• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفضاء السيبراني بين الحقيقة والتزييف .
                          • الكاتب : نجاح الجيزاني .

الفضاء السيبراني بين الحقيقة والتزييف

في عوالم الفضاء الالكتروني التي نعيشها، وننغمس فيها عبر حواسيبنا الذكية، تنبثق فكرة :(الصناعة الحاذقة) والتي أعني بها القدرة على التأثير بالرأي العام.. وهذا ما يحصل تماما في أيامنا.
فبين الحقيقة والزيف خيط رفيع غير مرئي، قد يأتي على شكل فيديو مفبرك، او يأتي على شكل كلام مجتزء من كلام أحدهم، او يأتي موقفا مركّبا لا يخلو من ذكاء!
 (انّ الفضاء الإلكتروني مجرد بيئة افتراضية يحدث فيها الاتصال عبر شبكات الكمبيوتر .  وأصبحت الكلمة شائعة في التسعينيات عندما نمت جميع استخدامات الإنترنت والشبكات والاتصالات الرقمية بشكل كبير وكان مصطلح الفضاء الإلكتروني قادرًا على تمثيل العديد من الأفكار والظواهر الجديدة التي ظهرت كتجربة اجتماعية ، يمكن للأفراد التفاعل وتبادل الأفكار وتبادل المعلومات وتقديم الدعم الاجتماعي وإجراء الأعمال التجارية وتوجيه الإجراءات وإنشاء وسائط فنية وممارسة الألعاب والمشاركة في المناقشات السياسية وما إلى ذلك ، باستخدام هذه الشبكة العالمية. يشار إليهم أحيانًا باسم cybernauts . مصطلح الفضاء الإلكتروني أصبح وسيلة تقليدية لوصف أي شيء يرتبط بالانترنت) 
فما يحدثه الفضاء الالكتروني او الافتراضي
كما يُسمى، من تأثير بالرأي العام لا يخفى
ولا يمكن تجاهله بأي حال من الاحوال. 
فهو قادر بالتأكيد على تحشيد الناس تجاه قضية ما، وقادر كذلك على تأليبهم على أوضاعهم، بل وخلق ثورة متكاملة بكل معنى الكلمة.
وبما ان الفضاء الالكتروني قادر على رسم واقع افتراضي معين، قد يحمل المصداقية بين طياته، وقد يحمل التدليس والتزييف كذلك، لابد ان يكون المتلقي حذرا من الوقوع في مطبات هذا الواقع الافتراضي، والا سيكون ضحية من ضحاياه، وفريسة سهلة المنال من فرائسه وما اكثرهم؟!
نحن اليوم فرحون بما وصلت اليه البشرية من تقدم وانجازات وعلى كافة الاصعدة، وفرحون كذلك لسهولة ويسر الوصول الى المعلومة، لكننا نغفل وللأسف الشديد عن الاهداف التي يراد تسويقها من ذوي النفوس المريضة، والتي تعتاش على الكذب والخداع والتدليس... جنود الشر القابعون خلف الكيبوردات يعملون ليل نهار لقلب الحقائق وتزييف الوقائع، لكي يخلقوا وضعا مربكا للمجتمع. وهذه من القضايا التي أبتلينا بها ولا زلنا نعاني منها. 
لعل البعض من هؤلاء لا يجدون حرجا من الظهور امام الناس، وتوضيح حقيقة ما يقومون به من تركيب مقاطع او اجتزاء كلمات من مقابلة ما، بل ويفخر بعضهم بالادعاء بانها موهبة، لكنها في واقع الأمر ليست موهبة، بل هي دوافع نفسية مريضة لخلط الاوراق، وتحريف الرأي العام عن قضية مهمة، ومحاولة التصيّد بالماء العكر، لكي يوهموا الناس بانهم على حق وما يفعلونه هو الصواب. 
الموهبة الحقيقية لا تنمو مع ضحالة الفكر وانعدام المسؤولية، كما انها لن تجد لها مرتعا خصبا في النفوس التي جُبلت على الشر والايقاع بالآخرين.. اننا اليوم نعيش وسط غابة بشرية لا ترحم، بل هو أشبه بحقل ألغام، إذ تنتقل المعلومات المضللة بسرعة هائلة،فمن الضروري التفكير مليّا قبل الإقدام على اية خطوة. 
(لسنوات طويلة، ساد اعتقاد "شعبي" مفاده أن معيار الحقيقة والكذب في المحتوى الإعلامي مرهونٌ بالرؤية والسمع، لكن التقدم الكبير في مجالات "التزييف العميق" والانتشار الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي ضرب بتلك الحقيقة عُرض الحائط، بعدما أصبح أي محتوى إعلامي عُرضةً للتزييف حتى لو كان هذا المحتوى الإعلامي مدعومًا بالصوت والصورة!). 
خذوا مثلا حادثة الفيديو الذي اتتشر مؤخرا لفرنسيين يتبولون على طفل مالي، وكيف أحدث هذا الفيديو من تحشيد للرأي العام، فالجميع بلا استثناء قد تعاطف مع هذا الطفل ذو السحنة السمراء، والجميع كذلك بدأوا يتناقلون هذا الفيديو كنوع من الدعم لتحشيد التعاطف، وتأليب الرأي العام على فرنسا، التي تدّعي التحضر والمدنية وما الى ذلك، لكن تبين فيما بعد ان هذا الفيديو قد تعرّض للتدليس وتغيير المحتوى، فالأمر لا يعدو ان يكون عملا فنيا لفنانة گواتيمالية حول العنف ضد جسد المرأة!
ولكن هذا لا يعني دفاعا عن فرنسا بأي حال من الاحوال، ولا تبرئة لساحتها، فهي معروفة من بين دول اوربا بمحاربتها للإسلام، وقضية محاربتها للحجاب هي من القضايا المعروفة للجميع. 
الا اننا مدعوون للتأكد من صحة اي منشور أو فيديو لتجنب الوقوع في ورطة.. فالواقع الذي نعيشه وببركة الفضاء السيبراني أكثره إفتراضي ومخادع. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=172877
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19