لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يوسف (111).
(وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) النحل 60.
ليس بوسع أي من الجاحدين إلا من فقد عقله مثل فرعون أن يسعى لمبارزة الذات الإلهية مباشرة من دون واسطة فهو القائل (يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا) غافر 36-37.
باستثناء الهالكفرعون جرى التقليد أن تكون المبارزة مع من اصطفاهم الله تبارك وتعالى وقدمهم للناس مثلا عليا ليأخذوا الناس نحو الهداية والرشاد.
هذا هو الحسين بن فاطمة وعلي عليه السلام بالنسبة لنا، مثل أعلى فرض وجوده في اللحظة والمكان اللذين اختارهما الله!!.
من بين الأساليب القذرة والمنحطة التي اعتادها أعداء الهداية الإلهية، صناعة تمثال يجسد تصوراتهم الأكثر انحطاطا عن المثل والقيم التي يسعون لفرضها على المنقادين وراءهم من أشباه البشر وقد تجسد هذا في السامري وعجله الذهبي رغم أنهم يزعمون أنهم قد أوقفوا إنتاجه بعد غرق النموذج الأول منه بينما يقول الواقع أن خطوط الانتاج ما تزال قائمة وتعمل على قدم وساق لإنتاج هذا الصنف من الكيانات وتوظيفها لإلهاء الناس عن التوجه نحو المثل الإلهية العليا المتجسدة في الأنبياء والأئمة وأتباعهم الصالحين حملة الوحي الإلهي والذابين عنه.
المثل الأعلى ليس نصا مسطور على ورق (تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا) فهوعبد من عباد الله لكنهم (عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ).
المثل الأعلى الذي يسعى الأوباش لتدميره وتشويهه وصرف الأنظار عنه هو من المصطفين الأخيار الذين اختارهم الله (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ)، ونبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين هم في ذروة الذروة من هؤلاء، الذين اختارهم الله تبارك وتعالى وأحبهم فمحصهم وابتلاهم فصمدوا ونجحوا في الاختبارات الإلهية (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ).
أما التماثيل التي يملئون بها الدنيا ضجيجا وعجيجا وخوارا فهي جمادات لا تسمع ولا تعقل (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)، أو في أحسن الظروف والأحوال (عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).
الحرب التي شنها ويشنها هؤلاء الأوباش على منظومة المثل العليا التي يمثل إمامنا الحسين بن علي واحدا من أبرز حلقاتها في مسار التاريخ الإنساني هي حرب على الله ورسوله فهو من صَنَع هؤلاء على عينه التي لا تنام مقابل الفشل والإخفاق الذي يلازم هؤلاء في تسويق وفرض بضاعتهم من الأصنام والتماثيل وهم يتنقلون من فشل إلى فشل ومن إحباط إلى إحباط رغم انفرادهم بكل الساحات لقرون متطاولة وليس فقط في العقود الأخيرة.
الحقيقة تكشف الزيف مثلما يكشف النورُ الظلام والمثل الأعلى لا بد له أن ينهي وجود تلك التماثيل التي هي من صنع الأوهام مهما تضخم حجمها وعلا صوتها (عجلا جسدا له خوار)!!.
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ). |