صفحة الكاتب : حسين فرحان

كورونا وعقارب الساعة البيولوجية .. 
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عندما تتحول وجبات الأفطار الى وجبات غداء، وتحتل وجبات الغداء أوقاتا ليلية لم تعهدها من قبل، فاعلم أنك في زمن كورونا ..
وعندما يضطرب نومك فتصبح مساء وتمسي صباحا وتشاطر الخفاش يقظته، فاعلم أنك في زمن كورونا .. 
وعندما تخرج بعد منتصف الليل وتجد صاحب الأسواق ينتظرك وهو يرتدي كمامته لتشتري لصغارك الحلوى أو ما يتسلون به وهم منكفئون على هواتفهم حتى مطلع الفجر فاعلم أنك في زمن كورونا .. 
إنها ساعتك البيولوجية امتدت لها يد هذا الفيروس سيء الصيت لتعبث بأعداداتها، فأخرجتك مكرها من تلك الجدولة الزمنية التي طالما كنت تحلم بطريقة للتمرد عليها، وها هو كورونا يقدمها لك على طبق من قلق .
تمرد كما شئت فالكل يجيز لك التمرد .. نم وقتما تشاء .. استيقظ وقتما تشاء .. أخرج البطاريات من الساعات الجدارية، بل اقتلع عقاربها واحتفظ بها في مكان تنعم فيه بالسكون بعد أن كانت تنافسك في مضمار حياتك فأنت لم تدركها يوما بسبق ..اتركها تأخذ قسطا من الراحة واسترح أنت من صوتها المنتظم الى حد الملل ، إنك لم تعد بحاجة إليها لتعرف موعد عملك ..أو نومك .. أو التزاماتك .. حتى مواعيد المباريات لم تعد تهمك فهي قد تلاشت من على شاشات القنوات المشفرة والتزم ميسي ورونالدو بالحظر خشية أن يكون للفيروس فيهما نصيب ..
 مالذي فعله الوباء المنتشر ؟ هل قلب الحياة رأسا على عقب ؟ وهل سيطول الأمر ؟ أحسب ان البعض منا - لو طال الأمر - سيخرج بعد انقضائه وهو يحتمي من الشمس بكفيه كالخارج من كهف مظلم رطب بلحية كثة وشعر أشعث وهو يتسائل : ( كم لبثنا ؟ ) ..
العزلة وما يترتب عليها أثر من الآثار غير المباشرة للوباء فالفيروس وأن لم يقتحم جسمك لكنه اقتحم هذه الساعة البيولوجية التي يصفها العلماء بأنها تلك "الساعة الحيوية التي تنظم وقت النوم ووقت الشعور بالجوع والتغيرات في مستوى الهرمونات ودرجة الحرارة في الجسم. وتعرف التغيرات الحيوية والنفسية التي تتبع دورة الساعة الحيوية في 24 ساعة بالإيقاع اليومي وأنماطا سلوكية دورية إيقاعية أي تحدث عند فواصل زمنية منتظمة، تتفق غالبا مع دورة الليل والنهار، أو مع تعاقب الفصول، أو مع دورة المد والجزر , أو مع التموجات التي تحدث في العوامل البيئية مثل الضوء والحرارة والرطوبة النسبية والضغط البارومتري، فالسلوك الذي يحدث يوميا يعرف بالإيقاع أو التواتر اليومي." وإنها - أي هذه الساعة - " تعمل عند البشر حسب جداول زمنية ضرورية للحياة وللصحة. وللبشر إيقاعات بيولوجية يومية، وأسبوعية، وشهرية، وسنوية. ويختلف مستوى الهرمون والكيميائيات الأخرى في الدم على مدى هذه الفترات الزمنية. وكثير من عمليات الجسم الحيوية تتم بانتظام كل 24 ساعة وتتسق أنشطة الخلايا والغدد والكليتين والكبد والجهاز العصبي بعضها مع بعض، ومع إيقاع النهار والليل في البيئة." 
هل ينطبق هذا الكلام العلمي مع الواقع الذي نعيشه اليوم في ظل تحديات الوباء .. هل وصلنا بسبب حظر التجوال وملازمة المنازل إلى مرحلة الأضطراب ؟ أتصور أن جواب ذلك تجده عند أصغر أبنائك وهو يستيقظ بعد الظهر ليقول لك : صباح الخير .. مع ذلك ( خليك بالبيت ) وعندما تنتهي الحكاية أعد عقارب الساعة لمكانها، والزمن كفيل بأن يصلح لك ساعتك البيولوجية .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/20



كتابة تعليق لموضوع : كورونا وعقارب الساعة البيولوجية .. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net