تكثر التحليلات السياسية والفكرية حول صلح الإمام الحسن (ع) مع معاوية بن أبي سفيان، وهنالك العديد من الأدلة العقلية والنقلية التي تثبت أن صلح الإمام الحسن (ع) لا يعطي أيَّ مشروعية لغاصبي حق الولاية من أتباع بني أمية، كما أنه لا ينفي أن الإمام المجتبى (ع) هو خليفة الله في الأرض، فعلماؤنا استطاعوا وبتسديد من إمام زماننا (عج) الرد على جميع الاشكالات التي يثيرها أعداء أهل البيت حول هذه القضية.
ولكن الأمر المهم الذي يجب الالتفات إليه أن النواصب وأشباههم يحاولون جرّ المسلمين وعلماءنا بشكل خاص إلى النقاش في هذه المسائل الفرعية والقضايا المتشعبة، من أجل تضليل الناس بإثارة الشبهات والمغالطات، مبتعدين بذلك عن القواعد العقلية التي تتفق على وجوب معرفة أصول الدين أولاً: كـ(الإمامة) مثلاً... ومن ثم تأتي المسائل الفرعية كصلح الإمام الحسن (ع) وغيرها تباعاً.
فهؤلاء وأمثالهم يهربون من بحث الإمامة والولاية؛ لأن اثباتها سوف يؤدي إلى قبول أفعال الإمام (ع) بدون نقاش أو جدال؛ كونه حجة الله على الخلق.
لذا كان من بين الردود التي طرحها إمامنا الحسن (ع) للبعض ممن كان حوله، وتجرأ بالاستشكال على صلحه مع معاوية، قوله (ع): (إذا كنتُ إماماً من قبل الله تعالى ذكره، لم يجب أن يُسفه رأيي فيما أتيتُه من مهادنة أو محاربة، وإن كان وجه الحكمة فيما أتيتُه ملتبساً، ألا ترى إلى الخضر (ع) لما أخرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار؟ سخط موسى (ع) فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه، حتى أخبره فرضي. هكذا أنا سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولولا ما أتيتُ لما تُركَ من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قُتل).
|