تكون فرصة حقيقية وليست فرصة اسقاط فرض
السيد المالكي لا يملك عصى سحريه ولا يحتاج اليها بل يحتاج دعما سياسيا يمكنه من العمل، يحتاج الى ان يستبين له من هم معه ومن هم ضده وبعد ذلك يحتاج الى ان يصبرون عليه قليلا ليروا ما عنده وما يستطيع ان يفعل
انا لا احب هذا الرجل لكني ارفع صوتي عاليا واقول
اعطوه فرصه
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat