• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خمسة عشرة عقوبة لمن تهاون في صلاته( شرح رواية فلاح السائل) .
                          • الكاتب : محمد السمناوي .

خمسة عشرة عقوبة لمن تهاون في صلاته( شرح رواية فلاح السائل)

     لا شك ان الهدف في خلق  الإنسان وايجاده في هذه الدينا هو أن يحقق العبوديّة لله تعالى، وان يجعها سلماً للرقي والتكامل، أما الغفلة والسهو والكسل والتهاون  والاستخفاف في الدين، وبأحكام شريعة  المرسلين فهي من الأمور التي نهت عنها الرسالات والشرائع السماويّة، ويعاقب عليها الإنسان، ويترتب على ذلك الكثير من الآثار السلبيّة، والعقوبات الدنيويّة والأُخرويّة .

     ان الأنبياء جميعًا  بينوا  هذه  الحقيقة من  خلق الانسان  التي هي  العبادة والكمال إلا أن أغلب  الناس يعيشون حالة الكسل والبعد في أداء هذا الواجب الآلهي بينما في مجالات واسعة اُخرى نجدهم في أعلى حالات النشاط والقوة، سيما في الموارد الإقتصاديّة والمنافع الشخصيّة الماديّة، ناهيك عن حالات اللهو واللعب والسهر المجرد عن الفائدة،  بينما في العبادة تجده كسولاً متهاوناً في صلاته، والتي ينبغي أن تكون صلاته صلاة  معراجيّة،  هذا اذا أتى بها في وقتها المخصص، أما من  استخف بها وتهاون فيها عوقب بعقوبات كثيرة - وهذا  الأمر مما ينبغي الإستعانة بالله تعالى منه، والخلاص منه مهما كان صعباً - اشارت لها الروايات بوضوح، وفي هذا المقال سوف يتم تسليط الضوء رواية السيدة الزهراء عليها السلام، والتي رواها السيد ابن طاووس بحذف اسنادها، والتي يمكن عنونتها بـ "خمسة عشرة عقوبة لمن تهاون في صلاته"، وهذا المقال هو عبارة عن شرح لهذه الرواية التي وردت في كتابه الموسوم بـ "فلاح السائل" للسيد ابن طاووس طاب ثراه، وقد ورد فيها خمسة عشرة خصلة، وقد تم التعليق والشرح لمفرداتها  بعبارات سهلة وواضحة تحقق المراد لدى أغلب المنتمين  للثقافة الإسلاميّة.                                                                                                     

متن رواية فلاح السائل

2922 / 1 - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: أروي بحذف الاسناد عن سيدة النساء فاطمة ابنة سيد الأنبياء صلوات الله عليها وعلى أبيها، وبعلها وبنيها، أنها سألت أباها محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا أبتاه ما لمن تهاون بصلاته من الرجال، والنساء؟ قال: يا فاطمة من تهاون بصلاته من الرجال والنساء، ابتلاه الله بخمسة عشرة خصلة، ست منها في دار الدنيا، وثلاث عند موته، وثلاث في قبره، وثلاث في القيامة إذا خرج من قبره .

      فأما اللواتي تصيبه في دار الدنيا: فالأولى: يرفع الله البركة من عمره . ويرفع الله البركة من رزقه، ويمحو الله عز وجل سيماء الصالحين من وجهه، وكل عمل يعمله لا يؤجر عليه، ولا يرتفع دعاؤه إلى السماء، والسادسة ليس له حظ في دعاء الصالحين، وأما اللواتي تصيبه عند موته: فأولاهن: أنه يموت ذليلاً، والثانية: يموت جائعاً، والثالثة: يموت عطشاناً، فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه .

     وأما اللواتي تصيبه في قبره: فأولاهن يوكل الله به ملكاً يزعجه في قبره، والثانية: يضيق عليه قبره، والثالثة: تكون الظلمة في قبره . وأما اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره فأولاهن: أن يوكل الله به ملكا يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه، والثانية: يحاسبه  حساباً شديداً، والثالثة: لا ينظر الله إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم(1).

بحث في سند الرواية واسباب حذف الاسناد

      الرواية نقلت من كتاب فلاح السائل في فصله الأوّل تأليف السيد الجليل والعالم النبيل  ركن الاسلام رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد الطاووس(2) العلوي الفاطمي الحلي من علماء القرن السابع الهجري المتوفى 664هـ ، فهو غني عن التعريف  .

      أما كتابه الموسوم بفلاح السائل ونجاح المسائل في عمل اليوم والليل(3)، وهو من الكتب المهمة في الأعمال والعبادات فقد قال ابن طاووس رحمه الله : "مهمات في صلاح المتعّبد وتتمات لمصباح المتهجد، ما عرفت ان احداً شرفه جل جلاله بالسبق الى مثل تأليفه وتصنيفه ... خرج منه مجلدات منها ( فلاح السائل "(4).

