صفحة الكاتب : علي علي

حين يكون الموقف أرجوحة
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  هناك مثل بلهجتنا الدارجة يقول؛ (بعيد اللبن عن وجه مرزوگ) ومرزوق هذا شاب ذو بشرة داكنة تميل الى السواد، أما اللبن فلونه معلوم لدى الجميع، وشتان بين لونه الناصع بياضا ولون بشرة مرزوگ الحالك سوادا. وفي المعنى ذاته يقول المتنبي:

ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي

أنا الثريا وذان الشيب والهرم

 ومقصدي من ذكر الشاهدين هو مايحدث في مجلس النواب على مدى دوراته الثلاث الماضيات، وكذلك دورته الرابعة التي اعتلت ظهر المواطن من حيث يدري ولايدري، وستصعد على كتفيه من حيث يشعر ولايشعر، ولعله من المؤكد أن جديد البرلمان لايختلف شيئا عن قديمه، والواقع على رأس المواطن مستقبلا، هو ذاته الذي وقع عليه طيلة عقد ونصف العقد من عمر العراق الديمقراطي، وسواء أعلم المواطن أم لم يعلم! فإن النفق الذي ولجه البلد عام 2003 طويل لاتلوح أية بارقة أمل فيه على المدى المنظور زمانا ومكانا.

 فالذي يحدث تحت قبة برلماننا العتيد، هو كثرة التحول والتنقل في الرأي والموقف بسرعة البرق باتجاه معاكس تماما، ومايتداعى عن هذا السلوك وخيم حتما، مادامت مصائر أكثر من ثمانية وثلاثين مليون فرد، معلقة على ماسيخرج من معطف ممثليهم في برلمان بلدهم، فكيف يؤول الحال إذا كان الممثلون متقلبي الرأي والموقف، وسريعي التقافز بل الطيران على أجنحة المصلحة الشخصية والكتلوية والحزبية.

 ولايعقل حتما أن الصدفة وحدها هي المسؤولة عن تغيير توجهات الإنسان السوي وتبدل ميوله على نحو مفاجئ وسريع، بالشكل الذي نراه بين ظهرانينا؟ لاسيما إذا علمنا أن السابقين واللاحقين لم يحيدوا عن دأبهم وديدنهم الذي استمر طيلة ثلاث دورات من عمر المجلس، وهم اليوم في غرة الدورة الرابعة “يعمهون” بدأبهم ذاته.

 إن مايثير الدهشة ويدعو الى الاستغراب، هو إحداث بعض النواب زوبعة لم تهدأ كباقي الزوبعات، فقد تعودنا في سابق جلسات المجلس على زوبعات بفناجين، وأدمنا من لدن نوابنا جعجعات من غير طحين، ومللنا مقاطعات تشبه الى حد ما “زعلة عروس”. وشبعنا منهم انسحابات لاتعدو كونها ممارسة للعبة الـ “ختيلان” سرعان ما يعود النائب المنسحب الى اللعبة قبل أن يصيح رئيسه “حلاااااال…”.

فيعاود الانضمام الى حلقة رفاقه بعد أن حقق شيئا من مآربه بفقرة الانسحاب. كما سئمنا تعليق هذا النائب او تلك الكتلة حضورهما جلسات المجلس لأسباب يفتعلونها بذرائع عديدة، عادة ماتكون الغاية منها تعطيل عمل البرلمان، او ممارسة ضغط على رئاسته لغاية في نفس يعقوب او كتلته.

  ولاأظن أحدا ينسى مواقف النواب وكتلهم إزاء مآسي العراقيين التي تتالت عليهم منذ أكثر من عقد ونصفه، ومن كان من النواب (شريفا) بوقوفه الى جانب من يمثلهم من الشعب العراقي أمام المجلس التشريعي، لم يكن بإمكانه تحريك ساكن أو إيقاف متحرك، وسط صولات وجولات النواب من (غير الشرفاء). فلطالما مُررت قوانين لاتخدم المواطن وتمت المصادقة عليها، رغم معارضة بعض النواب من الصنف الأول -أعني الشرفاء-.

أرى أن تبدل الميول وتغير الأحوال لدى بعض النواب يعزو تعليله الى أمور ثلاث هي:

الأول؛ (سبحان مغير الأحوال) ولاتعليق على هذا، فهو “جامع الأمر بين الكاف والنون”، يقول للشيء كن فيكون، وقد يكون جل وعلا قد نفخ في صورة النواب فاعتصموا بحبله بعد أن تفرقوا عن ناخبيهم بنقضهم عهودهم معهم، ونكثهم بوعودهم لهم، وحنثهم بقسمهم الذي أدوه في بداية تسنمهم مناصبهم النيابية.

والثاني؛ أن من النواب من أفاقوا من بعد غيبوبة انحازوا فيها الى مصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية، وجاء اليوم الذي استيقظت فيه ضمائرهم الغائبة وعادوا الى أحضان ناخبيهم تائبين، يستسمحونهم ويطلبون الغفران عما بدا خلال السنوات الماضية من تقصير بحقهم. وفي الحقيقة أني أرى هذا التعليل أبعد من اللبن عن وجه مرزوگ بكثير. ذلك أن صحوة الضمير نأت عن أغلب القابعين تحت قبة البرلمان، فلسان حال المواطن مافتئ منذ سنين يردد بيت الدارمي:

ماظل بعد نواب منهم رجيه

وبسبع صابونات غسلت اديه

والثالث؛ يوضحه البيت الآتي من دون تعقيب او تعليق:

لاخير في ود امرئ متلون

إذا الريح مالت مال حيث تميل

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/10



كتابة تعليق لموضوع : حين يكون الموقف أرجوحة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net