ثلاث رصاصات .. في رأس التظاهرات
ايليا امامي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ايليا امامي

* مع بداية تظاهرات العام 2019 وحتى الآن حصلت الكثير من الأحداث .. وقد تستغرب عندما تستذكر أن المدة الزمنية لكل هذه الأحداث منذ إطلاق أول دخانية مسيل للدموع وحتى الآن لم تكمل أربعة أشهر .
* تظاهرات بدأت بشكل مفاجئ لدى الكثيرين ومدروس لدى غيرهم .. وكان الناس بين متردد متخوف منها .. وبين مؤيد بقوة .. ولكل منهم مبرراته .. ولكن خلال ثلاثة أشهر حصلت أحداث كبيرة خلقت طيفاً ثالثاً ( من عامة الشعب وليس من جمهور الأحزاب ) وهو .. الناقم المعادي .. وهو الآخر لديه مبرراته .
* وفي رأيي أن هناك ثلاث رصاصات تم إطلاقها على رأس التظاهرات لقتلها .. و شاركت في هذا القتل .. أحزاب السلطة وأعلامها وجمهورها من جهة .. وطيف واسع من نفس المتظاهرين .. من جهة أخرى .
هؤلاء الحمقى أعطوا السلطة على طبق من ذهب .. مبررات كبرى لتشويه المطالب .. فالرصاصات الثلاث .. إنطلقت من سلاحين .. لهما فوهة واحدة ( الأداء بشكل غير مهني وحازم ) كما حذرت منه المرجعية .
#الرصاصة_الأولى : عندما بدأ تصدير هذه التظاهرات كحفلات رقص ومجون وخمور .. وكانت بشكل يومي تنشر المئات من المقاطع الفاضحة واللا أخلاقية .. مع الاعتداء على بعض المعممين .. والتعدي على المرجعيات الدينية .. وحسبوا أن الدين والمتدين في العراق بلا جمهور ولا حماية .. فراحوا يمتهنون المقدسات والأعراف الاجتماعية .. واستعجلوا في الترويج للرقص والتعري .. واستعجل اعلامهم في التصريح أنهم يريدون عراقاً بهذا الشكل .
ولا أعلم هل هو قصور في العقل المدبر والممول الخليجي في فهم لتركيبة الشعب العراقي .. أم هو الاعتماد على مواقع التواصل التي لاتريك الحقيقة كما هي !!
ولكن النتيجة أن أحزاب السلطة وجدت في ذلك فرصة للقول أن هذه التظاهرات ليست للوطن .. بل ثورة على الدين وأول فرائسها الحشد والشيعة .. وما أسهل أن تثبت ذلك .
* وهكذا فقد انسحب طيف كبير من الناس المحترمين .. وانسحبت معهم مواكب الدعم والطعام والحماية الاجتماعية .
#الرصاصة_الثانية : عندما بدأ قطع الشوارع وإغلاق المدارس يضايق الناس .. والمفروض أن هذه القطوعات _ وهي أساليب احتجاجية في كل العالم _ تتم إدارتها بشكل يضغط على الحكومة وليس المواطن .. فيتم التخطيط لوقت القطع .. ومكانه .. وفرز الدائرة التي تريد الدوام .. عن الأخرى التي تفضل الإضراب .. ومرة أخرى نقول ( بشكل مهني وحازم )
* ولكن الذي حصل هو تجول بعض الأطفال وعديمي الثقافة وهم يكتبون ( مقلق بمر الشعب ) مما حولهم الى مادة سخرية في نظر المجتمع وأفقد الاحتجاجات هيبتها .. واضطر المرجعية أن تعلق في خطبة الجمعة .. رافضةً هذا الوضع المخزي والاعتداء على المدارس .
وكانت ذورة الفوضى في جريمة الوثبة التي كشفت عن وجود طيف كبير من المتوحشين ( القتلة والمتفرجين ) في صفوف المتظاهرين .
وماذا تتوقع من أحزاب السلطة ؟ سوى التطبيل لها والتركيز عليها .. مع التجاهل التام للطيف الآخر الذي أعلن برائته من هذه الأعمال .
