محمد العظيم بدون السماء
نعمه العبادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نعمه العبادي

توجد نظريتان للأصطفاء، الاولى تقول ان الاصطفاء عمل إلهي قصدي، غير مبرر بالعلل التقليدي، وهو حق لله لا يحق لاحد الاعتراض عليه لانه ليس لاحد من استحقاق سابق يلزم الخالق به، فوجودنا وبقائنا تفضلا منه، وفي ظل هذه النظرية فإن الله يصطفي من يشاء من الرسل والانبياء والاولياء بناء على موجبات المشهد الخلقي الكامل المحكوم بقوله تعالى (تبارك الله احسن الخالقين)، والثانية تقول ان الاصطفاء فعل معلل، يقوم على اساس الخصائص والميزات التي تظهر من الفرد المصطفى، والسبب في تميز ذات عن اخرى هو راجع الى قدرات ذاتية في توظيف حرية الاختيار الممنوحة للذوات لحظة خلقهم، وذلك لان الاختيار هو مستند التكليف والاختيار متقوم بالحرية، وبدونهما لا قيمة للتكليف ولا حديث عن الثواب والعقاب، طبعا في هذه النظرية تكمن العقدة في فهم الاسباب الموجبة للاختلافات بين الناس وهل ان مصدر الاختلاف يعود إليهم ام انه موضوع فيهم.
بناء على كلا النظريتين فإن محمد العظيم هو حالة مختلفة في الاصطفاء، ولا تريد هذه السطور تناول هذا الموضوع لانها تريد محمد بدون السماء.
المتابعة الدقيقة لسيرة هذا الرجل تكاد تطبق على انه المستحيل، فهذا الاجتماع المنتظم لهذه السجايا المتفردة التي يخلفها ألف ضد وضد مركوز في اعماق الانسان، والتي انتجت سيرة لا نزال نحتاج إليها في كل لحظات حياتنا.
الصادق الامين، العافي الغفور، الاوحدي في روحه وقلبه وكل ما فيه، يجعل سؤالا محيرا وتحديا لا تنال مدارك الفهم..
ان السر المحمدي الذي يمكن تلمس بعض اشاراته يؤكد ان ما وراء اوحدية محمد العظيم الحضور الالهي الشامل والعميق الذي يشكل حالة اشراق تطهيري وتجميلي وتكميلي لكل شيء منه، وهذا الحضور هو تناسب طردي مع درجة الصفاء العظيم الذي يسود روحه، فهو المخْلُص والمخَّلص، وان سر الصفاء يعود الى حضور السكينة والاطمئنان المتعادلة بين الشهود والغيب، وبعد، فهو نحو من التحييد الاختياري لكل مدخلات الاضطراب الروحي والنفسي والعقلي والسلوكي التي لم يسلم من كل صورها إلا المصطفى.
محمد بدون السماء يساوي محمد مع السماء، ومحمد بدون السماء سبب لمحمد مع السماء، ومحمد بدون السماء اعظم اهل الارض والسماء..
في مولدك الحضوري لن يكون منا لائقا إلا المزيد من الدهشة والعجز، ومعهما توسل بكل ما فيك وانت بدون السماء ومعها، أن تلمسنا بميسم روحك الطاهرة...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat