ماذا لو سُئل أحدنا هذا السؤال: هل تريد معرفة ما هو السبيل للحصول على الجمال المتجدد؟
لاشك أن الجواب سيكون بـ(نعم) بلا تردد ولو لثانية، فهل تعرف ما هو الجمال المتجدد الحقيقي عزيزي القارئ؟! قد يتوهم كثير من الناس أنه في جمال الوجه، وبهاء الطلعة، ولطافة العينين، والقوام الممشوق.. ولكن وما أدراك ما وراء لكن..! هل يستوي هذا كله مع حسن أخلاق المرء، وجمال أسلوبه في التعامل مع الآخرين؟ لا ريب أن العقلاء يفضلون جمال الخلق وحسنه على جمال الخِلقة وحسنها؛ لأن الجمال المتجدد يعطيك على الدوام نفحة عطرة لا نفاد لها، عكس الخِلقة التي ما لم يزينها الأول فإنها فانية زائلة لا محالة.
ورد عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: (من أعطي أربع خصال فقد فاز في الدنيا والآخرة ونال حظه منها: ورع يعصمه عن محارم الله، وحسن خلق يعيش به بين الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل، وامرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة).
تأمل كلمات المولى أمير المؤمنين(ع) هل ورد فيها جمال الوجه أو حسن الطلعة، هذه الأمور خارجة عن إرادة المرء، فهي بيد خالقه تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُم فِي الأَرحَامِ كَيفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران: 6، أما الذي يحاسب عليه فهو ما فوضه الله تبارك وتعالى بعمله، وجعله مختاراً فيه، وهو حسن الخلق، لذا نرى صنفاً من الناس –وللأسف- تغرّهم المظاهر فيُخدعون بها؛ لأنهم أهملوا الجوهر، فنراهم يقعون في مهاوي سوء اختياراتهم، وهذا ما حذرنا منه نبينا المصطفى(ص) وآله(ع) في الكثير من الموارد: (إياكم وخضراء الدمن، قيل: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء)، فكلمة التحذير المحمدية (إياكم) هذه لا تقتصر على زمان دون زمان، ولا على قوم دون آخرين، بل هي باقية ما بقيت الدنيا، وهي تحثنا على البحث عن الجمال المتجدد ومنابعه وأصوله الطيبة، فهو معين لا يعتريه الجفاف، ومصدر نور لا يخبو برغم عاديات الدهور وصروف الأيام..
وهذا الأمر بحاجة إلى مزيد اهتمام وتنبيه وتحذير؛ لأن عواقب الغفلة عنه وخيمة، وتجرّ إلى ما لا يُحمد عقباه، فكم من الذين وهبهم الله(تبارك اسمه) جمالاً وكمالاً في خلقته، ولكنه كان ذا خلق سيِّء، وسلوك خاطئ، وانحراف خطير.. وكم من امرئ -ذكراً كان أم أنثى- لم يهبه الله تعالى جمال وجه أو حسن طلعة، ولكنه كان ذا خلق رفيع، ومواهب علمية جمّة، أضاءت بنورها، وغطت كل عيب في خلقته، ووجهت الأنظار إليه.. نبهنا الله وإياكم من نومة الغافلين.
|