الكتل السياسية الشيعية التي أعلنت رفضها لتكليف عدنان الزرفي وللمشروع الذي يتبنى الزرفي ، وهو مشروع خطير كشفت له ومن حيث لا تعلم، طريق تشكيل الحكومة؛ وإذا إستطاع استغلال ذلك عبر ما يلي :-
1/ إنها لم تفعل معه مثلما ما فعلت مع توفيق علاوي، والذي كانت تصرح بإيجابية تجاهه، طيلة فترة الثلاثين يوم، الممنوحة له دستوريا لإكمال تشكيل الحكومة،ولكنها اخفت موقفها الصريح إلى يوم التصويت في مجلس النواب، ما جعله في حيرة؛ ولا يملك هوامش زمنية أو تفاوضية معها، وخسر النزال أمام هذه الكتل، والتي فعلت خيرا مع الزرفي؛ عندما أعلنت صراحة رفضها له منذ اليوم الأول لتكليفه، ما منحه هامش زمني وسياسي للتفاوض معها (٢٩ يوم)،أو الضغط عليها بواسطة وسائل الضغط المتوفرة، أو تلبيته مطالبها بطريقة وأخرى، أو محاولة الحصول على أصوات بعض من أعضائها.
2،هذا الرفض يجعل المكلف الزرفي يتيقن؛ بأن عملية تشكيل الحكومة وتمريرها، لا يمكنها أن تنجح؛ إلا بالحصول على رضا وأصوات الكتل الشيعية، لا أصوات السنة والإكراد (كما يعتقد بعضهم)، لإنهما وعندما لا يعطيهم ما يريدونه من مطالب، سيتبجحون إعلاميا بأنهم لا يريدون كسر الإجماع الشيعي أو الوطني، مثلما هو حاصل اليوم من قبل البرزاني والحلبوسي ، وسيقولون أن من رفضه أغلب الشيعة، لا يمكن قبوله أو الوقوف معه، لذا أدرك المكلف بأن يرمي كل جهده وثقله؛ بمحيطه السياسي الشيعي وأن كان بعضهم رافضا له، ليحصل على تأييدهم ويبعد الكتل السنية والكردية؛ عن هذه المناورة السياسية لرفضه، ويمنع القوى الشيعية الرافضة له، عن تأليب السنة والأكراد ضده، ما يعطيها قوة عددية برلمانية مضافة لرفضه.
3/ هذا الرفض جعل بقية الكتل الشيعية؛ وخاصة التيار الصدري (سائرون)؛ يقف بالضد من هذا الرفض، ما يعني بالنتيجة تأييده للزرفي، على الأقل نكاية بهم لرفضهم علاوي؛ الذي كان الصدر يرغب بتمريره، فضلا عن إخفاق اللجنة السياسية السباعية الشيعية في عملية إختيار رئيس للوزراء لحد الان ؛ ولأن الصدريين فهموا بأن هذه الكتل؛ تريد من رئيس الوزراء المكلف التضحية بهم، مقابل منحه تأييدهم؛ وسائرون تمتلك (٥٤ مقعد) في مجلس النواب، وهو رقم مهم وصعب.
4/ أن الكتل الرافضة للزرفي لا يمكنها في الوقت الراهن، أن تفرز رئيس وزراء بمواصفات معينة، تستطيع به إقناع أغلبية الطبقة السياسية، والمرجعية الدينية، والشارع المتظاهر (الذي لم يرفض الزرفي بشكل واسع كما الذين قبله) والأطراف الخارجية المعنية والمؤثرة في الوضع العراقي؛ (التي ملّت مسألة إختيار رئيس الوزراء)، ما جعلها في حيرة سياسية ويمنح المكلف هامش من التحرك عليها وإقناعها وفق هذا المتغير.
5. هذا الرفض حرك أطراف المشروع الصهيوأمريكي المدعم بأتباعه من العرب، لتأييد الزرفي علانية، وخاصة الأطراف الضاغطة والمؤثرة في المشهد السياسي العراقي، فضلا عن أن الرئيس الأمريكي في ٢١٣٢٠٢٠، منح وزارة الدفاع الأمريكية صلاحية الرد على هجوم التاجي في ١١٣٢٠٢٠ ،ما يضع بعض قادة هذه الأحزاب في محل خطر من الرد الأمريكي، ربما تستثمره الولايات المتحدة للضغط السياسي عليهم في هذا الإتجاه.
في ترّسخ الحكم فيمن غلب؛ يقول ابن خلدون: “الدّول العامّة في أوّلها يصعب على النّفوس الانقياد لها إلّا بقوّة قويّة من الغلب للغرابة ولأنّ النّاس لم يألفوا ملكها ولا اعتادوه، فإذا استقرّت الرّئاسة في أهل النّصاب المخصوص بالملك في الدّولة وتوارثوه واحدا بعد آخر، في أعقاب كثيرين ودول متعاقبة، نسيت النّفوس شأن الأوّليّة واستحكمت لأهل ذلك النّصاب صبغة الرّئاسة، ورسخ في العقائد دين الانقياد لهم”.
|