• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : من أدب فتوى الدفاع المقدسة   ( الحيدران ) .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

من أدب فتوى الدفاع المقدسة   ( الحيدران )

  كل ليلة تبدل الأرض ثوبها ثم تنام، وكل نهار تنهض الأرض تلبس عزيمة الرجال، هي مثلنا الأرض تقاتل، ترفض اساءة الدواعش، لا تقبل أن يُظلم على صدرها انسان، لذلك كان دائماً يقول: هوية الانسان شجاعة القلب وجرأة الروح، وكان يقول: الجنة لا يهبها الله مجاناً، هذا حيدر الأول الذي نسميه حيدر شرار معروف بجرأته وحركته القتالية الدؤوبة.

 اليوم الذي لا قتال فيه، كان يقول: «اليوم لا رزق فيه (ماكو رزق)، وحين يضحك حيدر الثاني (حيدر ربع)، كان يقول له: أن نقاتل أفضل من القعود بلا عمل، وكان (حيدر ربع) يعشق الارض وكل ما عليها؛ لأنه يرى انها منذ مقتل الحسين (عليه السلام) عليها صارت جزءاً من السماء.
 كان (حيدر شرار) يعشق كل الكلمات والتخريجات البسيطة (فيلسوف الجبهة)؛ كونه ينظر بعمق الى الأشياء، يفرق بين الشجاعة وحماقة المغامرة التي تؤدي الى الموت، يرى أنهم جاءوا الجبهات من أجل الحياة، كما الحسين (عليه السلام) قاتل من أجل حياة حرة كريمة.
 اشترك (الحيدران) في الكثير من المعارك معاً، وخرجا من بعضها بأعجوبة، قصص وملاحم كتباها معاً مع اختلاف بسيط بالطبائع، وكأنهما واحد يكمّل الآخر بين جرأة شرار وحراكه، وهدوء حيدر ربع.
 كان بعضهم يرى أن بهما تكتمل المعارك، ولا أحد فكر يوماً أن يُقارن او يقارب بين شجاعة الحيدرين، فلا أحد فكر يوماً، كيف يقاتل حيدر شرار دون هدوء حيدر ربع، كان يمتاز بمهارة قناص على مستوى متقدم من الخبرة، وأسكت الكثير من نيران القناصين في جميع المناطق التي قاتلا بها، وحدّ من ظهور من قناصي داعشي.
 وكان هناك قناص داعشي يمتاز بمهارة القنص، وقتل مجموعة من المقاتلين، فشاغله حيدر ربع لأيام؛ كي يصطاده فلم يفلح، هذه هي الحرب ملعونة، وهذا القناص محترف في التخفي والاختباء، وربما يخدمه الموقع الذي هو فيه.
 كان جميع افراد المجموعة يتأملون من حيدر ربع اصطياده، لكن جميع المحاولات لم تنجح معه، ربما كان أكثر من قناص، حيدر ربع لا يُخطئ هدفاً.
 حزن حيدر شرار على ما يحدث، فقال لصاحبه: لا تحزن أنا سأتصرف، وفعلاً اقتحم منطقة الخطر ليلاً، ودخل معسكر العدو، واستطاع أن يجد مكمن القناص، استثمر هجعة الدواعش، وهجم على القناص قتله وأسر سلاحه؛ ليكون الدليل على بطولته، ويفرح قلب صاحبه حيدر ربع.
 قال له وهو يبتسم: ما عاش من يحزنك يا صديقي، هذا هدية مني لك. بعد مقتل القناص الداعشي وبهذه الطريقة المذهلة التي اشعرتهم بالإهانة، كثفوا الرمي على المنطقة، واصبحت بركان نار، ولم يبقَ أمام الفرقة إلا أن تنسحب او تتقدم اليهم بخطوة جريئة تحتاج الى تضحيات كبيرة، لكنها ستكون مثالاً للشجاعة والبطولة والفداء، وسيتذكرها الدواعش دائماً؛ كونها تكسر توقعاتهم.
وصار القرار هو التقدم في عمق الجبهة، وكان المخطط هو تكبيد الحشود من الدواعش خسائر فادحة، ثم الانسحاب السريع والتمركز في منطقة جديدة من مناطق مكيشيفة، لم أكن تعرفت بعد على (الحيدرين) لكني كنت أسمع عن تلك العلاقة التي لم تظهر ميزتها كما هي اليوم، فالحيدران يمتلكان علاقة طيبة مع بقية المقاتلين، كانت في غاية الانسجام، وأما مثل تلك العلاقة كانت موجودة، وتظهر عندما يكون القتال يحتاج الى مثل هذه الثنائيات، لذلك اعتمدت بروايتي على ما سمعته من شهادات المقاتلين.
 كان الهجوم مباغتاً وشجاعاً وغير متوقع، لذلك كلّفهم العشرات من الدواعش والهروب المرعوب، وبعد انتهاء المهمة، تبيّنَ أن حيدر شرار استشهد في الصولة، وبقي جسده في المنطقة المنحرفة التي صارت تحت سيطرة الدواعش حسب تغيير خارطة المكان إثر قوة الهجوم. والمألوف عند الدواعش أن تكون مثل هذه الجثامين مكمناً لاصطياد أي محاولة سحب الأجساد من  منطقة القتال، فكان حيدر ربع يبكي صاحبه بحرقة لا تخفت أبداً، ويقول: لو كنت أنا الشهيد المرهون جسده عند الدواعش، لما سكت حيدر، وما هدأ إلا بإنقاذ جسدي من الأسر.
 كان آمر السرية يعرف ما يدور في رأس حيدر ربع فيحذره مغبة جرأة مجنونة، الجثة تحت مرمى الهدف والدواعش ينتظرون مثل هذه المغامرة، جميع المقاتلين يدركون أن عملية الانقاذ شبه مستحيلة، ولا احد يتوقع أن يفعلها حيدر ربع؛ لما تعرض له من نصائح وارشادات؛ ولما يمتاز به من هدوء وخبرة قتالية تجعله بعيداً عن مثل هذا التوقع، واذا أراد فعلاً أن يفعلها فلا يمكن ان يتصدى وحده لمثل هذه المهمة، لكن الرجال تُمحّص في مثل هذه المواقف، فعند يقظة الليل اقتحم حيدر المنطقة زحفاً وأنقذ جسد صديقه، وحرره من الأسر الداعشي في عملية اذهلت الطرفين، غبطوه بما يمتلك من جرأة وشجاعة وإقدام، وحين تعرفت على حيدر ربع وعدني أنه سيروي لي الحكاية بكل تفاصيلها.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=168348
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29