• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عليٌّ.. يدُ الله الباسطة ! سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى .
                          • الكاتب : شعيب العاملي .

عليٌّ.. يدُ الله الباسطة ! سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
إنّ قوّة أدلّة وبراهين مذهب الشيعة توضح كلَّ الحقائق، وصِحَّةُ القضية التالية أمرٌ متّفق عليه في رأي جميع أئمة الحديث والرجال عند العامة، وفي هذا المطلب من صحة السند وقوة الدلالة كفايةٌ لإحقاق الحق وإبطال الباطل.
 
لقد روّج معاوية لسبّ علي بن أبي طالب في كل مكان، ثم سأل سعد بن أبي وقاص: ما يمنعك أن تسبّ ابن أبي طالب؟ فكان جواب سعدٍ لمعاوية أنّ أموراً ثلاثة منعتني عن أن أتصدى لسبّه، ولما سأله عنها قال عن الأول منها:
 
لا أسبُّه ما ذكرتُ حين نزل عليه الوحي، فأخذ علياً وابنيه وفاطمة، فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: ربّ إنّ هؤلاء أهل بيتي.
 
كان هذا لما نزلت آية التطهر: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، فهذا المانع الأول لي، وكيف أسبُّ من أنزل الله تعالى هذه الآية فيه؟ وسعد بن أبي وقاص يتحدّث بمقدار إدراكه، أما حقيقة هذه الآية فإنها محيرة للعقول، فقد شرع فيها أولاً بلفظ (إِنَّمَا) وهي تفيد الحصر لغةً وعرفاً، فبماذا تعلّقت إرادته تعالى؟ وهو الذي ﴿إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.
 
إنّ المتعلَّق ومُراد الله تعالى أمران:
 
الأمر الأول: إذهاب الرجس مطلقاً، الأرجاس الجسمانية، والأرجاس الأخلاقية، والأرجاس العقائدية، كلها مشمولة بقوله ﴿لِيُذْهِبَ﴾.
 
الأمر الثاني: بعد إذهاب الرجس يأتي قوله تعالى ﴿وَيُطَهِّرَكُمْ﴾، فأيُّ طهارةٍ هي هذه التي وصلت النوبة إليها بعد إذهاب الأرجاس العمليّة والخُلُقية والفكرية، هذا ما يحيِّر العقول، وإذا وُفِّقنا سنعرض لوجه ورود المفعول المطلق في قوله تعالى ﴿وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، وهو جوهرٌ لم يكن من نصيب أحدٍ من الملائكة المقرّبين، والأنبياء المرسلين، وانحصر بعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين، والأئمة من ذريته عليهم السلام.
هذا المانع الأول لسبّ عليٍّ عليه السلام عند سعد.
 
المانع الثاني من سبِّ علي: قضية تبوك، عندما قال عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: خلفتني مع النساء والصبيان، كان جواب النبي صلى الله عليه وآله: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى.
 
فما هي تلك المنزلة؟ إنّها الوزارة، أنت وزيري، وقد روينا هذه الأحاديث، لكن المهمّ فقه الحديث، فبمن كان شَدُّ أزر الخاتم صلى الله عليه وآله؟ لقد كان بعليّ بن أبي طالب عليه السلام.
 
والخلافة التي أعطيت لهارون من موسى، أعطي عليٌّ  عليه السلام مثلها بالنسبة للخاتم صلى الله عليه وآله، ومن العجائب هو أن جميع أساطين العامة نقلوا الرواية لكن لم يدركوا معناها.
 
المرحلة الثالثة وهي ختم الكلام: أن النبي صلى الله عليه وآله أعطى الراية للأول، فرجع منهزماً، وفي اليوم اللاحق أعطاها للثاني ففرَّ من الحرب في خيبر، ثم تطاول كلُّ الأصحاب عندما قال صلى الله عليه وآله: لأعطين الراية: وفيها لام التحقيق، ونون التأكيد الثقيلة: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. وأي رجل؟!
 