لقد كان المتظاهرون السلميون _ وأنا ألومهم في ذلك _ يعانون من هذه التصرفات التي تضيع جهودهم .. ولكنهم لم ينجحوا في لملمة وضعهم وإيقافها ولا مرة واحدة .. فانسحب الكثير منهم رافضاً أن يكون جزءاً من هكذا مشهد .
#الرصاصة_الثالثة : والتي أعتبرها القاضية .. والساحقة .. لأنها تجاوزت إزعاج الجمهور الى حد ( إحراق القلوب ) وهي تمزيق صور الشهيد المهندس رضوان الله عليه والاستهزاء بشهادته .
إنه نفس الغباء في التخطيط .. من أطراف لاتعرف هذا الشعب .. وماهو عمق روابط الدم والعقيدة .. وما هو حجم أبي مهدي المهندس لدى أبناء الوسط والجنوب .. وما نكنه له من الحب والاحترام لمواقفه التي لاتنسى .. رغم ألف اختلاف واختلاف لنا معه .. حول الملف الإيراني وغيرها .. ولكنه يبقى أسد الميدان .. الذي أذاق الدواعش كأس الهزيمة .. فكان سقوط صورته على الأرض .. كأنه سقوط هاماتنا وكرامتنا .. وكأننا شعب عاجز حتى عن حفط ماء وجهه واحترام شهدائه .. أمام هذه الأطفال التي يقودها أحمد البشير وأمثاله .
ورغم بيانات البراءة من هذه الأفعال .. المتتالية من ساحة التحرير وغيرها .. كانت قسوة المنظر أكبر.. وحرارة المشهد أقوى .. فاستغلتها أحزاب السلطة التي وجدت في شهادة المهندس منحة من السماء .. لينتهي وجود ( السلميين الشرفاء ) .
* هذه هي الرصاصات الثلاث .. ثم كانت طلقة الرحمة هي تغريدة السيد مقتدى الصدر التي أعقبها انسحاب التيار الصدري .. وليس الانسحاب هو ما قتل التظاهرات .. بل ما وجدته السلطة كفرصة ذهبية لانهاء وجود التظاهرات بالكامل .. ولازلت أكتب هذه الكلمات .. على مسمع من أزيز الرصاص لتفرقة المتظاهرين من الساحات .
#اليوم : أمامنا ثلاثة سيناريوهات :
١) أن يستمر الشرفاء السلميون _ وهم كثرة مبعثرة _ ويستجيبوا لنداء #نظموا_صفوفكم .. وينزلوا معبرين عن ( مطالب ) و ( أخلاق ) و ( دين ) هذا الشعب .
خصوصاً ونحن في منتصف الطريق ولم يبق سوى تكليف رئيس وزراء وحل البرلمان تمهيدا لانتخابات مبكرة .. وهي أقرب الطرق للخروج من الأزمة .. كما وصفها المرجع الأعلى ( وواهم من يتصور أن الأزمة انتهت ) .
٢) أن يترك الحبل على الغارب للجماعات المخربة التي بسببها أصبنا بالرصاصات الثلاث .. لتعود وتسيطر على المشهد من جديد بعد مقاطعة مؤقتة .. وبالنسبة لي من المؤكد حصول خلافات ومتغيرات .. ستعيد الكثير منهم الى الساحات .. ولا أعرف ماهو عذر السلميين الشرفاء هذه المرة .
٣) أن تنتهي التظاهرات بسبات شعبي .. واستسلام مؤقت لإرادة الأحزاب الحاكمة .. مما يعني دخول العراق في نفق حرب كارثية قد تشتعل في أية لحظة .. بحسب المعطيات الإقليمية .. ولات حين مندم .
* بكل الأحوال .. زمن الاستقرار قد ولى .. إما أن تأخذوا بزمام المبادرة .. أو يضيع بلدكم .
وهذا ما قصده ضمير العراق ومرجعه الأعلى بقوله ( لن يكون مابعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال فلينتبهوا الى ذلك ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat