• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : أولى بوادر انهيار الأمم فساد التعليم .
                          • الكاتب : باسل عباس خضير .

أولى بوادر انهيار الأمم فساد التعليم

 لم تكن عملية تسريب أسئلة الثالث المتوسط الحالة الأولى التي تحصل في البلاد ( لا قبل 2003 ولا بعده ) ولا نعتقد بأنها ستكون الأخيرة ما دام  حصولها يمكن أن يقع في ظل عدد كبير من الاحتمالات  ، ولكن في هذه المرة تمت بطريقة استفزازية بتسريب نماذجها الثلاثة وحلولها الكاملة ، كما إن الحالة تختلف لان موضوع تسريب أسئلة مادة الرياضيات في الامتحانات النهائية للثالث المتوسط حظي باهتمام أجهزة الدولة المختلفة ، فقد تم الإعلان عن  تشكيل لجان تحقيقية متعددة لذات الموضوع ، واحدة بأمر من رئيس مجلس الوزراء وثانية من هيئة النزاهة وثالثة من لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب ورابعة من قبل جهاز الأمن  الوطني وخامسة لوزارة التربية ، وبحسب آخر الأخبار عن نتائج عمل بعض هذه اللجان فقد تم الكشف ، إن تسريب أسئلة الامتحان تم في تربية الرصافة الثانية ببغداد ، ووفقا لمصدر رسمي  إن النتائج الأولية لأعمال الفريق المؤلف من هيئة النزاهة الاتحادية للتحري والتقصي عن تسريب الأسئلة الوزارية  ، توصل إلى إنها تسربت في مديرية تربية الرصافة الثانية وبين إن الفريق قام بتتبع الإجراءات الروتينية في توزيع الأسئلة من قبل اللجنة الدائمة للامتحانات العامة في الوزارة ، مؤكداً أن التحقيقات الجارية أسفرت عن التوصل إلى صحة المعلومات الخاصة بتسريب أسئلة مادة الرياضيات لهذا اليوم ( الخميس ) ، ومن جانب آخر تم التأكيد بأن لجنة التحقيق  في التربية توصلت  إلى إن تسريب الأسئلة تم من خلال التعرف على الكود الخاص بها  ، فكل  جهة تستلم الأسئلة لها كوداً خاصاً بها ، والتحقيقات قادت إلى أن الكود الذي تسربت الأسئلة عبره هو الكود الخاص بمديرية تربية الرصافة الثانية  ، وتابع إن الفريق توصل أيضاً إلى أن أول موقع إلكتروني قام بتسريب الأسئلة يعود لصفحة احد أعضاء اللجنة ، لافتاً إلى أن المعلومات تشير إلى أن الجهة التي تم من خلالها تسريب الأسئلة هي اللجنة المختصة بحفظ وتوزيع الأسئلة في دائرة التربية .

ورغم إن معالي وزير التربية لم يعلق على تسريب الأسئلة أثناء وجوده بمؤتمر في الاقليم ، فقد اصدر وكيل الوزارة أعماما لمديريات التربية أشار فيه إلى تأجيل ما تبقى من الامتحانات الوزارية للثالث المتوسط في المحافظات كافة ( عدا إقليم كردستان ) وحتى إشعار آخر ، وأكدت وزارة التربية إلى عدم وجود توجه لإعادة الامتحانات لمادتي اللغة العربية والانكليزية التي أجريت قبل امتحان الرياضيات ( رغم الشكوك التي أثيرت قبل يومين بشان تسريب أسئلة امتحان مادة اللغة الانكليزية ) ، وذكرت الوزارة أنّ تأجيل الامتحانات جاء حرصاً على عدم ضياع جهود الطلبة ،  كما أكدت أن تحقيقاتها العاجلة بدأت منذ ساعات الفجر الأولى داخل وزارة التربية وتمت بمشاركة جهات أمنية عليا ولا تزال مستمرة لاستكمال التحقيق في هذا العمل الخطير، وقد وصفت تسريب الأسئلة بأنه يمس أمن الدولة والمجتمع بشكل كامل ، كما طمأنت بالوصول إلى خيوط تخص بعض المتورطين الذين تعمدوا تسريب أسئلة الرياضيات للثالث متوسط لغايات ( رخيصة ودنيئة ) ، وان الوزارة ستقوم بعرض الفاعل أمام القضاء لينال جزاءه العادل وإنزال أشد العقوبات التي يستحقها جراء فعله الآثم  ، كما أعلنت أنها لم تحدد لغاية الآن موعد استئناف امتحانات الثالث متوسط ، فيما أشارت إلى إن تأجيل الامتحانات كان اضطرارا بهدف عدم إرباك الطالب .

ومع الاحترام الشديد للجهود التي بذلت وتبذل في هذا المجال والتي ربما ستكشف عن مزيدا من الإسرار ، ومنها مثلا قيام الأمن الوطني بإلقاء القبض على اثنين في مكاتب الانترنيت أسهموا في تسريب الأسئلة ، فان ما سيتم التوصل عليه يكشف حقيقة مهمة وهي عدم متانة الإجراءات الاحترازية التي تستخدم في تمرير وتوزيع أسئلة الامتحانات النهائية ( البكالوريا ) للمراحل الدراسية كافة ، وهناك عوائل تسال إذا أسهمت بعض العوامل ( او الصدف ) في اكتشاف التزوير اليوم فكم من الحالات التي مرت في السنين الماضية وكم من الطلبة غير المستحقين حصلوا على معدلات ومقاعد أهلتهم للوصول إلى كليات تقبل أعلى الدرجات والمعدلات ، اخذين بنظر الاعتبار إن أنظمتنا في القبول بمختلف القنوات تعتمد المركزية وتعول على المعدلات دون غيرها من العوامل كالاختبارات التنافسية المعمول بها في اغلب دول العالم ومنها دول الجوار ، وإذا آل التحقيق لاكتشاف إهمال وتعمد في تسريب الأسئلة موضوعة البحث فهل ستكون هذه هي النهاية لمعالجة الفساد والإهمال في تداول وتسريب الأسئلة بغض النظر عن هوية ومواقع وتأثير وقوة الجناة ، فهناك من يعتقد إن تسريب الأسئلة ليست مسالة عابرة وتتعلق بالنجاح والمعدلات فربما تكون ورائها غايات للمس بسمعة وشفافية الامتحانات في البلاد او لأهداف أخرى ربما تتجاوز المنظور لتكون احتمالاتها بأجندات خارجية او لأغراض تسقيطية او سياسية في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد لإكمال متطلبات انتخابات تشرين الأول 2021 ، مما يعني إن التحقيقات الجارية يجب أن لا تتوقف عند حد الكشف عن الجناة وإنما الكشف عن نواياهم الحقيقية ، وفي هذا السياق فمن الضروري التوصل إلى آليات وسياقات بجودة عالية للحؤول دون تكرار هكذا حالات مستقبلا ، لمنع الفساد في التعليم باعتباره واحدا من المؤشرات المهمة في انهيار الأمم ، بمعنى إن القضية اكبر بكثير مما يعتقده البعض في إفادة أبناء فلان او فلانة للحصول على النجاح والدرجات او الانتفاع من بيع الأسئلة بالأموال .

 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169448
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 06 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28