• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (١) [وعيُ الحَدَثِ..المُقدِّمةُ الواجِبةُ] .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (١) [وعيُ الحَدَثِ..المُقدِّمةُ الواجِبةُ]

نحنُ نمتلك عاشوراء وفي نفسِ الوقت نمرُّ في أَسوأ الظُّروف وعلى مُختلفِ المُستويات.

هذا يعني أَنَّنا عاجزُونَ عن توظيفِ ما نعتقدُ بهِ نظريّاً ونُناقضهُ عمليّاً في سلوكيَّاتِنا وتعامُلاتِنا وعِلاقاتِنا وفي طريقةِ تفكيرِنا وفهمِنا للأُمورِ وفي كلِّ شيءٍ.

هل يُمكنُكَ أَن تُحدِّثني عن تطابُقِ عاشوراء وقِيَمها وأَخلاقيَّاتها ومَنهجيَّاتها وأَدواتِها مع جانبٍ واحدٍ فقط من جوانبِ حياتِنا؟! الثَّقافةُ مثلاً أَو طريقة التَّفكير أَو السلوكيَّاتوالأَخلاقيَّات أَو العِلاقات والشِّعارات أَو المُنطلقات والأَهداف أَو في السِّياسة والإِدارة أَو في طريقةِ التَّعامل مع الظُّلم؟!.

نحنُ نعيشُ في وادٍ وعاشوراء تعيشُ في وادٍ آخر، لم يبقَ منها في حياتِنا اليوميَّة إِلَّا الشَّعائر التي سُلبت منها الرُّوح والجَوهر فباتت ميِّتة لا تنبضُ بالحياة!.

وإِنَّ أَشدَّ الظُّلم الذي تتعرَّض لهُ الشَّعائر عندما تتحوَّل الى عادة يُمارسها المرء مِن دونِ أَن تهديه للَّتي هي أَقوم.

يقولُ الإِمام جعفر بن مُحمَّد الصَّادق (ع) {لا تَغترُّوا بِصلاتهِم ولا بِصيامهِم، فإِنَّ الرَّجُلَ رُبَّما لَهِجَ بالصَّلاةِ والصَّومِ حتَّى لَو ترَكهُ استَوحَشَ، وَلكِن اختبرُوهُم عِندَ صِدقِالحديثِ وأَداءِ الأَمانَةِ}.

وبهذا تكونُ الشَّعائر كمِسبحةِ [إِبن آوى] يَصطادونَ بها المغفَّلون.

ولذلكَ لم تترُك فينا أَثراً!.

إِذا اختلفنا حطَّمَ أَحدُنا الآخر وسقَّط أَحدُنا الآخر وشهَّر أَحدُنا بالآخر، وهيَ سلوكيَّات تتناقض كُليّاً معَ عاشوراء.

تختلفُ معهُ سياسيّاً فيطعنُ بعِرضك! وتختلفُ معهُ في الإِدارةِ فيسبُّك ويتَّهمك! وفي آخرِ النَّهار تراهُ يخوطُ في قِدرِ القيمةِ ويوزِّع الماء في المَوكبِ الحُسيني!.

إِذا جهِلنا نستنكف أَن نتعلَّم فنُكابر بالجَهلِ! وإِذا حاولَ أَحدٌ أَن يُعلمِّنا نتكبَّر عليهِ وندفعهُ! وهو سلوكٌ يتناقض وعاشُوراء!.

الدَّمُ والعِرضُ أَرخص الأَشياء في نوادينا، ولذلكَ فإِنَّ الطَّعن بالشَّرف أَبسط الأَشياء التي نُمارسها في وسائلِ التَّواصل الإِجتماعي ولا نُبالي!.

وهو سلوكٌ تحرِّمهُ عاشُوراء على العدوِّ فما بالُك بالصَّديق؟!.

وإِذا أَخطانا نستحي أَن نتراجعَ أَو نعتذرَ او نُصحِّح ونُعدِّل، فتأخُذنا العزَّة بالإِثم وشِعارنا [دخُول النَّار ولا العار] فالإِعترافُ بالخطأ في مفاهيمِنا عارٌ ما بعدهُ عار.

وهو مفهومٌ يتناقضُ مع عاشُوراء وقِيمَها ومفاهيمَها.

والأَمثلةُ كثيرةٌ جدّاً تعيشُ معنا في كلِّ لحظةٍ.

هذا الواقعُ المُر الذي خلقَ عندنا انفصاماً بالشَّخصيَّة ونِفاقاً مُركَّباً بسببِ تعارض القِيم النظريَّة التي نتغنَّى بها مع واقعِنا العملي القبيح الذي نُمارسهُ! يحتاجُ مِنَّا أَننُعيدَ النَّظر في وعيِنا للذِّكرى، فنقرأَها كقِيمٍ وكمدرسةٍ وكنُموذجٍ يُحتذى وليسَ كعَبرةٍ وعواطف ومشاعر خالية من العَقل والمنطِق.

فالعَبرةُ من دونِ عبرةٍ لا تستقيمُ.

إِذا لم نستوعب الذِّكرى بالعقلِ والمنطقِ فلن تُساعدنا على إِصلاح ذاتِنا وإِصلاحِ واقعِنا المرير والمريض.

إِنَّ عاشوراء مدرسةٌ عظيمةٌ جدّاً تحمِلُ من الدُّروسِ والعِبر والتَّجارب والقِيم والمناهج الشَّيء الكثير فلماذا لا تترُك فينا أَثراً ونحنُ ندَّعي الإِنتماء إِليها؟! نبكيها ونلُطم عليهاونحزن لها ونُحيي ذِكراها؟!.

نحنُ نُبدع ونتفنَّن في أَساليب [الشَّعائر] وأَدواتها ونحرص على تطويرِها عاماً بعد آخر، لكنَّنا لم نُفكِّر أَو نبذِل جُهداً لتجديدِ وعيِنا وتحديثِ معلوماتِنا المنطقيَّة والعقليَّةوالفلسفيَّة التي تُساعدنا في إِصلاحِ حالِنا البائِس.

واحدةٌ من الأَسباب، أَنَّنا نعيشُ فواجعَها ولا نتعلَّم درُوسَها! ونقرأَها عواطفاً ولا ندرُسها بالعقلِ والتَّحليلِ.

ما لم نفهمهُ من عاشوراء نفسِّرهُ بالغيبِ لنضعَ عن كواهلِنا حِملِ المسؤُوليَّة ورسالةِ الوعي.

وما لا نستوعبهُ بعقولِنا نرميهِ على التَّاريخ لنُخفِّف عن أَنفسِنا عِبء التَّفكير السَّليم الذي هوَ الطَّريق الوحيد لاستيعابِ الأَحداثِ لتكونَ درُوساً تُحتذى.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=159184
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 08 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13