صفحة الكاتب : نايف عبوش

ثقافتنا العربية الراهنة.. تحديات المعاصرة ومتطلبات الأصالة
نايف عبوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يعيش المشهد الثقافي العربي الراهن، ارتباكا واضحاً، وتخبطا مقلقا، يتمثل في انبهاره بمعطيات ثقافة العصرنة الصاخبة، السائدة حالياً في فضاء بيئة المدنية الغربية المعاصرة، حيث بات يفتقد، إن لم يكن قد ضل طريقه، في تلمس هوية ثقافية ذاتية مستقلة، تميزه في نتاجاته الإبداعية، عن ثقافة الغير، وبالشكل الذي ينبغي أن يحقق له خصوصيته المتميزة، في هذا المجال .

ولعل هذا الانبهار المطبق، والهوس المفتون بثقافة الآخر، ترتب عليه ضياع واستلاب حضاري، وليس مجرد ثقافي فقط ، أدى إلى شحة الابتكار، وفقدان الإبداع، وغياب التجديد ، في الساحة الثقافية والأدبية العربية، بشكل خاص ، ولذلك فإن المشهد الثقافي العربي الحديث، بتماهيه مع الغير، بات مشوها، وليس فيه شيء من ملامح خصوصيته الأصلية ، سوى شكل الأحرف والكلمات التي يكتب بها النتاج الثقافي الراهن، بعد أن باتت تحكمه معايير المناهج التفكيكية الغربية المنشأ، لآداب، وذوق ثقافة أخرى، غريبة تماماً، عن بيئة الثقافة الأم .

ولعل ما زاد الطين بلة، أن مناهج النقد التفكيكية التي اعتمدها المشهد الثقافي العربي في التناول، مارست دور معول هدم  لمقومات بيئة الثقافة العربية الراهنة، وبشكل غيب ثقافتنا، وعمل على تنحيتها من التداول ، بعد استبدالها بمفاهيم رطانة الآخر، حتى وان كان الأمر غير مقصود، الأمر الذي أدى إلى هدم، وتقويض المتراكم من موروثنا الثقافي، والمعرفي، حتى صار مدار استخفاف أهله به .

ولذلك فإن المطلوب أن يتم تبني نهج ثقافي ابداعي خاص، يكون له آلياته الخاصة ، في التلقي والتداول والنقد، بعيدا عن مثالب، وسلبيات المناهج التفكيكية المستوردة، التي تظل أدوات هوية معارف، وثقافة أخرى، وتعكس شخصية، وفكر الطرف الذي ابتدعها.

ومن هنا فإن اعتماد صيغة التفاعل مع ثقافة العصرنة، وليس التبعية،والحذو، والذوبان ، وفق آلية مثاقفة واعية، وبالشكل الذي يضمن التفاعل أخذا وعطاء وانتقاء،ورفضا، هو الطريق الأمثل للحفاظ على الخصوصية الثقافية، إذ ليس كل ما يبتدعه الآخرون، يصلح لغيرهم، بالضرورة، بذريعة المشترك الإنساني، حيث يبقى لكل طرف، وفي كل الأحوال، خصوصياته الذاتية، وانشغالاته الخاصة .

ولا ريب أن التفاعل القائم على خيار التواصل الموجب، مع مناهج وثقافة الغير، ورفض السالب منها ، هو نهج يحفظ الهوية، ويعزز الخصوصية، وذلك من خلال منهج مستقل، يتفاعل مع إنجازات الفكر الغربي بوعي مسؤول ، ومن غير انبهار ، ولا تصاغر أمامه مهما كانت سطوته، ويحاكمه بمعايير خصوصية الهوية الحضارية العربية الإسلامية ، ونقاء أصالة المتراكم مما ابدعته معارفها، ولاسيما في صفحات ازدهارها ، وبالشكل الذي يجسد ملامح خصوصية الهوية الثقافة العربية بابداعاتها المعاصرة، ويحافظ على نقائها، من كل زيف واستلاب، مهما كانت الذرائع..
 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نايف عبوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/20



كتابة تعليق لموضوع : ثقافتنا العربية الراهنة.. تحديات المعاصرة ومتطلبات الأصالة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net