ماراثون البصرة ـ بغداد..!
طيب العراقي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
طيب العراقي

قريبا سنتجاوز الـ 16 عاما من "عمر" النظام القائم، الذي تشكل بُعيد زوال النظام البعثي الصدامي، ويطرح هذا "العمر"؛ الذي لا يعد قصيراً سؤالين، الأول سؤال الكيفية، وهو هل أن النظام القائم؛ أنشيء على أنقاض النظام السابق؟ الثاني؛ يتسائل عن نوعية النظام القائم؛ قياسا بالنظام السابق، وهو هل أنه نظام مغاير لسابقه، ومناقض ومتجاوز له؟!
الحقيقة أنه وعلى الرغم من هذه السنوات الطوال، إلا أنها مرت سريعة بحساب الزمن، نظرا لتزاحم الأحداث بشكل مثير، مثلما يحصل في أفلام الأكشن، ومعنى هذا أن الأجابة على السؤالين؛ ستكون عسيرة، لأننا ما نزال نعيش في فترة إنتقالية، لا تكشف عن نوع النظام القائم بشكل حاسم!
المرحلة الانتقالية التي تلي التغيرات الكبرى، كالتغييير الذي حصل هنا، أصعب من عملية التغيير ذاتها، فالتغيير وإن بدا ضخما مجلجلا، إلا أنه يبدو أسهل بكثير؛ من عملية بناء نظام جديد، لأن التغيير "عملية" واحدة مركزة، محكومة بتوقيت محدد، فيما بناء نظام جديد، يعني سلسلة معقدة من العمليات، تحتاج الى زمن أطول بكثير؛ من زمن عملية التغيير، بما في ذلك زمن الإعداد للتغيير.
أقتضت عملية الإطاحة بصدام ثلاثة عشر عاما، إبتدأت من لحظة إتخاذ قرار تغييره، عقب إحتلاله الكويت في آب 1990، ولغاية إزاحته في نيسان 2003، فيما أمضينا ستة عشر عاما بعد تغييره، ونحن لا نعرف من هو زوجها ومن هو حماها!
قبلها بقينا قرابة نصف قرن؛ لم نكن نعرف خلالها شيئاً عن الديمقراطية، ولا الحكومات المنتخبة، وكل ما كنا نعرفه هو الأحلام الممنوعة!
أنظمة عديدة؛ كانت قائمة منذ عقود في المنطقة، سقطت بعد سقوط صدام، عاشت جميعها أزمة حقيقية، إذ كان عنوانها الدكتاتورية والقمع؛ وعدم القدرة على أداء دور حقيقي، في خدمة مجتمعاتها؛ أو حتى أداء دور في واقعها وواقع شعوبها..وبديهي أن هذه العوامل يمكن لها أن تسقط أي نظام، لذا سقطت غالبية تلك النظم، لكن غالبية أفكارها وتوجهاتها بقيت حية!
النظام البعثي الصدامي؛ كان متآكلاً منهاراً داخلياً، وكان مهيأً للسقوط كتفاحة نيوتن، التي أكتشفنا بسقوطها قانون الجاذبية، هذه المرحلة بدت ناجحة لكنها لم تكن كاملة! فقد سقط النظام القديم، وبقيت أفكاره ورجاله الذين يحملونها، الذين إستطاعوا بمهارة وخفة لاعبي السيرك، النفاذ الى عمق النظام الجديد!
هذا ما يفسر الإضطرابات الكبرى؛ التي حصلت العراق، لأن عناصر النظام السابق؛ لم تفتر عن محاولة العودة الى السلطة، ولو بعناوين وثياب جديدة، وهنا برزت ظاهرة الإرهاب مكشرة عن أنيابها، كأحد أساليب العودة الى السلطة.
المرحلة الأولى من زمن ما بعد نظام صدام؛ مرت بنجاح جيد، وأرست بدايات التقاليد الديمقراطية لإدارة الدولة، لكنها بدايات متعثرة بسبب عمق أزمتنا، ومع ذلك وبمرور الوقت، أصبحت تجربتنا جديرة بالإهتمام، ينظر اليها الآخرين ؛ كتجربة رائدة في المجال الديمقراطي، على الرغم من ما رافقها من مشكلات.
اليوم وبعد ستة عشر عاما،وبعد إنتصارنا الكبير في معركة الإرهاب، يمكن أن نقول أننا دخلنا في المرحلة الثانية، من زمن ما بعد الطغيان الصدامي، وتمثل هذه المرحلة؛ التحدي الحقيقي الذي نواجهه، وهو كيفية بناء نظام جديد، يحقق الأهداف التي قدم من أجلها شعبنا، قوافل طويلة من التضحيات!
ماراثون هذه المرحلة يجب أن يبدأ من البصرة، ليصل الى بغداد..لماذا وكيف؟! تفاصيل هذا الماراثون ستكون محور أحاديث قادمة..ودمتم
......................
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat