 |
•
الموقع :
كتابات في الميزان .
•
القسم الرئيسي :
المقالات .
•
القسم الفرعي :
المقالات .
•
الموضوع :
من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين (16) .
•
الكاتب :
جسام محمد السعيدي
.
|
 |
من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين (16)
|
 |
 |
الفصل السادس
شبهات وردود
يُطرح سؤال يتردد صداه كلما مرت ذكرى عاشوراء، وهو: من قتل الإمام الحسين(عليه السلام )؟! هل الشيعة هم الذين قتلوه ؟ أم أهل السنة ؟ أم النواصب؟! وهل يقع القتل على عبيد الله بن زياد ؟ أم يزيد بن معاوية ؟ أم من ؟! ورغم أننا أجبنا في الفصلين الثاني والثالث عن الهويتين العقائدية والجغرافية للقَتَلَة، إلا أننا أرتأينا أن نستعرض شبهات البعض لنرد عليها.
فلو تصفحنا بعض الكتب والمواقع الطائفية في الانترنيت، ستستوقفنا الكثير من الشبهات الغريبة التي لا تصمد أمام الدليل في مدعاها، فهي تحاول إلصاق جريمة قتل الإمام الحسين(عليه السلام) بشيعة أهل البيت عليهم السلام!!.
إذ تسرد نماذج من أقوال ومكاتبات أهل الكوفة إلى الإمام وتستنتج منها أن الذين قتلوه هم شيعته!!!،رغم أننا قرأنا أن أهل الكوفة من الشيعة لم يغدروا به، بل وفوا ولم يكن بينهم غادر قط، وهذه الكتب تريد أن تبرّأ ساحة يزيد وحاشيته وأتباعه من تلك الجريمة النكراء، سواء من كان في الكوفة من أهل الشام وأهل فارس أو أعوانهم من الكوفيين الذين كانوا قلة..
كما تحاول هذه الكتب أن تقتطع بعض العبارات دون ما قبلها وما بعدها وتعتبرها حقيقة كاملة!!! وتعتمد على عدم معرفة أغلب الناس بالتأريخ وتحاول تشويه الحقائق.
الشبهة الأولى
إن الغادرين بالإمام الحسين وقاتليه هم أهل العراق!!!
وهم يستندون في شبهتهم هذه إلى ما ذكره عالِمٌ شيعي هو السيد محسن الأمين بقوله " بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً، غدروا به، وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم، وقتلوه " (19)، دون قراءة وتفسير لما ذكره هذا العالم وغيره، أو قراءة النصوص المعارضة لهذا القول.
الرد على الشبهة الأولى
رأينا في الفصل الثالث وبالأدلة، أن نسب أهل العراق في جيش الباطل والشر، جيش يزيد بن معاوية، لا يتجاوز في أسوأ الاحتمالات نسبة 3.33% من عموم الجيش المعتدي، بينما كان الباقين من أهل الشام (83.33%)، وبلاد فارس (13.33%).
الشبهة الثانية
ذم الإمام الحسين عليه السلام للشيعة من أهل الكوفة!! واتهامهم بقتله!!
ويستندون في هذا الافتراء، لقول الإمام الحسين عليه السلام حيث كان يخاطب جيش الشر المقابل له، قبل أن يقتلوه، والمصيبة أنهم افترضوا أن هذا هذا الجيش من الشيعة!!!، إذ يقول الإمام الحسين عليه السلام مخاطباً جيش يزيد بن معاوية: " تبا لكم أيتها الجماعة وترحا وبؤسا لكم! حين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وحمشتم علينا ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم إلباً على أوليائكم، ويداً على أعدائكم، من غير عدلٍ أفشوه فيكم، ولا أملٍ أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا إليكم، فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لم يستحصف، ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا، وتهافتم إليها كتهافت الفراش، ثم نقضتموها سفها وضلة، فبعدا وسحقا لطواغيت هذه الأمة، وبقية الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومطفئي السنن، ومؤاخي المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عضين، وعصاة الإمام، وملحقي العهرة بالنسب، ولبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون.
أفهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون!! أجل والله، خذل فيكم معروف، نبتت عليه أصولكم، واتذرت عليه عروقكم، فكنتم أخبث ثمر شجر للناظر، وأكلة للغاصب، ألا لعنة الله على الظالمين الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها، وقد جعلوا الله عليهم كفيلاً، ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة وهيهات له ذلك مني! هيهات منا الذلة! أبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طهرت وجدود طابت، أن يؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، الأواني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد، وكثرة العدو، وخذلة الناصر.. " (20).