      علماً ان هناك مجلداً  اخر للكتاب يعد من الموروثات المفقودة لتراث هذا السيد الجليل، ولسنا هنا في مقام تقييم هذا الكتاب من الناحيّة العلميّة، وتعدد النسخ واختلافها، وما هي قيمتها، وإنما البحث هنا هو بيان أسباب حذف الإسناد لدى السيد ابن طاووس، ومن ثم شرح هذه الفقرات الواردة في هذه الرواية.

     أما مرويات هذا الكتاب  قد رواها  السيد عن العديد من الثقات،  وأعاظم أجلاء الطائفة،  واصحاب الأئمة  الأطهار عليهم السلام، وطرقه واضحة في السلامة انتهاء بالأئمة الابرار عليهم السلام.

    وقد اشار السيد رضي الدين علي بن جعفر إلى هذا الأمر في مقدمة كتابه فيقول : " أروي فيما أذكر من هذا الكتاب روايات، وطريقي اليها من خواص اصحابنا الثقات ... وربما يكون عذري أيضاً فيما أرويه عن بعض  من يطعن عليه انني أجد من اعتمد عليه من ثقات أصحابنا الذين أسندت اليهم عنه أو اليه عنهم قد رووا ذلك عنه، ولم يستثنوا  تلك الرواية ولا طعنوا عليها، ولا تركوا روايتها فاقبلها منهم واجوز ان يكون قد عرفوا صحة الرواية المذكورة بطريقة اخرى  محققة مشكورة أو عمل الطائفة عليها فاعتمدوا عليها أو يكون الراوي المطعون على عقيدته ثقة في حديثه وأمانته (5)... اقول  ومن الاعذار انني ذكرت شيئًا من الروايات مطعوناً على بعض رواته فانه قد يكون لي طريق أخر إلى ذلك الحديث غير الطريق الذي قلته عن المطعون عليه في منقولاته،  أما عن طريق إلى المعصوم غير ذلك الطريق أو طريق إلى غيره من الحجج في مثل الحديث المشار اليه أو طريق إلى الرجل الثقة الذي روى المطعون عليه عنه فإنني  ما أذكر الا مالي مخرج عنه(6) قول ولو لم يكن من العذر الواضح والمخرج الصالح في كل ما يكون في هذا الكتاب من رواية عن من روى عنه مطعن بسبب من السباب أو أحديث لم يذكر اسناده لبعض الأعذار إلا ما رويت عن جماعة من ذوى الإعتبار وأهل الصدق في نقل الآثار بإسنادهم إلى الشيخ المجمع على عدالته أبى جعفر محمد بن بابويه تغمده الله برحمته فيما رواه من كتاب ثواب الاعمال عن صفوان بن يحيى المتفق على ورعه وامانته(7) .... انتهى .

      ومن يراجع الكتاب المذكور  يجد ان السيد ابن طاووس رحمه الله ذكر ثلاثة طرق للروايات التي ذكرت في كتابه، ومنها ما هو متعلق ببحثنا من سؤال السيدة  الزهراء عليها السلام لأبيها النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيمن تهاون في الصلاة من النساء والرجال فكان الجواب تلك الآثار الخمسة عشرة خصلة، ويأتي تفصيل كل واحد منها على شكل عناوين.

أما الطرق الثلاث فهي :

اولاً :  ما رواه السيد ابن طاووس عن الشيخ علي الخياط الحلي، اجازة في شهر بيع الاول من عام 609هـ عن الشيخ عربي بن مسافر، عن محمد بن ابي القاسم الطبري، عن أبي علي عن والده جدي أبي جعفر الطوسي(8).

ثانيا : ما رواه  نور الله مرقده عن الشيخ حسين بن احمد السوّراوي إجازة في جمادي الاخرة سنة 609هـ عن محمد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ المفيد، عن أبي علي، وعن والده جدي السعيد أبي جعفر الطوسي(9). 

ثالثا : وما رواه أيضاً عن الشيخ الفاضل اسعد بن عبد القاهر الاصفهاني .... في صفر سنة 635هـ، عن أبي الفرج علي بن السعيد أبي الحسن الراوندي، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي، عن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي(10).

     ومن البديهي ان السيد ابن طاووس عندما يذكر من طعن بهم  من غير اتباع الائمة عليهم السلام، وخواصهم الثقات الأجلاء فهو في صدد النظر إلى تصحيح تلك الروايات لا من جهة توثيق رواتها كما هو واضح .                                                                                                             

تبين فيما سبق  من مسلك السيد ابن طاووس خمسة نقاط :-

النقطة الاُولى : أنه قد أحرز وثاقة الرواة فلم يذكرهم إلا بالوصف بقوله : " وطريقي إليها من خواص اصحابنا الثقات "، وهذه الطريقة لجأ اليها بعض أعلام الطائفة  فحذفوا الأسانيد مع احرازهم لوثاقة رواتها، مثلما صنع  العالم الفقيه أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي طاب ثراه  المتوفى  سنة 548هـ، في كتابه الموسوم بالاحتجاج(11)، كما انا نجد الكثير من مروياته يقول في بداياتها وبهذا الاسناد ولا يأتي بذكر الرواة للسبب الذي ذكرناه سابقاً .

