شاعرة امتلكت حضور شعري متميز . في الساحة الثقافية والشعرية , وشاركت في المهرجانات الشعرية بصورة مكثفة , ولاقت الاستحسان , في صوتها الشعري الواعد بالعطاء والتألق . بصوت شعري يحاول ان يثبت اركانه بكل اقتدار ابداعي , وان يتوجه الى الحداثة الشعرية , من خلال تجربتها , كما تجلت مظاهره في العديد من المجموعات الشعرية التي اصدرتها . شاعرة من جيل التسعينيات , رسمت لوحتها الشعرية , بصياغة تثير الكثير من التساؤلات الجدية , في معاني الايحاء والرمز الدال , المرتبط بالصميم بالواقع بالارض بالاهل , بالحنين الى البلد البعيد , المرتبط بلواعج الغربة والاغتراب ومعاناتها , بالوجع والانين الذي ينهش الوجدان بطيف الذكريات الاليمة والموجعة التي تعبث بالطين , وتضعها ساخنة في نار الحنين والشوق . شاعرة تمتلك الاداء المقتدر بالصياغة الفنية والتعبيرية , وقدرتها في صوغ تداعيات فعل الصدمة , وفعل الالم الموجع , الذي يحمل اوجاع الوطن , بالاحساس الوجداني المتربط بجوانحه الهائجة للبعيد , الذي يعاني القهر والمعاناة والتفتت . هذا الحزن العميق الذي اختمر من تجربة وجع الغربة . والذكريات الاليمة التي تركت ندوب جريحة لاتشفى , في الوطن الذبيح . لذلك احتلت قصائد هذه المجموعة ( حين عبث الطيف بالطين ) هذا الوجع الانساني , في دلالاته الايحائية والرمزية البليغة . التي تهز القارئ بالشجن والشجون , بصرخات مكتومة تفيض بوجع الروح الى حد الصوفية , في الحنين والشوق . بهذا الطوفان الذي يعبث بالطين , على الايقاعات صارخة بالحزن العميق , وتفتح وجع الروح في عوالمها الداخلية والذاتية , والتي خرجت بهذا الطوفان من القهر والمعاناة , في زمن الهشاشة الذي تعبث به الرياح والعواصف وتقلبه على كل اتجاهات الانين . في الشوق الملتهب الى البعيد . هذه الصياغة الشعرية في هذه المجموعة , في توظيف مقتدر بين المعنى والمعنى المضاد , في جدران العتمة والليل الطويل , في رحلة العذاب في تجربة الغربة . المرتبطة بحبلها السري للبلد البعيد , في طيف ذكرياتها التي تعبث في خلجات الوجدان الى ( العراق الذي يبكيني . ويرسم وجهي بتضاريس غيابه ) في حرقة السؤال والتساؤل , التي تقرع بأجراسها .
ضوء خافت
يتلألأ خلف سؤالك
من أنت !!
تعقد كفيك
وتنصت لأنين النار
----------
شمعة ...
يحترق صمتك ,
مطرٌ
هذا الكلام
المحتشد في فمك الميت ,
علكَ تراني تفاحة تصهل خلفي
-------------
يهبط الغيم حزينا لسؤالكَ
منطويا على دمعته
أهذا العمر لكِ أيتها الأخطاء , / من قصيدة ( خطيئة آدم )
وجاءت عصافير المعنى , مليئة بالايحاء والرمزية الدالة في العمق , لتعابيرها لترسم لوحة الحزن العميق, كأن الخريف يهجم على بلد الامهات في وجع الانين , والعصافير تهرب وراء السراب , وتسقط دمعة سوداء من العاشق والعاشقة .
الخريف
بلد الامهات
جاء وحيدا
يُقبَل الابواب .
