• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : (الإعلام الحسيني) لفضيلة الشيخ ضياء الدين محمد أمين زين الدين   ج 1 .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

(الإعلام الحسيني) لفضيلة الشيخ ضياء الدين محمد أمين زين الدين   ج 1

   يشكل الخطاب الاعلامي موضوعا حساسا، لما له من علاقات متشابكة بالعديد من الموضوعات الفكرية والادبية، وفنون التواصل الروحي، وطبيعة الثقافة ومرجعايته، ومن ثم ظاهرة الاعلام الديني واليآت العمل، وصولا الى ماهية الاعلام الحسيني ومكوناته، ومرتكزات هذا الاعلام ومنهجياته...
  وفضيلة الشيخ ضياء الدين محمد أمين زين الدين،  قدم في بحثه الموسوم (الاعلام الحسيني) اهتماما بالغاية الروحية، بمعنى أبدية الرمز وخلوده، وهذه الغاية لاتقبع في ماضوية زمانية، لتخاطب بأفعال ميتة أو كتراث سلفي نسعى لإحيائه، وانما يعتبر منطقة اشتغال حيوية مولدة للمعنى الابتكاري المشرق، لتكون هذه الغاية نهجا تواصليا ايمانيا يسعى لتوصيل هذه الحيوية الى غايتها، لترفل بالعز بيد صاحبها المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
  ومثل هذا الفضاء الفلسفي، يكشف عن موحيات الاسلوب الاعلامي الملتزم، والذي يتجاوز الطرح التقليدي في طرح امور الاعلام، ليأخذ بها الى شرفات البنى الاسلوبية الحداثوية، عبر آليات التفاعل النصية التي يراها السيد الباحث، تأخذ مسعيين مهمين؛ اولهما: مسؤولية الانتساب الى الحسين عليه السلام، اي السعي لإستثمار عدة منظومات فكرية فاعلة، لها العديد من الانشطة الخلاقة التي تكون جمالية التدوين، وفق مرجعية الحقيقة كإستثمار المعنى التضحوي الثر، الذي يأخذنا الى عوالم التجسيد الحي لمقتضيات هذا الانتساب (الكينونة الايمانية) الرؤى الفكرية والروحية والوجدانية الى مضامين سلوكية مؤثرة... 
 واما الأمر الثاني: المقارنة بين الواقع الاعلامي والافاق التكوينية له؛ يعني المضمور حول منطقتين، الواقع المعاش بكل سلبياته، المحايثة التحليلية لبنية الخطاب الاعلامي القائم، العوالم المفتوحة لترسيخ قيم المطلق، التكريم الإلهي لسمو الفضيلة عبر مرتكزات المآثر التضحوية، كمعززات ايمانية، والفارق بين العالمين سيكشف عن مساحات الاشتغال الشاسعة من منظورات فكرية وبؤر جمالية وطموحات وآمال ونهضات حضارية، وفنون اسلوبية تتخذ العديد من المسارات منها الموروثة والمستحدثة كلها من اجل خلق سياقات معرفية وثقافية تتواصل مع الجذر التكويني (افاق المنطلقات السامية، الاحتفاء بقنوات التوجيه الخصبة، سمات اللاتحديد) من اجل استيعاب المضامين الفكرية الحسينية التي لاتعني فئة معينة، بل افق مفتوح وعوالم غير محددة بزمان ولا مشمولة بمكان محدد... 
  يحتاج الى خطاب واعي يماثل هذه المضامين، الى لغة اعلامية قابلة لتجاوز الحدود الزمكانية، الى رسم ملامح  نصية تدرك السلبية التي لابد من معالجتها وصولا الى الأبعاد المرسومة، ولم يكن بوسع الحاضرالاعلامي ان يوظف اجهزة تلق بمستوى يؤمن هذا التواصل... 
  يرى السيد الباحث: ان الموجهات الاعلامية محدودة لاتكاد تملأ البصائر، إلا من خلال جوانب معينة لاتعدو العاطفة والوجدان الشعبي العام، مقابل المهيمن الروحي المفتوح للاعلام الحسيني، الذي اسس برهانية ثابتة يراها السيد الباحث فرادة اعلامية...