ثم يؤيدون مدّعاهم هذا بقول الحر بن يزيد الرياحي - أحد أصحاب الإمام عليه السلام - حين خاطب معسكر الباطل، وهو واقف في كربلاء، فقال لهم: " أدعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا أتاكم أسلمتموه ؟ وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه ؟ أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكلكله، وأحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه إلى بلاد الله العريضة، فصار كالاسير في أيديكم: لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، وحلاتموه ونساءه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجاري"...إلى أن قال" وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابهم، وهاهم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لاسقاكم الله يوم الظمأ "(21).
وأيضاً يذكر المؤرخ اليعقوبي حول دخول سبايا أهل البيت بعد واقعة الطف إلى الكوفة " فلما دخلن إليها خرجت نساء الكوفة يصرخن ويبكين، فقال علي بن الحسين: هؤلاء يبكين علينا فمن قتلنا؟! " (22).
الرد على الشبهة الثانية
يمكن الرد على هذه الشبهة من خلال النقاط التالية:
1. إن الذي لديه أقل إلمام بالتاريخ، يذعن أن كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) والإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، المذكورة آنفاً، إنما قالها لأولئك القوم المجتمعين على قتله في كربلاء سنة61هـ، وهم مجاميع من الناس استنفرهم عبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، وكانوا جميعاً من النواصب كما رأيناً في الفصل الثاني، ولم يكونوا من الشيعة، بل ليس فيهم شيعي واحد معروف، فكيف يصح أن يقال: إن قتلة الإمام الحسين كانوا من الشيعة؟!
2. إن الذين خرجوا لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) كانوا من سكان الكوفة، لكنهم ليسوا كلهم منها، بل ليس أغلبهم منها كما رأينا في الفصل الثالث، وهم يتوزعون على ثلاثة بلدان(الشام، بلاد فارس، العراق)، لذا فهم من أهل الكوفة بعنوان سكانها لا بعنوان كونهم كوفيين بالأصالة، لذا فالخطاب كان لسكان الكوفة من هذه الفئات، سواء أكان خطاب الإمام الحسين عليه السلام، أو كلام الإمام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام، أو السيدة زينب عليه السلام.
3. أن الذي يتصور ان الكوفة كانت شيعية على طول التأريخ فهو واهم، فهي عانت كثيراً في عهد زياد بن أبيه بعد عام 44هـ، أي قبل واقعة الطف، وسبب التنكيل بالشيعة فيها، لم يكن يسكنها شيعي معروف بتشيعه، فإن معاوية لما ولَّى زياد بن أبيه على الكوفة تعقَّب الشيعة، فقتلهم وهدم دورهم وحبسهم حتى لم يبق بالكوفة رجل واحد معروف بأنه من شيعة علي (عليه السلام).
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث، قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عُمَّاله بعد عام الجماعة: (أن برئت الذمّة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته). فقامت الخطباء في كل كُورة وعلى كل منبر يلعنون عليًّا ويبرأون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاءاً حينئذ أهل الكوفة لكثرة ما بها من شيعة علي (عليه السلام)، فاستعمل عليهم زياد بن سُميّة، وضم إليه البصرة، فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف، لأنه كان منهم أيام علي (عليه السلام)، فقتلهم تحت كل حَجَر ومَدَر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسَمَل العيون وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشرّدهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم (23).
إلى أن قال: ثم كتب إلى عمَّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البيِّنة أنه يحب عليًّا وأهل بيته، فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه، وشفع ذلك بنسخة أخرى: (من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم، فنكِّلوا به، واهدموا داره)، فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه في العراق، ولا سيما الكوفة، حتى إن الرجل من شيعة علي (عليه السلام) ليأتيه من يثق به، فيدخل بيته، فيلقي إليه سرَّه، ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدِّثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمنَّ عليه(24).
وقال المؤرخ ابن الأثير في الكامل: وكان زياد أول من شدد أمر السلطان، وأكّد الملك لمعاوية، وجرَّد سيفه، وأخذ بالظنة، وعاقب على الشبهة، وخافه الناس خوفاً شديداً حتى أمن بعضهم بعض(25).
وقال ابن حجر في لسان الميزان: وكان زياد قوي المعرفة جيد السياسة وافر العقل وكان من شيعة علي وولاة إمرة الفرس فلما استلحقه معاوية صار أشد الناس على آل علي وشيعته.
وهو الذي سعى في قتل حجر بن عَدِي ومن معه، وكلام كل من وقفت على كلامه من أهل العلم مصرح بأن زيادا تحامل عليه (26).
