• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق الماضي والحاضر وافاق المستقبل (8) تحضيرات ما قبل السقوط .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

العراق الماضي والحاضر وافاق المستقبل (8) تحضيرات ما قبل السقوط

 كان غزو الكويت يشكل مقدمة التمركز الاكبر للقوات الامريكية في المنطقة، اذ ان ذريعة تحري الكويت من الغزو الصدامي القت بظلالها على جميع المنطقة فارسلت امريكا وحلفاؤها قواتهم العسكرية الى المنطقة لطرد القوات العراقية من الكويت، كانت حرب غير متكافئة تم القضاء فيها على غالبية القدرات العراقية العسكرية والبنى التحتية في البلاد.
وبعد اخراج القوات العراقية من الكويت اعلن الرئيس الامريكي جورج بوش الاب ان العمليات العسكرية في العراق انتهت وانه مستعد لدعم الشعب العراقي في التخلص من النظام العراقي .
كان السخط الشعبي قد بلغ اقصى مداه فثار الشعب العراقي في جميع المناطق الشيعية والكردية وفي المناطق الشيعية في بغداد هاتفاً لاسقاط نظام البعث، بينما اخلدت محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين وديالى الى السكون والترقب.
كانت الثورة عفوية بامتياز خالية من حضور القادة الميدانيين في الساحة الشيعية، وفي الوقت الذي حمل الشيعة في العراق صور السيد محمد باقر الحكيم كزعيم مستقبلي للعراق دون ان يعرفوا من اين جاءتهم الصور وكيف وصلت اليهم، الا انه السيد الحكيم ابن المرجع الكبير السيد محسن الحكيم ورئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، كشاهد عيان كان واضحاً مدى الارباك الذي عانت الحركة الشيعية وهي تنتظر من ياتي ليقودها ولذا كنا نسمع بين فترة واخرى تعيين محافظين ولكن من هم ومن عينهم لا نعرف كانت مكبرات الصوت تبث الحقائق والاكاذيب في وقت واحد ظهر اشخاص مدججين بالسلاح وتولوا القيادة ولكنهم سرعان ما تواروا بعد ان وصل قوات الجيش الى اطراف المنطقة، ومما اذكره في تلك الايام تعالى الصيحات انه جاء السيد جاء السيد مع التكبير والصلوات والتهليل وعندما نظرت الى السيد بعد ان صعدت الى مكان مرتفع وجدته احد وجهاء المنطقة ليس سوى ذلك.
كان غياب القيادة عن الوسط الشيعي وعدم دراسة واقع ما تؤول اليه الامور بعد تحرير الكويت كاشف عن عدم وجود رؤية موضوعية لدى قيادة المعارضة الشيعية على اختلاف مسمياتها واتجاهاتها، فوقع العبئ على ابناء الداخل الذين لا يحسنون من عالم السياسة سوى الهتافات ضد النظام الجائر ومهاجمة القوات العسكرية التي تفوقهم عدة وتنظيماً وتسليحاً وقدرة.
ولعل هذا احد الفوارق بين القيادة الشيعية في الجنوب والقيادة الكردية في الشمال، فان القيادة الكردية في الشمال اثبتت حضورا في وسطها الاجتماعي مهده له علاقاتها السابقة بالقوى التي قدمت من وراء البحار لتحرير الكويت من قوات صدام حسين، فتمكنت القيادة الكردية من الاستقرار في كردستان تحت رعاية القوى الكبرى مطمئنة امنة، في الوقت الذي لم تكن القوى ذاتها مستعدة لتوفير الحماية للقيادات الشيعية في المناطق الممتدة في الوسط الشيعي كما ان العلاقة بين الثائرين في الداخل والقيادات المستقرة في الخارج بمستوى يمنح تلك القيادات الطمأنينة للحضور الى العراق لادامة الثورة فاكتفت تلك القيادات بالتصريحات السياسية من خارج العراق، وماهي الا ايام على انطلاق تلك الانتفاضة حتى انتفض العرب ضدهم لان صدام ضعيف خير لهم من وصول الشيعة الى الحكم فوقف العرب جميعاً الى جانب صدام حسين ضد الشعب العراقي فاطلق سراح الجنود الاسرى وسمح لصدام ان يقمع الانتفاضة الشيعية بكل ما اوتي من قوة، وكان ذلك احد اسباب بقاء صدام حسين في السلطة اثنا عشر سنة اضافية ذاق الشعب العراقي فيها الامرين من ظلم صدام والجوع والمرض.
كانت الاثني عشر سنة ضرورية لرسم برنامج الشرق الاوسط الجديد فلابد من تركيع الشعب العراقي تحت طائلة الجوع والمرض وكشف مدى قوة الحركات السياسية وعمقها في الداخل وايجاد الضد النوعي لكل قوة اجتماعية او سياسية يمكن لها ان تظهر، ففي قبال المرجعية هيئوا مرجعيات وفي قبال العقيدة انشأت حركات فكرية منحرفة وفي قبال الحركات السياسية اوجدوا حركات وفي قبال القيم الاجتماعية اسسوا لحركات هادمة للقيم.
ان تزعزع العراق مسالة اصيلة لنجاح مخطط الشرق الاوسط الجديد لان الانهيار في العراق سيترك اثره على جميع المنطقة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=166302
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13