• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إلا رسول الله .
                          • الكاتب : د . علي فاضل الدفّاعي .

إلا رسول الله

بعد أن أعلنت فرنسا على لسان رئيسها انها لن تتراجع عن الرسوم المسيئة لنبي الاسلام محمد (صلى الله عليه وآله) تحت ذريعة حق التعبير وحرية الرأي؛ انتشر الوسم المعروف (إلا رسول الله) في وسائل التواصل الاجتماعي وتوالت بعدها مواقف شعبية غاضبة في عدد من البلدان الاسلامية تشجب الاساءة، وعلى إثرها ظهرت الدعوة الى حَملة مقاطعة المنتجات الفرنسية.

لن يختلف اثنان _منصفان حياديان_ بأنّ حق التعبير وحرية الرأي لايمكن ان ينالا من قدسية الرموز المحترمة عند أتباع الاديان والمؤمنين بها، فإن هذا التصرف سوف يوصَّف حينها بأنه انتهاكٌ لحق الاخرين وإهانة لمشاعرهم وتجاوز على مقدساتهم، ولستُ هنا بصدد الحديث عن هذه الجزئية تحديداً فهي من الواضحات حتى نُقل عن وزير الخارجية الفنلدي تعجُّبهُ من ان الذي يَسًب مسلماً يدخل في حماية التعبير عن الرأي، بينما الذي يسب يهودياً فإنه يُتهم بمعاداة السامية والذي يسب أصحاب البشرة السوداء يُتهم بالعنصرية، بل ومن يسب المثليين فإنّه يُتهم بمعاداة المثلية!! فهل يبقى غموضٌ بعد ذلك بأن هناك استهدافاً واضحاً وعدواناً بيّناً على مقدسات المسلمين دون غيرهم مِنَ الرئاسة الفرنسية ومَن يؤيد هذا النهج العدواني.

ولعله من المفيد الاشارة هنا الى السؤال الذي وجهه مرشد الثورة الاسلامية في ايران السيد الخامنئي للشعب الفرنسي وباللغة الفرنسية إذ قال (إسألوا رئيس جمهوريتكم: لماذا يدعم إهانة ‎رسول الله ويصنّفها حريّة في التعبير؟ هل هذا ما تعنيه حريّة التعبير: الشّتم والإهانة، وتوجيه ذلك لشخصيات متألّقة ومقدّسة؟ ألا يُمثّل هذا التصرّف الأحمق إهانة لمشاعر الشّعب الذي اختاره رئيساً، ولماذا يُصنّف التشكيك في الهولوكوست جريمة؟ بحيث يُسجن من يكتب شيئاً في هذا المضمار؟ بينما يتمّ إفساح المجال لإهانة ‎الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم).

ان توجيه هذا السؤال الى الشعوب مبادرة ذكية وخطوة مهمة لان الشعوب بطبيعتها غير مؤدلجة؛ إنّما تغفل احياناً لتسير ضمن العقل الجمعي وتؤثر فيها (الميديا) من غير وقفة تفكّر؛ فعندما يأتيها هذا السؤال سيخفّف من وطأة الاصوات العالية التي منعتها من التفكير، ويُزيح شيئاً فشيئاً الغشاوة التي صنعتها المواقف السياسية المتطرفة تجاه أديان الله وانبيائه التي لاترضى الشعوب اهانتها.

الان وقد مضت فرنسا بإسائتها فإنّ الوقفة الجادّة التي قام بها المسلمون بدافع الغيرة للدفاع عن كرامة دينهم ونبيهم ضد هذه الاساءة وما قاموا به من تحشيد الطاقات وتوحيد الجهود العابرة للحدود والقارات ينبغي ان تدعونا للتأمل عميقاً في نقطةٍ جدُّ مهمة؛ ألا وهي ان وحدة موقفنا تصنع المعجزات في عالمٍ بات يُدرك خطورة وحدة الكلمة وتوحيد المواقف لامة يجمعها كتابٌ واحد وقبلةٌ واحدة ونبيٌ واحد.

إنّها من اعظم نقاط القوة التي يمتلكها المسلمون والتي سعت الحكومات المُستَعمِرة بكل جهدها الى تحطيمها فإن لم تستطع فالى طمسها وإخفائها، ولكن بين الحين والاخر تقوم تلك الحكومات بمواقف عداء واضحة تضرب صميم نقطة التقاء امة الاسلام لتكشف بها عن زيف ودّها للمسليمن؛ حينها يجب على هذه الامة ان تأخذ زمام المبادرة وتنتبه لمصدر قوَّتها، واعتماد كثيرٍ من الحكومات على نقطة الضعف التاريخية المتمثلة بتفريق أبنائها وتعزيز الخلافات بينهم.

لقد جاءت تلك الاساءة متزامنة مع ذكرى ولادة نبي الاسلام العظيم ومع اطلالة اسبوع الوحدة الاسلامية المبارك الممتد بين 12 الى 17 ربيع الاول فعلى المسلمين ان يحوّلوا تحدّي الاساءة وإهانة المقدسات الى فرصةٍ لوحدة الكلمة واستعادة نقاط القوة والاقتدار الاسلامي باليقظة ومعرفة العدو الحقيقي.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=149468
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18