صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

العراقي الذي لم يفهم من حياته شيئا
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم يفهم من حياته شيئا

ولد في العام 1971 في مكان من بغداد التي كانت للتو خرجت من سيطرة وهمية لقيادات العسكر، ودخلت في دائرة حزب البعث العربي الإشتراكي، وهتافات أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، وكان المبجل ميشيل عفلق يغزو بأفكاره عقول المزيد من الحالمين بالسلطة التي يدعمها فكر البعث وإحياء التراث العربي. أهداف البعث التي لم تتحقق، وحدة حرية إشتراكية كانت أهداف المناضلين ليحكموا بقوة أكثر. كانت بغداد تتنفس مع إرتفاع أسعار النفط، والزهو الذي عليه السيد نائب رئيس الجمهورية صدام حسين الذي كان يسمح بظهور الرئيس احمد حسن البكر بوصفه الرئيس البروتوكولي، ولكنه كان الرئيس الفعلي، وكانت صورة الرئيس لاتعلق إذا لم تكن تحتوي الوجهين، الرئيس ونائبه.

أكمل دراسته الإبتدائية وهو في سن العوز والفاقة، وكانت نذر الحرب تلوح على الحدود الشرقية حيث الدبابات تحمل الى الحدود، والمدافع ترمي بحممها على القرى والمدن القريبة من مرمى النيران، بينما الجنود يتقدمون في مواجهة بعض، ثم إنطلقت الصواريخ والطائرات، وأخذت المدرعات مواقعها الحصينة، وإستمر النزاع المميت بين إيران والعراق حتى 1988 ليحصد الملايين من البشر، وييتم الملايين، ويثكل ملايين النساء بين أم فاقدة لولدها، وزوجة تنتظر الحرمان بفقد الزوج، بينما دمرت مئات آلاف الدور، وخربت المدن، وفر الملايين الى الخارج بين معارض وهارب من البؤس والحرمان، وكان على المثقفين أن يختاروا بين الهروب والبقاء كمطبلين لنظام دكتاتوري متجبر، وإختار المغنون والراقصون والممثلون إلا ماندر طريق أن يغنوا ويمثلوا ويكونوا فيلق الإعلام والفن في خدمة معركة النظام.

إنتهت الحرب، وبعدها بعام توجه الى دائرة التجنيد ليستصدر مايشبه جواز السفر لكنه كان دفتر الخدمة العسكرية، ولم يذهب الى الجبهة لأن الحرب إنتهت، ولم يذهب الى معسكر التدريب لأنه كان مايزال طالبا في الإعدادية، وفجأة دخل الجيش العراقي الى الكويت ودمرها في عام 1990 وصار العراق نهبا للحصار والحرب لعقد ونيف من السنين ذاق الناس فيها مرارة العيش، وبؤس الحياة، وبلاء لامثيل له عبر تاريخ هذه البلاد الضارب في عمق روح الحضارة الإنسانية التي إنفصل عنها، وبقي مجرد أثر، ومكمن لتخريج العقارب والأفاع والقتلة والمجرمين والسراق.

في عام 2003 دخلت جحافل القتلة والمرتزقة من كل بلاد الدنيا لتسقط النظام الدكتاتوري، وتحول العراق الى بلد محتل لايهتدي الى مستقبل، ولايعرف الى أين تمضي به الأمور، بينما كان الشعب يحلم بالمستقبل متوهما إن الملائكة سيقودونه الى الجنة حيث الإستمتاع الأبدي. ومع جنود الإحتلال كان هناك المتطرفون والمجانين واللصوص والفاسدون من كل دين ومذهب وقومية يتسابقون لنهب العراق وتدميره وتركيع شعبه، بينما إستغلت دول الجوار هذا الضعف لتحيل بلاد الرافدين الى سوق لتجارتها، وساحة لحروبها وتصريف أحقادها، وإشتركت في ذلك دول الجوار جميعها ودول أخرى أبعد قليلا، وكان المهم أن يبقى العراق ضعيفا يدخل في متاهة ويخرج الى أخرى وسط الضياع والخراب والسرقات والسياسات الفاشلة والصفقات والمحاصصاتية المقيتة.

مايزال العراق يتنقل من هاوية الى أخرى.. وكل يدعي إنه سيعيد العراق الى حالته الطبيعية، لكن الفشل هو النتيجة لأن الجميع يشعر بالجوع، والجياع لايحكمون، ولايصنعون مستقبلا مختلفا. ومايزال صاحبنا لم يفهم من حياته شيئا فالعراقيون من طينة واحدة بغض النظر عن إنتمائهم الطائفي والقومي والمناطقي، يبحثون عن السلطة والمغانم، وكلهم يرون الحق في جانبهم.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/23



كتابة تعليق لموضوع : العراقي الذي لم يفهم من حياته شيئا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net