أعطت الموازنات المتتالية منذ عام 2003 وحتى 2012 الجانب الأمني أهمية استثنائية، ورغم أهمية هذا الجانب ألا أن الاهتمام به جاء على حساب التخصيصات الموجهة نحو قطاعات على درجة كبيرة من حيث الأهمية في عملية التنمية مثل قطاع النفط وقطاع الصناعة التحويلية وقطاع الزراعة وقطاع الخدمات والقضاء على الفقر وردم الهوة الواسعة بين الاغنياء والعوائل الفقيرة المتعففة .والموازنة العامة لم يستخدم فيها حتى الآن التبويب الجغرافي، ناهيك عن انعدام الدراسات التي تبين آثارها على سكان الريف والحضر من حيث الإسهام في مواردها أو الافادة من ثمارها. وإذا كان ذلك جائزاً في الماضي، فهو غير جائز في الوقت الحاضر، في عصر المعلوماتية وتطور برامج الحاسب ،بعد أن أصبح من السهل إجراء جميع التبويبات والتصانيف المطلوبة للموازنة .
وحسب مايذكر الباحثون وذوي الاختصاص فان الموازنات المنفذة خلا ل الفترة 2004- ومابعدها لم تصمم على اسس ترقى إلى المعايير الدولية المعتمدة من قبل صندوق النقد الدولي المتعلقة بشفافية الموازنة ، و يحددها الصندوق بأربعة مجالات أساسية وهي وضوح الأدوار والمسؤوليات، توفر المعلومات للجماهير، تحضير منفتح للموازنة وتطبيق منفتح لها وضمانات النزاهة. ويقدم الصندوق تحديدات مفصلة لكل مجال من هذه المجالات
1ـ مشكلة البطالة التي تتجاوز نسبتها (20%) حسب الإحصاءات الرسمية
2ـ التوترات الاجتماعية التي رافقت تنفيذ برامج تحرير الاسعار لاسيما بعد رفع أسعار المشتقات النفطية والتوترات الأخرى التي يمكن أن تحدث مستقبلاً.
3ـ الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة.
4ـ ضعف قدرة الدولة على تنويع مصادر إيراداتها وزيادتها
وفي كل سنة هناك موازنة عام (تشغيلية واستثمارية ) لكن مجلس الوزراء يعود بعد نصف السنة الى ارسال موازنة تكميلية واحيانا ثالثة في نفس العام حتى اصبحت عرفا متعارفا عليه متزامنا مع عدم وجود خطة سنوية او خمسية لتخصيص المشاريع المهمة والكبيرة التي تعطيها الحكومة اولوية على باقي المشاريع .ماذا لو اخذ المبادرة مجلس النواب وحول هذه الموازنة الى الحكومات المحلية في المحافظات لتوزيعها على العوائل المتعففة والفقراء والعاطلين عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة بدلا من تسليمها للحكومة لتصرفها في مناحي لايعرف عنها الشعب شيئا، ولا تقدم لهم شيئا يذكر في مجال الخدمات او تشغيل العاطلين او تجهيز الطاقة الكهربائية، ورغم مرور ثلاث حكومات على العراق بعد 3002 ولحد الان الا ان الخطة الخمسية لا وجود لها اساس فضلا عن ان الحكومة لاتقدم رؤية واضحة ولا منهجا للمشاريع السنوية التي تاخذ الاولوية والاهتمام في الموازنة لتنفذ اولا ثم تاتي باقي المشاريع بل غالبا ما تتذكر الحكومة مشاريع جديدة في النصف الثاني من السنة وهو امر غير موجود في اي بلد متحضر فما بالك بالعراق صاحب الموازنة الانفجارية كما تسميها الحكومة،وهنا لابد من العودة للتذكير بان المنهاج الحكومي يغيب عنه التنسيق او التنظيم او معرفة احتياجات الشعب ولهذا تتخبط الحكومة في طلب موازنة تكميلية وربما تكميلة ثانية لكن النتيجة لم تتغير خلال ست سنوات مضت،وبقي الحال على ما هو عليه بدون تغيير اللهم الا في ارقام الموازنة التي تنفجر تصاعديا كل عام بعدد المليارات. |