• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصناعة السياحية..احد قطبي ارتكاز الاقتصاد العراقي .
                          • الكاتب : د . غزوان هادي  .

الصناعة السياحية..احد قطبي ارتكاز الاقتصاد العراقي

* باحث اقتصادي
بحلول القرن الحادي والعشرين، دخلت غالبية المفاهيم في شتى المجالات، مرحلة جديدة من استحداث أو استبدال بما يتناسب ومتطلبات العصر”العولمة “ والتطورات التقنية الهائلة، ففي الجانب الاقتصادي بدأ تطوير مصادر الدخل القومي، بأموال واستثمارات وصناعات، لا تنضب مثل النفط والصناعات البتروكيميائية، والصناعات العملاقة والتجارة، وإيجاد صناعات تمثل رغبات الإنسان في كل مكان و بشكل دائمي: السياحة لا تتحكم بها حركة السوق، فكانت السياحة احد ابرز الصناعات التي لا تنضب ولا تتوقف ولا تتحكم بها حركة السوق ورغبات المقتنين، فالسياحة هي احد أقطاب  ارتكاز اقتصاد القرن الواحد والعشرين، ومستقبل اقتصاد الدول التي تمتلك إحدى أنواعها، فكيف الحال في العراق، الذي يمتلك جميع أنواع السياحة؟
تقسم السياحة إلى ثلاثة أنواع، وهي السياحة الطبيعية(الجمالية) والتي تضم مكونات الطبيعة الجميلة من جبال وشلالات ومروج خضراء إلى الأنهار وشواطئها والبحار وسواحلها، والتي يحوي العراق غالبيتها، فمن جبال وشلالات كوردستان، مروراً بمروج وشلالات الموصل وديالى الخضراء بمروجها وأنهارها، وسدود الثرثار والرزازة والهندية والكوفة والكوت واهوار الجنوب وصولاً إلى سواحل شط العرب وجزيرة السندباد في البصرة، وهي مناطق جذب سياحي.
يتميز العراق بمواقع سياحية متنوعة، ويسعى السياح الى الجبال، خاصة التي تغطيها الثلوج شتاءً، فالسياحة الطبيعة (الجمالية) في العراق، من الممكن أن تنعم بالحركة السياحية في غالبية مدن العراق صيفاً وشتاءً، لكن هذا لن يتم إلا بصناعة حضارية وتوفير المرافق السياحية المتممة لهبات الطبيعة، من فنادق سياحية بجميع المستويات التي تضم جميع وسائل الراحة والترفيه، وإنشاء قرى سياحية للسكن(منتجعات) تحتوي على خدمات عالية ومتطورة للسائح، ووسائل نقل مريحة بين كل منطقة أو مدينة سياحية وأخرى، فضلاً عن المطاعم والمسارح ومدن الألعاب والمسابح والحدائق وغيرها من الوسائل السياحية.
والسياحة الآثارية (التاريخية)، والتي تضم آثارا سياحية عن الحضارات القديمة، وكل ما له علاقة بالتاريخ من مدن ومساجد ونصب ومقابر ذات قيمة تاريخية تستقطب السياح، بهدف مشاهدتها على الطبيعة والاطلاع على حقائقها والبحث في تفاصيلها، فضلاً عن السعي لكشف ألغازها وأسرارها، والعراق مهد الحضارات، وصاحب أقدم حضارة في العالم، ويضم بين ثناياه آثار وتاريخ حضارات عديدة كان لها دورها المتميز في تاريخ البشرية.
شخوص تاريخية 
بدءاً من أقدم حضارات العالم، كالبابلية والسومرية والاكدية والآشورية، والتي تمتد من مدن سومر وبابل والشاخصة آثارها في ذي قار ونينوى والحلة وبقية المدن تحكي قصة الوجود الأول للإنسان على الارض، والتي نجد آثارها في كهوف السليمانية واربيل وذي قار، وغيرها وحضارة العرب قبل الإسلام في قصور الخورنق والمناذرة وقصر النعمان بن المنذر في النجف، وارض العراق نشأت عليها أهم مراحل الحضارة الإسلامية من الكوفة عاصمة خلافة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) والتي ما زالت شاخصة، ومنها منزل الإمام علي ومسجد الكوفة، وآثار مدينة واسط التي بناها الحجاج الثقفي، وبغداد عاصمة العباسيين بأبوابها ومقابرها، وسامراء عاصمة المعتصم ودار خلافته ومأذنته الملوية، والبصرة مصدر العلم والاشعاع، والكثير من مدن العراق تحكي لنا بآثارها تاريخ الحضارة الاسلامية، وتعد السياحة الاثارية، اهم واكبر من السياحة الطبيعية كونها تجمع عشاق السياحة ومحبي السفر، والمغرمين بالتاريخ، وأساتذة التاريخ وعلماء الآثار وهواتها، فهي حركة سياحية دائمة لا تتوقف، ولكنها وكما الحال في السياحة الطبيعية تحتاج الى مرافق لخدمة العمل السياحي؛ كالفنادق التي يجب ان تكون قريبة من المناطق السياحية، مروراً بوسائط النقل المتطورة والمريحة، وصولاً الى الادلاء السياحيين، وهم الأهم في هذه المعادلة، فيجب أن يتمتعوا بعدة صفات اهمها، اللباقة وسلامة النطق، والصوت الجهوري، والمعرفة التامة بأكثر من لغة عالمية حية، والاطلاع الكامل والمعرفة التفصيلية لتاريخ المنطقة وحضارتها وبكل تفاصيلها التي يعمل في الاستدلاء عليها.
