• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الجبل .
                          • الكاتب : سعد علي مهدي .

الجبل

نُشرَت على حبل العتاب ثيابُ
بفمي .. وأخشى أن يطولَ عتابُ
 
من حيثُ أنظرُ للقصيدة ِ أنّها
وجعٌ تخثّرَ في دمي وعذابُ
 
وأرى بأمواج الحروف كأنما
أطفو على الطوفان وهي سَرابُ
 
قدَري بأنّ العِشقَ صارَ مدينتي
وسفينتي .. حين استبدّ عُبابُ
 
وعلاقتي بالحبّ منذ طفولتي
وإلى الكهولة يستمرُ شبابُ
 
لو ألتقي يوما ً بيوسفَ كي يَرى
كم قُدّ من دُبُر ٍ عليّ ثيابُ
 
حيثُ الخطيئةُ غلّقت أبوابَها
حولي .. فكانت للتُقى أبوابُ
 
هذا أنا .. رجلٌ تجسّدَ عاشِقا ً
ولوجه عِشقي من تُقايَ حجابُ
 
سألت عيونُ الليل كيف أحاطني
أرَقٌ .. وبضعُ سجائر ٍ .. وكتابُ
 
فأجبتُ أنّي مُذ تقمّصني الهوى
عانَيتُ من شغَف ٍ ولا أحبابُ
 
ودخلتُ للتاريخ أتبعُ جاهدا ً
آثارَ مَن دخلوا عليه وغابوا
 
بحثا ً عن المجهول أضربُ في المدى
أرمي سؤالا ً حيثُ كانَ جوابُ
 
وأعيشُ ما خلفَ الحوادث باحثا ً
أينَ الرواةُ تتبّعوا فأصابوا
 
وأصابعُ التزوير أينَ تلاعبَت
ومسائلُ التعتيم كيفَ تُجابُ
 
لم أتّبع طرُقَ الوراثة في الهوى
رفضا ً لما حكمَت بهِ الأنسابُ
 
*   *   *
ومضيتُ .. يسحبُني الظلام لكثرة ِ
الأسماءِ .. والدنيا عليّ ضبابُ
 
لم ألقَ مجدا ً ذاهبا ً نحو الذرى
إلا وكان مع الذهاب إيابُ
 
كلّ التضاريس التي قابلتُها
في مستوى كتف الطريق .. هِضابُ
 
حتى وصلتُ إلى الجبال فشدّني
جبلٌ توشّحَ بالبهاء .. مُهابُ
 
جبلٌ توّضأ بالضياء .. وقمّة ٌ
يزهو على عجَب ٍ بها الإعجابُ
 
حاولتُ أن أدنو إليه .. يقودني 
عبق ٌ بماء الياسمين مُذابُ
 
مَن ذا يكونُ ؟ وكيفَ يُنظرُ هكذا ؟
ألقٌ تفرّدَ في المدى .. جذّابُ
 
سِفرٌ من المجد المؤثّل خالد ٌ
أبقاهُ في قلب الحضور .. غيابُ
 
وتوحّدٌ في الله قلّ نظيرُهُ
هو ما أرادَت سُنّة ٌ وكتابُ
 
بينَ الولادة والشهادة رحلة ٌ
وحدودُها .. المحرابُ والمِحرابُ
 
هو ذا عليّ ٌ واسمه ُعلَمٌ لهُ
ومن العلوّ إلى الإله مآبُ
 
*   *   *
يا أيها الجبلُ الأشمّ .. تبجّحا ً
إن كانَ منّي للمديح ركابُ
 
وتعلّقا ً بالضوء يسبحُ في الندى
شخصَت عيونٌ ما لّها أهدابُ
 
يكفيكَ من قول الثناء شتيمة ٌ
قيلَت .. كأروع ما يكونُ سُبابُ
 
أأبا تراب ٍ .. هل يساوي شأنهم
ما ديسَ في نعليكَ منه ترابُ
 
وإذا السفوحُ تطاولت قل إنّما
امتدّت إلى قمم الجبال رقابُ
 
ما جئتُ ألقي في مديحِكَ خطبة ً
حاشا .. بمدحكَ لن يلمّ خِطابُ
 
والشعرُ يعجزُ أن يعدّ مناقبا ً
من حيثُ يصعبُ للنجوم حسابُ
 
ماذا أضيفُ إلى الحقيقة في الهوى
إن قلتُ إنّ القلبَ فيه يُصابُ
 
والبحر .. ماذا يستزيدُ بقطرة ٍ
من ماء نهر ٍ ملؤهُ أعشابُ
 
أيقنتُ في ذكراكَ أنّي عاجزٌ
متخوّفٌ .. متردّدٌ .. هيّابُ
 
لكنني أشكو إليكَ مواجعا ً
تقتاتُ من عصَبي .. فلا أعصابُ !
 
