• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : (سيزيف) مجموعة قصصية تخالف المألوف .
                          • الكاتب : د . اسامة محمد صادق .

(سيزيف) مجموعة قصصية تخالف المألوف

منذ ظهور فن القصة القصيرة كجنس أدبي في منتصف القرن التاسع عشر في روسيا و أمريكا ، ثم بعد ذلك في فرنسا و إنجلترا و غيرهما والآراء تتباين  من قبل المنظرين والباحثين في تحديد تعريف موحد لفن القصة القصيرة الذي يخضع لشروط وقواعد تطورت مع تطور الزمن ورغم اختلاف الكتاب والنقاد حول وضع تعريف ما للقصة القصيرة فإنهم اتفقوا على( أنها نص أدبي نثري يتناول بالسرد حدث وقع أو يمكن أن يقع أو هي خيالية لها معنى، ممتعة بحيث تجذب انتباه القارئ وعميقة بحيث تعبر عن الطبيعة البشرية)1.
واذا ما تطرقنا في البداية عن عتبات  كتابة هذا الفن  والذي يقصد به (مجموعة من العلامات التي تسبق المتن القصصي، ولا يكتمل المنجز إلا بها، ومن بين هذه العتبات نذكر صورة الغلاف والعنوان والمقدمة و الإهداء والعناوين الداخلية للقصص وكلمة الناشر.)2 فأجد من الأولى ان نقف عند عتبة العنوان والتي يعدها الدكتور محمد صابر عبيد (عتبة مركزيّة تنطوي بنائياً على قدرٍ كبيرٍ من الحريّة في الاختيار والتنظيم والوضع والاشتغال)  و أنها ستصبح بالقريب  العاجل  (((نظريّة)) ، بكلّ ما تتكشّف عنه جمهورية النظرية من طبقات وحدود وإمكانات وقضايا وإشكالات ورؤيات ومنجزات، حتى ارتفعت هذه العتبة كثيراً أمام شهوة القراءة ولم يعد من السهل والميسور اجتيازها لكلّ عابر قرائيّ لا ينتمي إلى هذا الفضاء بقوّة 3.
و(سيزيف) بحسب الميثولوجيا الإغريقية  يعتبر أحد أكثر الشخصيات مكراً ، حيث استطاع أن يخدع إله الموت (ثاناتوس)  مما أغضب كبير الآلهة زيوس، فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا حتى الأبد، فأصبح رمز العذاب الأبدي4.
 أما بحساب الأدب فسيزيف هي مجموعة قصصية للقاص ريسان جاسم عبدالكريم .
واذا ما اردنا أن نبحث علاقة العنوان في النص نجد أن قصة (سيزيف) والذي اتخذ المؤلف عنوانا لمجموعته تتحدث عن رجل يقوم ببناء بيته وحده دون معونة احد – (هو لم يرفض عونهم إلا لأنه أراد أن يثبت – لنفسه – انه قادر على العمل ...)5  فتبقى صخرة واحدة ويكمل البناء فكلما صعد عند نهاية السلم تخلخل توازنه فهوت الصخرة متدحرجة إلى الأسفل وعاد ليحملها وتدحرجت ...وعاد ...و ...ووو.
فاذا ما اردنا أن نحدد من العنوان وظيفته الأولى والمتعلقة( بأيقونة التحديد والقصد)6 نجد أن العنوان من كلمة واحدة وهو (أسم لشخصية أسطورية مشهورة ) وهو بعيد تماما عن شخصية  (سيزيف المخادع ) كما وردت حكايته أعلاه وأن حمل الصخرة جاء عقابا له ليحملها من أسفل الجبل الى أعلاه واذا ما اسلمنا الى جدلية الرمزية في العنوان فذلك موضوع اخر يخص  (التلميح، نأياً من عالم الواقع وجنوحاً إلى عالم الخيال)7  يتناقض مع متن القصة الواضحة ، أما الوظيفة الثانية للعنوان فهي  (سيمائية والتي تتمثّل بالتدليل على المحتوى)8.
 وإشكالية المعنى فالقارئ اذا ما أراد ان يقف متأملا للقصة قبل قراءتها سيتبادر الى ذهنه ومن خلال عتبة العنوان  قصة ذلك المخادع الجشع، الذي يخرق القوانين وأعراف الضيافة بأن يقتل المسافرين والضيوف (النزلاء)، في حين يبدو في متن  القصة رجلا (ينزف مساماته من أجل بناء مسكن له والآخرين يتابعونه بإعجاب وحسد ).
أما الوظيفة الثالثة للعنوان فهي ( اتصالية تتمثّل بإغراء المجتمع للقراءة )9 .وهنا لابد من الإشارة الى أن العنوان المختار للمجموعة (سيزيف)  ناجح الى حد ما في إغراء القارئ لاقتناء المجموعة والبحث عن ضالته .. وهو عنوان يتطابق وفق الوظائف الأربعة التي حددها  جيرار جنينت (الأغراء، الإيحاء، الوصف، التعيين).
(والمجموعة سيزيف القصصية جاءت بـ (24) قصة قصيرة جدا و(28) قصة قصيرة مع قصص أخرى من مجموعة  (محاورة بلا هدف) لم يشر المؤلف الى جنسها الأدبي واذا ما اردنا ان نضع كل القصص المشار اليها في المجموعة فهي لا تتعدى أن تكون قصص قصيرة جدا (حيث لا يتعدى حجم الواحدة منها  من سطرين الى صفحة واحدة ) في حين أن من خصائص وعناصر القصة القصيرة من حيث الحجم (ما يمكن أن يقرأ في ساعة او ساعة ونصف )10 وقد أشتغل المؤلف على الرمزية والتكثيف واللغة وان كانت بعض القصص تميزت بلغة سهلة  في حين تميز البعض الأخر منها بقلة الوصف أو التصوير وهي ضرورة فنية يجب أن يرتكز عليها السرد حتى تخرج القصة ناضجة ومتكاملة  .  
 القاص ريسان جاسم عبدالكريم المولود في البصرة  1940، له من المؤلفات الأخرى (أربعة مجاميع قصصية ، فزيولجيا الانحراف 2002، امتدادات ضاحكة في افق يبكي 2007، الهجوم الثاني لحصان طروادة 2008، صهيل أمراه شقراء 2010.
وسيزيف هي المجموعة الخامسة والتي جاءت بـ (103)صفحة حملت في طياتها (قصص قصيرة، وقصص قصيرة جدا) .

الهوامش

1.    أسطورة سيزيف  من ويكيبيديا، الموسوعة الحرةttps://ar.wikipedia.org/wiki/
2.    محمد أيوب، عتبات القصة القصيرة جدا ، الحوار المتمدن-العدد: 3733
3.    فاطمة عماري آسيف ،قضية المصطلح ومحاولات تعريف القصة القصيرة
4.    محمد صابر عبيد ،عتبة العنوان: الشكل والوظيفة ،http://www.alitthad.com/News_Details.php?ID=13211
5.    ريسان جاسم عبدالكريم ، سيزيف ، مجموعة قصصية ،2015
6.     محمد صابر عبيد مصدر سابق
7.     هنري بير – ترجمة هنري زغيب ، الأدب الرمزي 
8.    محمد صابر عبيد مصدر سابق
9.    محمد صابر عبيد نفس المصدر

10.    هدى الخطيب ، خصائص وعناصر كتابة القصة، كاتبة وقاصة وصحفية ، كندا

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=64915
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13