• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٣) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٣)

التَّمكينُ رُؤيةٌ وأَدواتٌ، والرُّؤيةُ تتشكَّلُ بالتَّفكيرِ المُستندِ

إِلى العِلم والتعلُّم.

وإِذا تتبَّعنا آيات القُرآن الكريم فسنُلاحظ أَنَّ بداية الإِنسان تبدأ بالتَّعليم والقراءة، لكنَّها تستمر بالتَّفكير والتفكُّر.

يقُولُ تعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فهذهِ هي البِداية.

ثم يقُولُ تعالى {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

ثُمَّ كُلَّما ذكَّر بنعمةٍ من نِعمِهِ يردفها بقولهِ تعالى {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.

إِذن لا يكفي أَن تقرأَ في أَيِّ شيءٍ إِذا لم تُفكِّر فيه، وإِلَّا فستتحوَّل الى مكتبةٍ مُتنقِّلةٍ أَو إِلى جهازِ استنساخٍ فحسب!.

ولذلكَ وردَ في المأثورِ يصفُ أَبا ذر {وكانَ أَكثرُ عبادتهِ التفكُّر}.

يتصوَّرُ البعض أَنَّ بإِمكانهِ تشكيلُ رُؤيةٍ إِذا قرأَ وتعلَّم من دونِ أَن يُفكِّر، وهذهِ مِن الأَخطاء الشَّائعةِ، ولذلكَ فإِنَّ التَّعليمُ عندنا يعتمد على المنهجِ التَّعليمي الذينستنسخهُ من المناهجِ العالميَّة، إِن كانَ على مُستوى التَّعليم الجامعي، أَو من تُراثنا التَّعليمي الذي مرَّ عليهِ قرنٌ من الزَّمن، إِن كان على مُستوى التَّعليم الأَوَّلي،وقليلٌ مِن التَّحديثِ والتَّجديدِ.

ولذلكَ فإِنَّ التِّلميذُ عندنا يتخرَّج من الإِعداديَّة مثلاً أَو حتَّى من الجامعةِ ورُبما من مرحلةِ الدِّراساتِ العُليا وهوَ يحفظُ منهجاً كاملاً عن ظهرِ قلبٍ، غَير قادر علىإِنتاج العِلم، ولذلك نبقى دائما شعوباً مُستهلِكةً لأَنَّنا لم نُغيِّر طريقة ووسائل وأَساليب التَّعليم عندنا لنحوِّلها من أُسلوب [الوِعاء العلمي] إِلى أُسلوب [الإِنتاجالعلمي].

وهكذا بالنِّسبةِ لمُؤَسَّساتِنا الثَّقافيَّة والفكريَّة والمعرفيَّة فإِنَّها نادِراً ما تُنتِج الفِكِر، فكلُّ ما تفعلهُ هوَ تدوير المعرفةِ وليسَ إِنتاجها إِلَّا الَّمم.

متى تحوَّلَ الهدفُ عندنا من تعليمِ الطلَّاب إِلى إِنتاج المعرِفة فسنُحقِّق قفَزات ملمُوسة في التَّنمية والإِنتاج، فالغربُ لم يكُن ليُحقِّق كلَّ الذي نراهُ مِن تطوُّر إِلَّابعد أَن غيَّر طريقة وأُسلوب التَّعليم عندهُ من خلالِ تأسيس الجامعات البحثيَّة وذلكَ منذُ قَرابة القرنَين أَو أَكثر.

والمُسلمُون وجامعاتهُم وحواضرهُم العلميَّة كانت عظيمة يومَ أَن كانت تُنتجُ علماً وتصدِّرهُ للبشريَّة كلِّها.

يجب أَن يكونَ هدفُ جامعاتِنا هو تقديم العُلماء وليسَ الخرِّيجين، كُلّاً حسبَ اختصاصهِ، أَمَّا عمليَّة نقل المعرِفة والفصل بينَ التَّعليم والبحث، وهوَ الأَمرُ الجاريفي جامعاتِنا اليَوم، فهذا أُسلوبٌ لا يُغيِّر من واقعِنا المُزري أَبداً، إِذ هوَ يُساعدُنا فقط على أَن نحتفظ بمكانتِنا [العلميَّة] و [التنمويَّة] في أَسفلِ القائِمة فيالعالَم!.

أَمَّا في الغربِ فقد أَدركت الجامِعات البحثيَّة أَو [الجامِعات العظيمة] كما يسمِّيها [جوناثان كول] مؤَلِّف كتاب [جامِعاتٌ عظيمةٌ] أَنَّ مُهمَّتها هي تقديمالإِكتشافات العلميَّة فى العالَم [٨٠٪؜ منها تجري في الجامِعات] وتقديم الأَبحاث المُنتجِة، وإِعداد الشَّباب ليكونُوا قادةً فى البحثِ والعِلم، ذلكَ أَنَّ الإِبداعوالإِبتكار، ونقل العِلم إِلى الصِّناعة هوَ ما جعلَ الجامعات الكُبرى أَساس التقدُّم في العالَم.

عندما يكونُ الهدف هو البحث والعِلم والنَّاتج المعرفي والإِنتاج الصِّناعي والعائِد الإِقتصادي، نكونُ قد خلقنا فُرص التَّمكين الحقيقيَّة، إِذ سننتقلَ بهذهِ العقليَّةمِن الإِستهلاك إِلى الإِنتاج، ومِن التبعيَّة إِلى الصَّدارة، وبذلك فقط يُمكنُنا أَن نعيشَ في هذا العالَم ولا نعيشَ على هامشِ الحَضارة والتَّاريخ أَو حتَّى خارِجالتَّاريخ!.

٦ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: nahaidar@hotmail.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144225
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13