• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية،بحث موجز في علم الاجتماع 7 .
                          • الكاتب : مير ئاكره يي .

العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية،بحث موجز في علم الاجتماع 7

إن ما ذكره الدكتور علي الوردي من إن الأنظمة الرأسمالية الديمقراطية الغربية مازالت تؤمن بالطبقية الاجتماعية هو كلام صحيح ، ومعلوم كذلك إن الطبقية الاجتماعية لاتتفق مع معايير العدل الاجتماعي ومباديء المساواة القانونية وموازين الأصالة والكرامة الانسانية . لكن بالرغم من ذلك ، ومن بعض الاشكاليات والسلبيات الأخرى فإنها في الحال الحاضر – على الأقل – أكثر عدلا ومساواة وتسامحا وإنسانية من النظم اليسارية الفاشلة ، ومن النظم التي تدّعي الاسلامية ، أما إنها بالحقيقة بعيدة عن النظام السياسي الاسلامي القائم على العدالة والمساواة والتسامح والحرية واللاإكراه واللاعنف في المعتقد الديني والمذهبي والفكري والفلسفي والسياسي  . والاسلام منذ بداياته الأولى أقر وإحترم الاختلاف والتنوع والتعدد في الأديان والمعتقدات ، وفي الأفكار والمناهل الأيديولوجية ، وفي القوميات والألوان والأعراق البشرية ، وله في ذلك لائحة تشريعات وتعاليم كثيرة وردت في محكم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .
وإن أيّ نظام لايطبق التشريعات والتعاليم التي سنّها الاسلام حول الخطوط العريضة والمباديء الأولية الأساسية للحكم ، وفي مقدمتها العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية فإن الفشل سيكون حليفها . لهذا لانقول فقط بأن الفشل كان من نصيب الأنظمة اليسارية التي كانت تعارض الاختلاف والتنوع والتعدد ، بل إنه شمل أيضا تلكم الأنظمة التي إدّعت وتدّعي أنها اسلامية ! .
وذلك لأن الأنظمة التي تتبنّى الشريعة الاسلامية في حكمها لم تكن – برأيي – تجيد وتحسن قراءة الاسلام وتفسير تعاليمه وتأويل أحكامه على أساس الاجتهاد والتجديد وفق المتغيرات والمقاصد والمقتضيات الزمانية أولا ، وثانيا لاهمالها العقل ومكانته الخلاقة ودوره الكبير في الحياة ، حيث هم تناسوا بأن الشرع والعقل يسيران معا ولاتناقض بينهما ، ولامفارقة بينهما . إذ أن ماحرّمه الشرع يحرمه العقل والعكس صحيح أيضا بالتحليل والتحريم ، وبالتجويز والحظر ، وبالسلب والايجاب . وقد جاء في الأثر إن [ من لا عقل له لا دين له . وحول مكانة العقل قال الامام عمر بن الخطاب [ رض ] : [ لاتنظروا الى صلاة آمريء ولاصيامه ، ولكن أنظروا الى عقله وصدقه ] ( 21 )  ، وثالثا لاحتكارها المعرفة الاسلامية بأناس معينين ، وبألبسة وظواهر خاصة ، ورابعا عدم معرفتها العميقة وقراءتها المستنيرة للنظام الدولي وتطوراته وعلاقاته المتشعبة والمترامية الأطراف والجهات في العالم كله ، وخامسا لتحيُزها ومواقفها التمييزية في محن الشعوب وقضاياهم ، وسادسا لعصبيتها المفرطة في القضايا المذهبية والحزبية والفقهية والشخصية والقومية والقبلية ، وسابعا لقفزها فوق مشاكلها الداخلية والمعاناة المأساوية لمجتمعاتها بدل المحاولة في فهمها وتفهّمها لتقديم الحلول العادلة والمنصفة لها . إذن ، لهذه الأسباب والعوامل وغيرها أيضا فشلت تلكم الأنظمة والحركات الاسلامية كذلك من تقديم أُنموذج سياسي وحضاري راق وأفضل !! . 
وفيما يلي أذكر أهم العوامل الأساسية لتجسيد العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية في المجتمع  :
1-/ رئيس منتخب بصورة شرعية بين كل فترة وأخرى ، لأجل سد الطريق أمام بروز الظاهرة المَرَضية والمعضلة الكبرى والخطيرة وهي تقديس القائد ، أو الحكم لمدى الحياة ، أو التوريث السياسي للحكم  ! .
لهذا فإن صناديق الاقتراع ونظام التصويت والانتخابات هي إحدى الآليات الهامة لضبط الرئيس وتقييده لكي لاينجرف نحو الاستبداد والطغيان والدكتاتورية ، أو الانحراف صوب التأليه والتقديس الذاتي ! .