هذا في زمن زياد أبو عبيد الله بن زياد، وبعد زمن زياد رجع الشيعة العراقيين واستوطنوا الكوفة، ولكن عبيد الله بن زياد ضيّق عليهم وسجن أغلبهم وقتل آخرين، كما رأينا في الفصل الثالث، ومن استطاع النجاة من القتل أو الحبس ناصر الإمام الحسين عليه السلام، كما رأينا في الفصل الرابع.
من كل ذلك يتضح أن الكوفة لم يبق بها شيعي معروف خرج لقتال الحسين (عليه السلام)، فكيف يصح ادِّعاء البعض بأن الشيعة هم الذين قتلوا الإمام الحسين (عليه السلام) ؟!
4. القول بأن الشيعة قتلوا الحسين (عليه السلام) فيه تناقض لفظي واصطلاحي واضحين، وذلك لأن شيعة الرجل هم أنصاره وأتباعه ومحبّوه، وأما قتلته فليسوا كذلك، فكيف تجتمع فيهم المحبة والنصرة له مع حربه وقتله؟!
ولو سلَّمنا جدلاً بأن بعض قتلة الحسين كانوا من الشيعة، فإنهم لما اجتمعوا لقتاله فقد انسلخوا عن تشيعهم، فصاروا من غيرهم ثم قتلوه.
5. أن الإمام الحسين (عليه السلام) قد وصف الجيش المقاتل له في يوم عاشوراء بأنهم (شيعة آل أبي سفيان)، فقال(عليه السلام): ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عُرُباً كما تزعمون (27).
ولم نرَ بعد التتبع في كل كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء وخُطَبه في جيش الشر واحتجاجاته عليهم، أنه وصفهم بأنهم كانوا من شيعته!! أو من الموالين له ولأبيه!!، كما أنّا لم نرَ في كلمات غيره(عليه السلام) من وصفهم بهذا الوصف، وهذا دليل واضح على أن هؤلاء القوم لم يكونوا من شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، ولم يكونوا من مواليهم.
6. أن تصرفات وأقوال جيش الباطل تكشف عداوتهم للإمام الحسين (عليه السلام) لا مشايعته ومتابعته، إذ منعوا عنه الماء وعن أهل بيته، وقتلوه (سلام الله عليه) وكل أصحابه وأهل بيته، وقطعوا رؤوسهم، وداسوا أجسامهم بخيولهم، وسبوا نساءهم، ونهبوا ما على النساء من حلي... وغير ذلك، وهذه المواقف تدل على أنهم ليسوا بشيعة له، من قبيل منعهم الماء عليه، فيخاطبهم أحد أصحاب الإمام في جيش الحق بقوله: (…وخلاءتموه ونساءه واهل بيته واصحابه عن ماء الفرات الجارى الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه ، وهاهم قد صرعهم العطش ، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لا اسقاكم الله يوم الظماء ان لم تتوبوا وتنزعوا عما انتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه)(مقتل أبي مخنف/ الطبري: ص122).
فردوا عليه: (قد أكثرت الكلام فاكفف، والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله)(المصدر السابق) يقصد: عثمان بن عفّان.
ونحن نتساءل: هل هذا جواب شيعي ؟!!
قال المؤرخ ابن الأثير: ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه مَن ينتدب إلى الحسين فيُوطئه فرسه، فانتدب عشرة، فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضّوا ظهره وصدره(28) وكل هذه الأفعال لا يمكن صدورها إلا من حاقد شديد العداوة، فكيف يُتعقَّل صدورها من شيعي؟!، وهو يعني من ضمن المعاني المُحِب.
7. إن بعض قتَلَة الإمام الحسين قالوا له (عليه السلام): إنما نقاتلك بغضاً لأبيك (29) .
ولا يمكن تصوّر تشيع هؤلاء مع تحقق بغضهم للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)!، الذي يُعتبر رأس الشيعة
وقال بعضهم: يا حسين، يا كذاب ابن الكذاب (30).
وقال آخر: يا حسين أبشر بالنار(31).
وقال ثالث للإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه تعليقاً على صلاتهم: إنها ـ يعني الصلاة ـ لا تُقْبَل منكم، فقال له حبيب بن مطهر: ويحك!! أتقبل منكم ولا تقبل من آل رسول الله صلى الله عليه (وآله)؟!! (32).
وقالوا مثل هذه من العبارات الدالة على ما في سرائرهم من الحقد والبغض لأمير المؤمنين وللإمام الحسين (عليهما السلام) خاصة، ولأهل البيت (عليهم السلام) عامة.
