صفحة الكاتب : محمد علي مزهر شعبان

كاظم الغيظ .. ربحت معركة الوجود
محمد علي مزهر شعبان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لنركب جناح الذاكرة الى تلكم الايام بجبروتها وإحكام سطوتها، والتلذذ بمتعها، وأفواج من الخدم، والاف من المخصين، ومن عاشر 2400 إمراءه وطأهن جميعا . لم تمطر الدنيا الا في أرضه، قصور لا تعد وتحصى على منعرجات دجلة . إذن من امتلك الحصون والجيوش وامبراطورية امتدت في عمق الصين . ماذا يريد بعد من أن تمضي الحياة سلسلة ملك يديه ؟ يؤتى بزاهد عابد أسيرا من بلد جده الرسول ص ويعتقل في زنازين، من سجن السندي الى الفضل بن ربيع، في دهاليز مظلمه، وفي حفر مقفله، ما السر في هذا التعسف ؟ هل هو الخوف المبثوث في أنفس الجبابرة اللذين يتحرك في رئاتهم هواء القلق والرعب من كان في منأى عن عاصمة الحكم ؟ موسى النبي اخذ العصى ليفج النهر ويقلب السحر على السحرة، فمن هو موسى المرهون في سجن هارون ؟ موسى القادم يحمل رسالة ربانية من نوع اخر . عنوانها خذ الصبر والتجلد والتحمل لتقدم درسا لسيد المخلوقات الانسان في القدرة الخارقة على تجاوز الالم وانهيار الجسد والصمود . تفتخر الامم بسجناءها اللذين قاوموا الظلم، ك نيلسون مانديلا وسجناء قدوموا على اصلاب المشانق بتاريخ كل حركة انسانية، الا ان موسى بصمته وتحمله، قهر النفس الجباره لهارون، وقد تحرز هذا الامبراطور من حقيقة الاحقية في ان تنقلب حكومة الاستلاب القسري الى أهليها كما اعترف ذاته لابنه المأمون . نداء يقلق مقاماتهم ويحبس انفاسهم وحركتهم، فيولوا ذريعة الاستباق في قتل وسجن وسم، من ادرك في افئدة الناس ان اؤلئك هم اهل الحق في اقامة دولة العدل . هكذا تصدر الاحكام عما انضوت عليها رغبات الجوانح، وتعمل بوحي النفس المنساقة مع الهوى والميول والبقاء في حديقة الاغتنام لكل المتع والمال، حتى وان لم تظهر بادرة التنافس والتزاحم من الاخر . لقد ذهبت الامبراطوريات وسقطت التيجان من ملازمة تاريخيه عنوانها " العقاب من جنس العمل" فهذا موسى المنتصر وهو في دياجير الظلمة، وغياهب السجون، وكاهل السلاسل، وقيود المعصمين واثقال الساقين . بعذاباته يكون التاريخ قد سجل الابجدية بين سجان ظالم وسجين مظلوم . انها السجية والنية المعقودة بين ديدن الاثنين، وليست الهفوة العارضة . ان النتائج تقاس بعللها الدافعة لها. هي معركة وصراع الخير والشر. أنفس تتحرك بالاتجاه الذي اسست وثبت في لبها وعقيدتها . موسى لم يصارع للوصول الى الخلافة ، ولكن العرش من تحت هارون يهتز واوصاله ترتجف ، حين يكون موسى يمشي كحقيقة ناصعه على الارض . اعتقلوك ليس على شبهة وظنون، بل ان الحكم عقيم . والسؤال من انتصر السيف ام القضية ؟ مايسجل ذلك هو التاريخ . هاهي الملايين تجدد مبايعتك، مثلما لم يغيب من ذاكرتنا كل مناضل غيب في غياهب السجون . ان يومك هو يوم السجين المظلوم في كل ارجاء الدنيا . سيدي اجلوا مقتلك ليس الى حين ، بل لاخر ما تبقى لك من ودج يتحرك، ودم ينبض، ونفس يسبح بحمد الله وشكره، وبارادة لم تلين، وموقف لم يتزعزع . ودعت الدنيا ولكنها لم تودعك . وكانت الحصيلة بقدر ان يرفعك اربعة حمالين، اصطك الجسر بالوف تحمل نعشك، الى ألوف على ذات الجسر وقعوا صرعى في يوم مؤاستك ، في ذلك اليوم الذي اراد توابع الطغاة ان يغرقوا اتباعك .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد علي مزهر شعبان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/04/02



كتابة تعليق لموضوع : كاظم الغيظ .. ربحت معركة الوجود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net