(تحرير وتوضيح حسن الجوادي)

يُعدُّ هذا الكتابُ مِنَ المصادرِ الجديدةِ التي تسعى أنْ تُدوِّنَ وتُنَظِّمَ البحثَ حولَ الإمامِ المَهديِّ-عليهِ السَّلامُ-، كجُزءٍ أساسيٍّ مِنَ المنظومةِ العَقائديّةِ الإماميّةِ.
إنَّ المُصنِّفَ يبحثُ في هذا الكتابِ عَنِ المبادئِ العَامّةِ لإثباتِ إمامةِ أهلِ البَيتِ -عليهِمُ السَّلامُ-واستنطاقِ سيَرتِهم لمعرفةِ كيفَ يُرشِدونُ في تعيينِ الإمامِ اللاحقِ، ومِنْ ذلكَ إرشادُهُم في تعيينِ إمامَةِ المهديِّ -عليهِ السَّلامُ-.
هذا البحثُ المُهِمُّ يضعُ المنهجَ الصحيحَ المُعتبرَ للإيمانِ الدقيقِ بشخصيّةِ المهديِّ-عليهِ السَّلامُ-مِنْ خِلالِ الإيمانِ بأصلِ العَقيدةِ المهدويّةِ كعقيدةٍ سَليمَةٍ مُتواتِرَةٍ، ومِن ثُمَّ إثباتِ ولادَتِهِ وَوُجودِهِ بالأدلّةِ والبَراهينِ والشَّواهِدَ المُناسِبَةِ.
طريقةُ المُصَنِّفِ -حفظهُ اللُه تعالى-، هِيَ التأصيلُ للمسائلِ المُهِمّةِ ومُحاولَةُ اكتشافِ الجانبِ الفِطريِّ مِنها، ومَدى انطباقِ ذلكَ معَ الاعتقادِ بأصلِ الموضوعِ.
ومِنْ هُنا فقدْ بَحثَ في أوّلِ الكتابِ بطريقَتِهِ المعهودَةِ وجاءَ ذلكَ بعنوانِ: (أَصلُ الأنباءِ بالمَهديِّ)، أثبتَ بهذا العَرضِ أُموراً:
أولاً: إنَّ أصلَ الحقيقةِ المهدويّةِ مفروغٌ مِنْ إثباتِها؛ فقَد وردَ ذلكَ في أقوالِ النبيِّ وأهلِ بيتِهِ-عليهِمُ السَّلامُ-.
ثانياً: إنَّ شخصيّةَ المهديِّ -عليهِ السَّلامُ- قد عَرَّفَتْها النصوصُ الدينيّةُ وبَيّنَتْ أَنَّهُ عبدٌ مُصطَفىً مِنْ قِبَلِ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى.
ثالثاً: إنَّ الاعتقادَ بالحقيقَةِ المهدويّةِ يُلائمُ تَطلُّعاتِ الإنسانِ الفِطريّةِ وطُموحاتِهِ العُقلائيّةِ، حيثُ أنَّ الإنسانَ يَتُوقُ يوماً ليرى العَدلَ في هذهِ الحياةِ يُطَبَّقُ بصورةٍ تامّةٍ وصَحيحةٍ، وبذلكَ يتوافَقُ الاعتقادُ بالَمهديِّ معَ سائرِ الاعتقاداتِ الدينيّةِ التي ثَبُتَ موافَقَتُها للفِطرَةِ الإنسانيّةِ، مِثلَ تَطَلُّعِنا لضرورةِ وجودِ الخالقِ ورعايَتِهِ لَنا واهتمامِهِ بِنا، وكذلكَ وجودِ الرَّسولِ والرِّسَالةِ التي تشرحُ وتُفَسّرُ لنا ما يَغيبُ عَنّا في مَسرحِ هذهِ الحياةِ وما بَعدِها ، والتَّطَلُّعِ لمُجازاةِ الظالمِ وإنصافِ المَظلومِ بعدَ الممَاتِ وغيرِ ذلكَ الكثير.
يقولُ المُصَنِّفُ في الصَفحةِ الثالثةَ عشرَ: " إنَّ مِنْ جُملَةِ الأنباءِ التي جاءَتْ بِها النصوصُ النَّبويَّةُ وما وردَ عَنْ أهلِ البيتِ -عليهِمُ السَّلامُ- هُوَ الوَعدُ بالإمامِ المَهديِّ -عليهِ السَّلامُ- مِنْ أهلِ البَيتِ، وَهُوَ عبدٌ صَالِحٌ اصطفاهُ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى، ليُقيمَ دولةَ الحَقِّ والعَدلِّ والصَّلاحِ على منهاجِ رسولِ اللهِ -صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ- ويشيعَ مبدأَ اصطفاءِ أهلِ البيتِ -عليهِ السَّلامُ- في هذهِ الأُمّةِ.
وهذا النبأُ يُلائِمُ التَّطَلُّعَ الفِطريَّ الإنسانيَّ الى تحكيمِ العَدلِ والحَقِّ والصَّلاحِ يَوماً ما على الأرضِ.
|