8. أن المتأمِّرين وأصحاب القرار وقادة جيش الشر لم يكونوا من الشيعة، وهم يزيد بن معاوية، وعبيد الله بن زياد، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الأشعث بن قيس، وعمرو بن الحجاج الزبيدي، وعبد الله بن زهير الأزدي، وعروة بن قيس الأحمسي، وشبث بن ربعي اليربوعي، وعبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، والحصين بن نمير، وحجار بن أبجر، وكذا كل من باشر قتل الحسين أو قتل واحداً من أهل بيته وأصحابه كسنان بن أنس النخعي، وحرملة بن كاهل، ومنقذ بن مرة العبدي، وأبي الحتوف الجعفي، ومالك بن نسر الكندي، وعبد الرحمن الجعفي، والقشعم بن نذير الجعفي، وبحر بن كعب بن تيم الله، وزرعة بن شريك التميمي، وصالح بن وهب المري، وخولي بن يزيد الأصبحي، وحصين بن تميم وغيرهم.
9. إن البحث من البعض في أن قتلة الإمام الحسين عليه السلام، هل كانوا من الشيعة أو غيرهم، منتفٍ لانتفاء موضوعه، لأنه لا شيعة في البين في أوساط معسكر بن زياد حتى يصار هل أن الذين قتلوا الإمام كانوا من الشيعة أم لا؟! فالبحث سالب لانتفاء موضوعه كما أسلفنا.
10. وللمزيد من الفائدة، حول تبرئة الشيعة نذكر نص كلام السيد محسن الأمين(33): (حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلى دين، وبعضهم أجلاف أشرار، وبعضهم اتبعوا رؤساءهم الذين قادهم حب الدنيا إلى قتاله، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد، أما شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً، وما برحوا حتى قتلوا دونه، ونصروه بكل ما في جهدهم، إلى آخر ساعة من حياتهم، وكثير منهم لم يتمكن من نصرته، أو لم يكن عالماً بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه، وبعضهم خاطر بنفسه، وخرق الحصار الذي ضربه ابن زياد على الكوفة، وجاء لنصرته حتى قتل معه، أما أن أحداً من شيعته ومحبيه قاتله فذلك لم يكن، وهل يعتقد السيد علي جلال إن شيعته الخلص كانت لهم كثرة مفرطة؟ كلا، فما زال أتباع الحق في كل زمان أقل قليل، ويعلم ذلك بالعيان، وبقوله تعالى: وقليل من عبادي الشكور).
وحقيقة الأمر أن سبب اتهام الشيعة بجريمة لم يقترفها غير النواصب، وهم يعلمون بتناقض ما يقولون ومجافاته للحقيقة والصواب؟! السبب هو لأن هذا الاتهام يصب في أدبياتهم التي طالما يتمشدقون بها في الدفاع عن كل طواغيت الأرض، وجبابرة الحكم، الذين حكموا الناس بالحديد والنار وفسروا الدين حسب مصالحهم، أمثال معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف الثقفي وصدام ومن لف لفهم، ولأجل هذا كانت سهام الحقد الناصبي وما زالت موجهة بالذات إلى فكر أهل البيت عليهم السلام، المختزل في صدور الشيعة أو كما يسمونهم "الروافض"، وهم روافض الظلم والجور والتعسف التي تطفح من الأنظمة الفاسدة المتسلطة على رقاب المسلمين، والشيعة في حقيقة الأمر هم المشروع الإصلاحي الوحيد الذي يحافظ على جوهر الرسالة السماوية للاسلام من كل زيغ وانحراف، من وعاظ السلاطين، في زمن كثر واتره وقل ناصره.
فإلصاق تهمة قتل الإمام الحسين (عليه السـلام) بالشيعة، لم تأتي اعتباطاً، بل هو أمر متعمّد ومقصود لتبرأة بني أمية وإبعاد الناس عن أهل الحق من أهل البيت (عليهم السـلام) وشيعتهم، وإلا لماذا التخصيص بأهل الكوفة، وإخراج غيرهم !! مع أنه لو ثبتَ أنهم خصوص أهل الكوفة – وهذا لم يثبت كما شاهدنا في الفصل الثالث- فلا يثبت اختصاص ذلك بالشيعة، مع أن الجميع يعلم إن العدوَّ الظاهر لأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم آنذاك وحالياً، هم النواصب، وخاصة المتمركزين حينها في الشام، كونهم يمثلون الأرضية الصلبة لحكم بني أمية.
|
|
كافة التعليقات (عدد : 1)
• (1) -
كتب :
حسام محسن
، في 2016/09/03 .
احسنتم كثيراً وفقكم الله استاذ جسام
|
|
•
المصدر :
http://www.kitabat.info/subject.php?id=51019
•
تاريخ إضافة الموضوع :
2014 / 09 / 15
•
تاريخ الطباعة :
2025 / 03 / 13
|