1 ــ الـعَـمـامـة :
ــ من بين قسوة القضبان الباردة , بانت لي من بعيد عَمامة التغيير , تتقدم الجمع نحونا ! .
هتفت بسرّي مستبشرا ً \" انّ ساعة الخلاص قد حانت , وبنور الحريّة ستتبدد ظلمة السّجن الكبير ! \". إقتحموا الزنزانة الموحشة , وحرّروني من العتمة الباردة !. وكي لا تُصب عينيّ بالعمى , من شدة ضوء الحريّة الساطع .. لفني بعباءته السوداء .
وإلى الآن لا أزال لا أرى إلاّ الظلمة !؟ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 ــ الـثـمـن :
بدون استئذان , دخل عليه أحد رجال حمايته الشخصيّة مرعوبا وقال :
\" سيدي .. التفجيرات قريبة منّا ..؟!\".
أعتدل الزعيم بجلسته مكابرا ً, وهو يحاول أن يطرد رعدة الخوف التي انتابته . ومن غير أن ينهض من كرسيه الدوّار ، قال بما بقي لديه من شجاعة , وبفم ٍ يابس ٍ وصوت ٍ أبح : \" شعرت بذلك !..\".
مدّ يده المرتجفة , وبكبسه زر منه رفع صوت التلفاز.. وراح يعـايـن بعينين فارغتين , اللقطات الأُوَل للإنفجار عبر شاشتها .!
كانت عين الكاميرا تتجول بصمت بمكان الانفجار ، متنقلة بين الأشلاء والنار , والدخان والحديد . حتى أتت على صبيّة مرتمية على أحد الأرصفة ووقفت عندها , كانت تئنّ بإعياء تام بعينين مغمضتين . ووجهها المحترق ينزف من كلّ مكان , اقتربت منها الكاميرا أكثر فأكثر ، حتى غطّى وجهها فضاء شاشة التلفاز التي أمامه . فجأة فتحت عينيها على وسعهما , وعبر دماء النزف الحار , اخترقت نظراتها الساخطة عدسة الكاميرا , وعبرت شاشة الحدث الصاخبة , إلى حيث عينيّ القابع على كرسيّ الزعامة الدوّار , خلف مكتبه الفخم وتسمّرت بهما .
قالت والألم يعتصرها : \" انتم تخطؤون , ونحن ندفع الثمن !؟ .\"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 ــ وطـن ودم :
عند آخر ليل الوطن .. وحيدا أغمض عينيه ونام .
حلم أنه يعدو , و يسبح , ويطير !
تذوق الـ .. ح ..ر .. يـ .. ؟!.
إستيقظ فزعا فجأة , على صخب فرقعة عالية , وأنفه مزكوم بدخان البارود المحترق . ودم له عبيط , على قارعة الرصيف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 ــ كـربـلاء :
كانت جمهرة المتظاهرين الغاضبة قد اجتازته !؟. بينما جمُد هو بلا حراك وسط الطريق , مطرقا رأسه كتمثال , غير عابئ للبنادق المصوبة نحوهم ! قال رفيقه :
\" لماذا وقفت , امضِ !؟\".
ردّ عليه وهو ينظر إلى أحدى فوهات بنادق الجنود وقال :
\"أيّ درب أحط قدمي عليه , أراه يفضي إلى \" كربلاء \" . |