    أما من سبقهما – الطبرسي وابن طاووس – من الاعلام هو والد الشيخ الصدوق وهو المحدث علي بن بابويه المتوفى 329هـ   الذي نقل ان كتاب فقه الرضا عليه السلام له، وهو روايات مجردة ــ كما قيل ـ عن الأسانيد  أيضا، وغيرها .

النقطة الثانية : أن بعض هذه الروايات وان كان في سندها من لا يعتمد عليه في نقل الأخبار إلا انه  توجد قرائن على صحتها مثل عمل الأصحاب عليها مع وجوده فيها، فيقول : " قد رووا ذلك عنه ولم يستثنوا تلك الرواية ولا طعنوا عليها، ولا تركوا روايتها فأقبلها منهم واجوز ان  يكون قد عرفوا صحة الرواية المذكورة بطريقة اُخرى محققة مشكورة "(12).

النقطة الثالثة:  أنه قد يكون هناك  طريق اخر لصحة هذه الرواية، وان كانت بهذا الطريق ضعيفة .

النقطة الرابعة : ان المطعون في روايته قد يكون لجهة عقيدته-  كما كان طريق بعض المتقدمين – مع انه قد يكون ثقة في حديثه واميناً عليه .

       وقد أجاد العلامة الفقيه والمتضلع النبيه الاستاذ الكبير الشيخ مسلم الداوري في إحصاء الايرادات على اسانيد الروايات  في كتاب فلاح السائل، حيث ذكر اثني عشر وجهاً لعلاج تلك الاسانيد(13)، في بحثه الرجالي حيث قال : " نعم الذي ينفع في المقام : هو ما ذكره من الطرق الثلاثة الى جده شيخ الطائفة فإنها شاملة لجميع كتب الشيخ قدس سره بما فيها كتاب الفهرست، ومن الشيخ إلى المفيد، والصدوق والتلعكبري وغيرهم"(14). 

 النقطة الخامسة :  عادة في مثل هذه الكتب المخصصة  للأعمال والفضائل  المرتبطة  بعلم الأخلاق تختلف عن الكتب الروائيّة المرتبطة في الفقه والأحكام الشرعيّة، ولذا ان هذه الكتب في الإتجاه الأوّل عادة ما تحذف الأسانيد؛ لأسباب أهمها لطولها رعاية للاختصار، ويستعاض عن ذلك بذكر الكتب التي اُخذت الروايات منها، ويذكر طرقه إليها في بعض الأحيان، وبخصوص كتاب فلاح السائل فان هناك كلاماً بين اعلام الطائفة فهناك من يصحح الروايات الواردة فيه اعتماداً على تلك المقدمة الموجودة في الكتاب المذكور – فلاح السائل -   التي يقال انه يظهر منها تصحيحه للروايات، وهناك من ناقش في ذلك، ومن أراد المراجعة والتوسعة عليه بالرجوع الى ما ذكره سماحة الشيخ مسلم الداوري(15).

      أما الشرح والتعليق على فقرات الرواية سوف يأتي تباعاً.

المصادر والهوامش

[1] - فلاح السائل  الفصل الأوّل ص 22.

2ـ محمد الطاووس كان يكنى بأبي عبد الله، وسبب تسميته بهذا اللقب؛ لأنه كان جميلاً من ناحية المنظر، ولكن قدماه كانت غير مناسبة لحسن صورته فلقب بهذا اللقب تشبها بالطاووس .

3ـ الذريعة : 16 / 302 رقم 1330 .

4ـ الاجازات : 41 .

5ـ فلاح السائل : ص 9 .

6ـ المصدر السابق : ص11.

7ـ المصدر السابق : ص12.

8ـ فلاح السائل : ص 15.

9ـ فلاح السائل: ص 14.

10ـ فلاح السائل: ص 15 .

11ـ قيل ان الكتاب  رواياته صحيحة لنفس شهادة المؤلف  رحمه الله  فيقول : (ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده إما لوجود الإجماع عليه أو موافقته لما دلت العقول إليه، أو لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف، إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام قال ليس في الاشتهار على حد ما سواه، وإن كان مشتملا على مثل الذي قدمناه) الاحتجاج  : ج1 ص 14.

12ـ فلاح السائل : 9- 11.

13ـ اصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق : ج1، ص 261 وبعدها .

14ـ اصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق: ج1، ص 267. بتصرف .

15ـ اصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق :ج1، ص 267..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=166156
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13