  ومثل هذا التشخيص يتقصى اسباب التمثيل الأفضل، فنجده يحمل محدودية الاعلام على عاتق الخلل العام في توجهاته المختلفة، وعلى صعيد الانتماءات السياسية والاجتماعية، ليصل بنا الى يقين فكري ينقل عبره مكابدات الهوية الثقافية وضياعها تحت مؤثرات الموروث السلبي الموغل في الأذى، حتى اصبح المعطى عبارة عن ثغرات كوّنت قصور الوعي، وحصر الرؤى عن ادراك الموقع السليم الذي شاءه الله لهذه الأمة، لتكون الشاهدة على الأمم الى يوم القيامة.
  لانريد الدخول في تفسيرية تعيد مفردات المدون، بقدر ما نبحث عن قوام النص البحثي الذي تداخل  مع العمق الجوهري الفلسفي والتكوين المعنوي لمؤهلات أمة، عزلها موروثها الموضوع لغايات سياسية عن امكانية اداء رسالتها الكبرى. ويعتبر طرح المعالجة في الخطاب البحثي من أهم منجزات المعنى الحضوري، بما يثيره البحث من اسئلة تأخذ على عاتقها صنع الحراك الثقافي والفكري، مثلا: كيف نستطيع اخراج الاعلام الحسيني من المحدودية والضعف المفروض اثر الخلل العام؟ كيف للأمة ان تمتلك زمامها وتدرك حقيقة موقعها كأمة من خير الأمم التي اخرجت للناس؟ ومثل هذه الاسئلة لم تكن بسيطة، وانما هي مجابهة حقيقية كمقاربات مأساوية تصوغ الأسئلة لغايات تأكيدية محفزة؛ هل من الممكن ان تعيد الامة مجدها أم علينا ان نعيش الاحباط كواقع؟ ونحن الذين نعد العدة لصيرورة اعلام حسيني تواصلي، يصل الى بنية اليقين ليستلم زمامه من يملأ الارض قسطا وعدلا...
فالمعالجة البحثية صاغت لنا المفهوم التوجيهي المعبر لبلوغ الافاق المرسومة للاعلام الحسيني المبارك، حين هيّأ الأسس، وأمدّها بفاعلية النهج القويم؛ نسيج خطاب حمل جذر الانتساب الايماني، وجعلها معايير ابداعية للتعرف على الآفاق المكونة لكل منهج، والنظر الى موقع الحسين عليه السلام من الحجة الالهية ثم العودة الى موقع كربلاء كموقف يشكل بنية الجوهر لصنع دلالات غنية بكل المفردات الحداثوية لأثر مكتنز الحيوية، لايمكن ان يحقق صيرورة التواصل إلا من خلال الوفاء بكل مستلزمات الانتماء الى هذا اليقين الذي يشكل العمق الرسالي، كون الحسين جزءا من الرسول والرسول منه كما في تعبيره (ص)؛ اذ ورد التأكيد في اشراقة السلسلة المطهرة من الائمة، تلك حصانة الخطاب الاعلامي الحسيني كثقافة مؤثرة، انتجت نظام اعلام امتلك قدرات هائلة من المعنى الادائي الموظف عبر كربلاء الهوية التي تعد واحدة من المواقف الابدية.
  تجليات تعدت الحدود الزمانية، وسمت محققة القدرة على امتلاك العقول والقلوب والضمائر، متجاوزة الحدود الاجتماعية والثقافية الى حيث عوالم تلك الابدية، بفيض بشارة هيأ النبي (ص) النفوس والعقول ليأمر من ادرك الواقعة بالنصرة التي حملت العديد من حداثوية المعنى الاشمل موقفا ومفهوما (خاصية التوالد النصي، الصيغ الموحية الدلالات بالمحمول القيمي) يسأل أحدهم الامام السجاد (ع) عن الغالب؟ فيجيب بما معناه: إذا أذن المؤذن تعرف من هو الغالب... 
  هذا ما ينطوي عليه ادراك النص المضمور، الكم المؤول الذي هو امتداد المبني المتداخل، بدفق بعدين اساسين يراهما السيد الباحث: النسل المطهر، واستقامة الطريق، وهذا يحتوي بنية فاعلة تمنحنا معنى المعنى في كل ما يقترن بعملية الانتساب من دراسات أو اعلام أو موقف حتى على مستوى البنية العلائقية الانسانية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156631
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29