------------------
قلبي بريء منكَ
أيها الألم .... البياض ,
قرية سوداء
تُزين ذاكرتي بالعصافير ,
أقدام غرَة
تركض خلف السراب
------------
على الدمعة السوداء
ظلَّ العاشقة
التي
حلقت على كتفيها
النوارس
وبكت على جانبيها
هذا الوجع يجعل الحذر يمشي في عروق القلق , في كل خطوة يخطوها . الحذر من بارود الصدفة . الحذر من الدبابيس قد تجرح عمرك . الحذر من الايام , قد تنسيك لعبة الفراق . الحذر من فمك قد يصرخ مرتجفاً في البراري .
إحذرْ
بارود الصدفة
قد يأخذك شيهدا
في دمية خاسرة
--------
إحذر الدبابيس
قد تجرح عمرك
وترديكَ حيا .
-----------
إحذر الايام
قد تنسيكَ
لعبة الفراق .
---------------
إحذر فمكَ
قد يصرخ مرتجفا
- البراري . / من قصيدة ( محاذير )
هذا الوطن البهي الزاهي في معاناة الالم , , والعامر في وجع الانين الذي يقطع نياط القلب . لكن تظل الاشواق اسيرة ذكريات الحنين الى مراتع الطفولة الفقيرة . التي توخز الذاكرة , وليس غريباً ان تتنزه في وطن الوجع وتداعبه .
آه
أيها الوطن البهي
يا مِسَك نهر هائج
توجه إليَّ ألآن
في هذه الليلة
غير الموثوق بظلمتها
ضع قرب رأسي
زهرة الفجيعة
دون أن توخزني
- ذكراك . / من قصيدة ( الوطن البهي )
حين عبث الطيف بالطين , وفزز الجراح الدامية , واستيقظ الحزن العميق , لتأخذه رياح الشجن المؤلمة بالوجع لكي تلعب به , حين خرج السلام , من جثة الحرب , هذه الاوجاع المؤلمة في لعنة الحرب التي تأخذ الاحبة والاخوة , جوراً وظلماً , وتترك روح الاهل والاحبة , دامية على قارعة الفراق , هكذا يتجول الموت بحرية في الحرب , ليخطف الفسائل الخضراء اليانعة , ويحرقها في العبث الحياتي نحو الموت , لتجعل غصة الوجع لا تفارق مضاجع الذاكرة , بل تصرعها بالانين .
ودمك الفائرْ
كنتَ تسدد الرمية
بدمعة كسولة
كنتُ حائرة كالدمية البريئة
حين عبث الطيف بالطين ,
كنت رصاصة تهربُ منك
وكنتُ سمراء
حين هرب الاحياءُ من الجرة
كنت نحيفا
حين سار الليلُ الى الليلِ .
والنهار الى جثة الحربِ
وكنتُ حربا
حين صافحتُ وجهك الغضٍ
وكنتَ غصا
حين خرج السلام
- جثة الحربِ . / من قصيدة ( حين عبث الطيف بالطين )
لا تقتل الفرح . في دمعة كهل حزين , لاتمرغ القلب برمال الحزن , بل اعطني قرنفلة افرح بها , اعطني معطف أمي اتدفئ به , لا تعوي بالريح في البلاد البعيدة المغلفة بالقهر والوجع الحزين. هكذا
كان الرحيل الصامت بأوجاع مرتجفة .
رحلنا
صامتين
ترتجف أوصلنا
متى قلنا
ها إننا يفتتنا النداء ,
نقتسم براءة الطين
-----------
ريحٌ
تعوي في بلاد بعيدة
تقطف أزهارا قبل أوانها
تغلق شبابيك
------------
في كل قلبٍ
فاكهة للشتاء
وصحراء نمضي بها
علَنا
نمسك غزالة
نعبر فيها
- تبقى من العمر . / من قصيدة ( في البلاد البعيدة )
× المجموعة الشعرية : حين عبث الطيف بالطين
× اشاعرة : نجاة عبدالله
× اصدار : سلسلة آفاق عربية / تصدر من الهيئة العامة لقصور الثقافة / القاهرة
عدد الصفحات : 176 صفحة
|