 سياحة دائمية
والاهم في جميع انواع السياحة، هي السياحة الدينية التي لا تعترف بالتفضيلات، ولا تتوقف عن زمن،ولا تحدها حدود، فالسياحة الدينية لا تضم جدولة بالرغبات و الافضليات، كما هو الحال في السياحة الطبيعية، والتي تتحكم بها رغبة السياح في تفضيل هذا البلد على الاخر، والسياحة الاثارية التي تحكمها مزاجيات السياح في تفضيل اثار هذه الحضارة على تلك، كون السياحة الدينية ليس لها وقت محدد، فبالاضافة الى مواسمها في المناسبات الدينية، فهي دائمية ولا تؤثر  في حركتها المواسم والفصول، اما البرد والحر مثل الحال في السياحة الطبيعية التي تقسم الى صيفية وشتوية، كذلك فالسياحة الدينية لا تهتم ببعد المسافات فزوار الاماكن المقدسة يقطعون مشارق الارض ومغاربها بهدف الوصول الى مبتغاهم، وليس كما هو الحال في السياحة الطبيعية التي يفضل روادها البلد الاقرب، الذي يتوفر فيه ولو الحد الادنى من رغباتهم، بغية عدم تحمل عناء السفر الطويل وأعبائه المالية الكبيرة، عكس السياحة الآثارية، والتي يفضل  معظم روادها البلد الاقرب، الذي يضم عناصر هذه السياحة، للأسباب الآنفة الذكر- فضلاً عن الرغبة في الإفادة من الوقت في التعرف اكثر على الآثار المزارة.
العراق قلب السياحة الدينية النابض، فأرض العراق الطاهرة هي ارض الأنبياء والمرسلين، فكما تورد الروايات  التاريخية،بأن ارض العراق تضم مراقد ومقامات سبعين نبياً،وسبعين الف ولي،فمن البصرة مقام خليل الله ابراهيم ومرقد نبي الله عزير في ميسان،الى مرقد نبي الله ذي الكفل في النجف،مروراً بمرقد النبي يوشع في بغداد،حتى  مرقد النبي يونس في الموصل،والنبي دانيال في ديالى،وغيرها من المراقد كثير في بغداد وباقي مدن العراق،ومراقد الائمة في العراق تبدأ من النجف الاشرف حيث مرقد الامام علي بن ابي طالب،ومنها الى كربلاء حيث مرقدي الامامين الحسين والعباس، ومراقد شهداء الطف، ومرقد الإمامين الكاظم والجواد، في بغداد، ومرقد الامامين الهادي والعسكري في سامراء، ومرقد علي بن الحسين في البصرة، ومرقد ابراهيم بن الكاظم ووالدته في بغداد، ومراقد بنات الحسن في كربلاء (عليهم السلام جميعاً)، ومرقد الصحابي سعيد بن جبير في النجف، ومرقد الصحابي الجليل سليمان المحمدي في بغداد، ومرقد الصحابي الجليل جابر الأنصاري ومرقد سفراء الامام الحجة في بغداد ومراقد ابراهيم بن الاشتر في بلد، ومراقد علماء الاسلام، الشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ ابي حنيفة النعمان في بغداد، ومقامات الخضر في بغداد واللطيفية، وغيرهم كثير من ائمة الاسلام وعلماء الدين ومشايخهم،فضلاً عن المساجد التاريخية التي تملأ العراق مثل  مسجد الكوفة في النجف و جامع الخلفاء في بغداد، وغيرها كثير،فارض العراق بكل  شبر فيها مصدر لجذب الراغبين بالسياحة الدينية بهدف زيارة  المراقد الدينية او مشـاهدتها و الاطـلاع عليها بهدف الاستزادة في العلم والمعلومات،ومع توفر هذا الكم الهائل من مصادر السياحة الدينية،فهي بحاجة الى تهيئتها بما يخدم العمل السياحي في هذا المجال، من خلال ترميم وصيانة هذه المراقد والمقامات و تهيئتها معمارياً لاستقبال زوارها من خارج العراق،وتهيئة جميع  الخدمات  التي يحتاجها الزائر من مسكن ومأكل ووسائط نقل،وسوق تجاري،مع توفير  ملاك  من رجال الدين القادرين على العمل لخدمة الزوار في انجاز هدفهم من الزيارة،ومرافقتهم في التنقل لتعريفهم بأهمية الاماكن المزارة الدينية والتاريخية،فضلاً عن توفير اجواء دينية تناسب رغبات الزوار الدينية واهدافهم الروحية من الزيارة. بذلك يمكننا النظر الى مستقبل العراق الاقتصادي من خلال السياحة كمصدر اساسي ومهم للدخل القومي يضيف دخلاً موازيا  لدخل النفط الى جانب المعادن الاخرى، والصناعة و التجارة و الزراعة والثروة الحيوانية مجتمعة، فمستقبل مدخولات الاقتصاد العراقي من السياحة ذو ثلاثة ابعاد (سياحة طبيعية - وسياحة آثارية - وسياحة دينية) ولكل منها متوسط دخل يفوق اجمالي الدخل القومي من غير السياحة، فضلاً عما يرافق السياحة من مصادر للدخل في مجال توظيف آلاف العراقيين في المرافق السياحية لتقديم الخدمات للسياح، بالإضافة الى ازدهار التجارة بحكم ارتفاع حجم المشـــتريات، نظراً لزيادة الطلب على البضائع، المتأتية من حركة السياحة في البلد، وازدهار بعض الصناعات الشعبية والتقليدية التي تغذيها رغبات اقتنائها لدى السياح، وهكذا ننظر الى مستقبل اقتصادي مزدهر للعراق، ورفاهية مستقبلية للمواطن العراقي بارتفاع متوسط دخل الفرد والدخــل القومي، وازدهار الاســواق والحــركة الاقتصــادية في البلد.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154881
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20