في سالف الزمان حكاية تنبض بالحب والوئام قصتها لنا الأيام، لما ارتفعت يد خير الأنام ملتفة بكف الفضيلة والايمان لتعلن للوجود ان ذلك اليوم هو عيد الله الأكبر الميمون، ليمتطي الزمان تلك الواقعة ويوثقها رغم أنوف الحساد.
وقد استساغها اهل العقل والبيان وبغضها اهل الكفر والنفاق، وراح الجمع يصافح يد الخير والايمان والطوابير تتهلل بالبشر والأمان، إلا شرذمة ضالة جرى البغض في نفوسهم وتسلل الغل والعدوان.
ومضت الحكاية تروى في أزقة مكة فينتشي المحب بذلك الكرنفال المهيب، ويمتعض المبغض بذلك الحدث القوي الحجة والبرهان.
كانت الشمس ترسل أشعتها اللافحة المحرقة على الوديان وحل وقت الظهيرة، واقترب الركب الكبير، وظهرت من بعيد أرض "غدير خم" القاحلة المليئة بالوديان ، وبينما نوى الحجيج على التفرق اذا بالأوامر تنزل ان توقفوا هنيئة لتستعلموا ما جاء من بيان، وأذن المؤذن يؤم الجمع لصلاة الظهر .
صافحت لسعات الرياح الحارة وجوه القوم واشخصت ابصارهم نحو نبي الهدى والايمان، وسريعا ما جاء الامر بسماع رسالة إلهية جديدة، وانشغل بعض الناس بصنع منبرا من أحداج الإبل ليرتقيها صانع الحياة لهم .
و فجأةً رأى الناسُ حبيبهم ينظر حوله ويفتش عن شخص غاب بين الجموع، لكنه لم يغب عن قلبه طرفة عين، وما أن وقعت عينيه الكريمتين عليه حتى انحنى وأخذ بيد نحوه، فرفعها حتى بان بياض آباطهما.
ليؤطر الوجود قداسة أحداث ذلك اليوم المشهود وتلك الساعات الفيصلية الحازمة، حينما نادى خير الانام : أيّها النّاس: من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: إنّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه،... ثمّ نظر طرفه إلى السماء وراح يدعو : «اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصـر من نصـره، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار...»
شهادة حق وتمييز عمن سواه ، والقاء حجر اصم بفاه كل من نكر فضله او نساه، وما بين فرح محب امتلأ قلبه بالغبطة والسرور، وبين لئيم حاسد تدور عيناه شررا من خفاء، كاد ينفل عقد القوم حتى نزل أمين وحي الله بقوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورضيت لكم الاسلام دينا ).
لأجل هذا ضلت الحكاية تنبض بالحب والوئام، وما زلنا ننتهل منها آيات العزة والثبات، وقد قصتها لنا الأيام لما أرتفعت يد خير الأنام ملتفة بكف الفضيلة والايمان لتعلن للوجود ان ذلك اليوم هو عيد الله الأكبر الميمون
|