2-/ حكومة منتخبة قائمة على الأسس القانونية والمؤسساتية .
3-/ إستقلالية الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية بعضها عن بعض ، وبخاصة الأخيرة منها ، أي الجهاز القضائي حيث حكمه هو الفيصل في المجتمع دون إستثناء بين المواطنين .
4-/ إستقلال الاعلام عن الحكومة وأجهزتها وشخصياتها وتأثيراتهم ونفوذهم ، وعن الحزب الحاكم بصورة خاصة . وذلك لكي يتمكن الاعلام ، وبشفافية وحرية ومصداقية من لعب دورة الحيادي والمستقل والرصين في إيصال الحقائق والمعلومات والأخبار من والى المجتمع . ويسمى الاعلام في الدول الديمقراطية ب[ السلطة الرابعة ] ! .
5-/ وعي المجتمع ويقظته وجرأته شرط هام وعامل كبير في إقامة الحكم العادل الصالح ، وفي المقدمة المتعلمين ، وبشكل أخص المثقفين من أبناء المجتمع حيث تقع عليهم المسؤوليات الجمة والحساسة في هذا الأمر !! . 
يقول الحكيم والفيلسوف الصيني المعروف [ لاو تسو 500 / 600 ق، م ] في تصنيفه القيم للحكام والرؤساء  :
[ أفضل الحكام من شابه الظل عند رعيته . يليه الحاكم الذي يحبون ويحمدون . فالذي يخافون ويرهبون . فالذي يكرهون ويحتقرون . اذا لم تمنح ثقتك للناس أولا لن تستطيع الحصول على ثقتهم ] !!! ( 22 ) .
الشرح : يعتقد [ لاو تسو ] ، وهو محق فيما ذهب اليه إن أفضل الرؤساء والحكام هو من شابه الظل لدى مواطنيه . وهذا بمعنى أن يكون الرئيس خفيف الظل ، أي إن عدل الرئيس وحُسن سيرته ورفعة سلوكه بين الناس جعلهم كأنهم لايشعرون بوجوده إلاّ ظلا خفيفا وسميكا . وهذا النوع من الرئيس النادر جدا يتمتع بخصوصيات عظيمة وبأخلاق سامية هي :  
1-/ العدالة في الحكم ، والمساواة في تنفيذ القوانين بين المواطنين دون تحيز وإستثناء .
2-/ نشر الأمن والأمان والاستقرار والرخاء في المجتمع .
3-/ عدم توزيع المناصب والمسؤوليات الحكومية ، أو الحزبية بين أبنائه ، أو إخوانه أو أقربائه الآخرين .
4-/ عدم نهب وإختلاس ثروات الشعب .
5-/ عدم توزيع ثروات الشعب وخيراته بين أفراد عائلته وأقاربه .
6-/ لايكون هذا الرئيس والحاكم ، ولا أفراد عائلته وأقرباءه أثرى الأثرياء على حساب ثروات المجتمع وأمواله .
7-/ نشر حرية الرأي والنقد والاختلاف في المجتمع .
8-/ حظر التعذيب والتنكيل بالمواطنين  ، أو الحط من كرامتهم داخل المعتقلات والسجون . 
9-/ حظر إعتقال أحد من المواطنين بسبب الرأي ، أو الفكر ، أو النقد ، أو الاعتراض ، أو السياسة .
10-/ منع نشر صوره ، أو إقامة التماثيل له في البلاد حتى لاتصبح مقدمة لتقديس الرؤساء ، أو لنسج هالات التأليه حولهم .
وبعد هذا الرئيس العادل والصالح يليه الرئيس الذي يحبه المجتمع ويمتدحونه . هنا يشعر الناس بوطأة الحاكم وبثقله وبوجوده ، لكنه مع ذلك حاكم ورئيس جيد يبتغي الخير والخيرية والسعادة والعدل والمساواة والأمن للمجتمع . ثم يليه الرئيس الذي يخافه المجتمع ويرهب منه . وهذا الرئيس سيئاته ومظالمه أكثر من حسناته وعدله ، لأن العدالة لاتطبق في حكمه إلاّ بصورة مبتسرة وقليلة ونسبية . وأخيرا يأتي بعده الرئيس القائم حكمه على الجور والاستبداد والارهاب والترهيب والبطش والطغيان والنهب لثروات الناس . وما قبله من نوع الرؤساء قد يكون ذلك ، لكن بشكل أخف وطأة . أما الأخير فإنه رئيس طغياني بالمرة ، فهذا هو الرئيس ، أو الحكم الذي يحتقره الناس ويكرهونه ويمقتونه من أعماق قلوبهم . لذا فإن هذا الحكم والذي سبقه هما من أسوء أنواع الحكم السياسي وأكثره رداءة في التاريخ الماضي والمعاصر ! .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=4760
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13