• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فلسفة الإمام علي (ع) الجزء الأول .
                          • الكاتب : صالح الطائي .

فلسفة الإمام علي (ع) الجزء الأول

  لا نبالغ إذا ما قلنا أن الإمام علياً (ع) كان ملماً بعلوم الأولين والآخرين، جامعاً لفلسفاتهم، وهو القائل: "إني وإن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي, فقد نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم، حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما انتهى إليّ من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم, فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره".

لقد بانت أولى ملامح الفلسفة العلوية مع الدعوة الكريمة التي وجهها له النبي الأكرم (ص) يدعوه إلى الإسلام، على أن يستشير أباه ويأخذ موافقته، فقال للنبي: وهل سأل الله أبا طالب حينما خلقني لآخذ موافقته في عبادة الله؟
هذه الوقفة لا تجد لها شبيهاً عند كل أبناء ذلك الجيل ومن سبقه وما تلاه، فكل الذين آمنوا بالرسالات الأولى، وكل الذين أسلموا بعد علي (ع) كان إسلامهم إما عن يقين وعقل، وإما تقليداً للآخرين، وإما سعياً للتخلص من عبودية، وإما بحثاً عن منعة وعز، وإما أماناً من خوف، وإما بحثاً عن مكسب، وإما سعياً وراء مطلب. وكل منهم يستحيل أن يفكر في ماهية العبادة التي يطلبها الإسلام، أي أنهم أسلموا إما خوفاً من نار أو طمعاً في جنة دنيوية أو أخروية، حيث كانت ثنائية الخوف والطمع تتحكم بقراراتهم، فقد بنى البشر علاقاتهم البينية على مبدئي الخوف والطمع، وسحبوا هذه الآلية على علاقتهم مع السماء على امتداد القرون.
 وقد أراد علي (ع) استبدال المعادلة بأخرى أكثر نضجاً، وأعم فائدة، وأغزر عطاء؛ تواكب وتوازي طبيعة العلاقة الجديدة التي تربط الفرد بالسماء، بعيداً عن الخوف والطمع فانفرد بقول: "إلهي عبدتك لا خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنتك، ولكني رأيتك أهلاً لذلك فعبدتك".

الإنسان في الفلسفة العلوية يسمو إلى أعلى مراحل الإنسانية مهما كان جنسه ولونه ومعتقده؛ فالناس في فلسفته صنفان: "إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق"، فالإمام كان يرى هذا الكائن الفريد (الإنسان) بحاجة إلى راع عِلوي هو الله تعالى، وراع مقارن هو المختار الهادي (رسول أو وصي أو إمام معصوم)، وكان يعلم أنه كما يدجن الحيوان تدجن النفس الإنسانية، ويدجن السلوك البشري، ولما كان العقل هو المسؤول عن اكتساب المهارات؛ نجد للعقل في فلسفته حيزاً لا يدانى، هذا العقل الذي يستخدمه الجاهل المتنسك والعالم المتهتك بنفس درجة استخدام الأسوياء له، ولذا قال (ع): "ما قصم ظهري إلا رجلان: عالم متهتك وجاهل متنسك، هذا ينفر عن حقه بتهتكه، وهذا يدعو إلى الباطل بتنسكه"، فالإمام يرى العقل على أنه: "على كل حال حسام قاطع" فهو إما يورث نوراً وبهاء وإما ظلمة وعمى، ولذا قال: "الفكرة تورث نوراً والغفلة تورث ظلمة" 
تابع علي (ع) العقل خلال مراحل نموه، ودعا إلى ترويضه للتفكر: "فأنك أول ما خلقت جاهلاً ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحير فيه رأيك ويضل فيه بصرك، ثم تبصر بعد ذلك".




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158363
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28