*   *   *
وطني تمزّقهُ الرياح .. وتلتقي
عند الصعوبة في خطاهُ .. صِعابُ
 
وطني .. توشّحَ بالجراح .. كأنّهُ
ذنبٌ لهُ ممّا جناه .. ثوابُ
 
وطني تقاسَمهُ اللصوصُ صراحة ً
وتناهشتهُ خناجرٌ وحِرابُ
 
في كلّ زاوية ٍ صراعٌ قائم ٌ
وبكلّ مُنَعطف ٍ يئنّ مصابُ
 
حتّى إذا قلتُ ( العراق ) كأنّما
نهرُ الدماء على فمي ينسابُ
 
وكأنّ خارطة َ العراق تقولُ لي
إنّ الحضارة َ في الجحيم ِ خرابُ
 
قد كنتُ أنتظرُ النهارَ لكي أرى
شمسا ً ستورقُ تحتها الأعنابُ
 
لكنني فوجئتُ أنّ جبينَها
يغفو عليه مع الغبار سَحابُ
 
*   *   *
جلاّدنا بالأمس .. وحشٌ غادرٌ
قد شجّعتهُ على النباح كلابُ
 
أمسى دفينا ً بين أنياب الردى
وبجانبيه ِ جريمة ٌ وعقابُ
 
وانظر أبا الحسنين خيبة َ حظّنا
بَعُدَ المدى .. وتعدّدت أسبابُ
 
إخواننا في الدين .. أعداءٌ لنا
نظراؤنا في الخَلق .. قيلَ ذئابُ
 
أولادُنا هجروا السواحل ليلة ً
رجعوا لها وكأنّهم أغرابُ
 
يتقاسمونَ من الموانىء حصّة ً
وعلى المناصب للنصيب نصابُ
 
طفحَت دهاليزُ السياسة جيفة ً
فصحا بعوضٌ واستفاقَ ذبابُ
 
إن كانَ حزبا ً أوحدا ً متسلّطا ً 
فلقد مضى .. وتكاثرَت أحزابُ
 
كلّ ٌ على ليلى يغنّي كاذبا ً
هل سرّ ليلى في النعيق غرابُ !؟
 
*   *   *
عبثَت بنا ريحُ الخصام كأنّها ..
نارُ الغضا .. وكأننا أخشابُ
 
إن قيلَ يا تمّوزُ وجهكَ ساخنٌ
نهض الخلافُ مردّدا ً .. يا آبُ
 
أو قيلَ يا أكرادُ .. يغضبُ كردُنا
كي يصرخوا بالعُرب .. يا أعرابُ
 
وصلَ النزاعُ من التفاهة ذروة ً
وعلى المكاسب ِ .. أجمعَ النوّابُ
 
*   *   *
أفدي عمامتكَ التي من ضوئها
زحمَت نجومَ الليل .. فهيَ شِهابُ
 
أنظر إلينا .. فالعمائمُ كثرة ٌ
زخرَت بها الأسماءُ والألقابُ
 
فعمائم ٌ .. هي والأفاعي توأم ٌ
ذنَبٌ لها .. ولهذه أذنابُ
 
وعمائم ٌ شبه الضواري نزعة ً
إن كشرّت برزَت لها أنيابُ
 
وعمائمٌ تسعى لأجل زعامة ٍ
وسلاحُها التهديدُ .. والإرهابُ
 
ما فرّقت طمعا ً بكسب طموحِها
أيَسيلُ دمع ٌ .. أم يسيلُ لُعابُ
 
حقدٌ تجذّرَ من خلال ضغينة ٍ
لم تنجُ منه مآذنٌ وقِبابُ
 
وتعطّشٌ للقتل يصعبُ وصفهُ
ما عادَ منه إلى العقول صوابُ
*   *   *
إيهٍ أبا الحسنين .. مدرسة ٌ لنا
تبقى .. ونحنُ على الهوى طلاّبُ
 
ذكراكَ ملء القلب ليسَ يُضيرها
إن مرّ دهرٌ أو مضَت أحقابُ
 
يا ويحَها صفّين .. تعلِنُ دائما
أنّ السكينة للوجوهِ  نِقابُ
 
وبأنّ للحنّاء إسما ً واحدا ً
حتّى وإن مُزجَت وقيلَ خِضابُ
 
*   *   *
جفّت على حبل العِتاب ثيابُ
من بعد هذا لن يكونَ عتابُ
 
واجهت ُ أزمنتي وليسَ يهمّني
أتقولُ هندٌ أم تقولُ ربابُ
 
فالشعرُ عندي غاية ٌ ووسيلة ٌ
والحرفُ زادٌ في فمي وشرابُ
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155029
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16