لم ينم صحابة الخاتم ليلاً إلى الصباح، ظلوا متحيرين فيمن سيعطى الراية غداً، وطلعت الشمس واجتمعوا جميعاً وتطاولوا ليروا ماذا سيحصل، قال صلى الله عليه وآله: أين علي؟ قالوا: يا رسول الله، إنّه مبتلىً برمدٍ في عينه، وقد آذاه ألم العين، فقال صلى الله عليه وآله: ادعوه، ولمّا جاء وضع يده على عينه فارتفع الرَّمَدُ، أعطاه الراية بيده، والمهم قوله: لأعطين الراية رجلاً.. لكن أيُّ رجلٍ؟
 
رجلاً يفتح الله على يديه: هذه الجملة محيِّرَةٌ للعقول، الله تعالى يفتح خيبر بيده! فهل فهم البخاري ومسلم هذه الكلمة؟
 
يفتح الله تعالى، لكن بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فعليكم بدراية الحديث، إنّ فاتح خيبر هو الله تعالى، لكن بيد علي عليه السلام!
 
ماذا يعني هذا؟ يعني أن علياً يد الله.
 
إنّ كلَّ ما في المذهب له برهانٌ يعجزُ أمامه كلّ علماء العامة، ونحن عندما نقول: عليٌّ يد الله، فدليلنا هذه الرواية المتفق عليها، فالله تعالى هو الفاتح، لكن بيد علي عليه السلام.
 
ماذا تصبح النتيجة؟ تصبح أنّ يد الله الباسطة علي بن أبي طالب، وكلُ ألقابه عليه السلام أدلتها في كتب العامة: عليٌّ عين الله، عليٌّ يد الله، عليٌّ لسان الله.
 
الفتح في خيبر وقع من الله تعالى بيده عليه السلام، وهذه الجملة الأولى.
وما يحيِّرُ العقول هو أنّ الحاكم يقول صريحاً أنّ البخاري ومسلم اتفقا على صحة حديث الراية والأخوة، وفي الأخوة طلب النبي صلى الله عليه وآله الأصحاب وآخى بينهم، ومن العجائب أنه آخى بين عثمان وعبد الرحمان بن عوف، وهذه معجزة، حيث لم يفهم أحد وجه هذه الأخوة وسببها، إلى أن أوصى الثاني بأن يكون أمر الخلافة في ستة أشخاص فإن اختلفوا يكون ما يقوله عبد الرحمان بن عوف هو الحكم، وقد وافق عبد الرحمان في مورد اختلاف الستة على خلافة عثمان، هنا يتّضح إعجازُ فعل الخاتم صلى الله عليه وآله.
 
وقد آخى بين الأول والثاني، كل هذا محيّر للعقول! وآخى بين سلمان وأبي ذر، وبعدما آخى بين الجميع سأل: أين عليّ؟ ولما جاء قال: أنت أخي، وهذه القضية مورد اتفاق الكل.
وفي خيبر أعطى الراية للاثنين، فرجعا منهزمين، فقال: لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله.
 
ولما لم يكن للنوم طريق إلى عيون الأصحاب ليلتها، اجتمعوا جميعاً في الصباح، ونادى أمير المؤمنين عليه السلام وأعطاه الراية ففتح خيبر.
وقد صرّح الفخر الرازي بأن فتح خيبر لم يكن فعل عليّ عليه السلام، بل كان فعل الله تعالى أجري بيد علي بن ابي طالب عليه السلام.
 
وهو عليه السلام يقول: وَالله مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَرَ.. بِقُوَّةٍ جَسَدِيَّةٍ، وَلَا حَرَكَةٍ غِذَائِيَّةٍ، لَكِنِّي أُيِّدْتُ بِقُوَّةٍ مَلَكُوتِيَّةٍ، وَنَفْسٍ بِنُورِ رَبِّهَا مُضِيئة.
 
هذا هو دليل الشيعة في قولهم: عليٌّ يد الله.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154997
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28