بذرة صغيرة من التين سقطت من عربة بائع للبذور في مدينتي الحبيبة التي كانت على ضفاف النهر بعد سقوطها تدحرجت هذه البذرة بعد ان هبت ريح خفيفة مستقرة في الشقوق التي ولدتها شحة المياه ولحسن طيب هذه البذرة وجمالها وقربها من الله جل وعلا ارتفعت مناسيب المياه حتى وصلت الى تلك البذرة فبدأت تدب الحياة فيها شيئا فشيئا فاخذ بريقها الاخضر يشع عندما تسقط اشعة الشمس عليها واخذت ترقص عندما تهب الرياح عليها واخذت ترتجف عندما يهطل المطر عليها وطيور تحط وطيور تطير على اغصانها التي ولدت ظلا يجلس الناس تحته في ايام الصيف الذين جاؤا لكي يصطادو السمك وللاطفال الذين يلعبون على ضفاف النهر تحت هذا الظل الخفيف فاصبحت هذه الشجرة عنوانا لهم يرتادونه كل يوم حتى عاشت معهم حياتهم الجميلة وهاهي الشجرة الشامخة رائعة الظل اخذت لاتقوى على الوقوف تقدمت في السن وقد اخذت تنحني كالشيخ الكبير مقتربة من الارض بعد ان اصبحت عديمة الثمار فنظرت الى المكان البعيد فلاحظت حطاب يقترب اليها وهو يلوح بقامته ويشير اليها فاخذت دموعها تسيل على وريقاتها فعم الصمت المكان سوى صوت الرياح المخيف وهي تتلفض انفاسها الاخيرة مستذكرة كل الايام الجميلة التي مرت بها ولم يبقى سوى لحظات ويبدأ الحطاب بضرب الشجرة فرفع يده وبيده القامة وقبل ان يضرب واذا بصوت عالي مدوي من بعيد توقف توقف ماذا تفعل هل جننت واذا هو بصوت الرجال والاطفال الذين جلسوا تحت ظلها طول السنين التي مضت قد جاؤا اليوم لكي يمنعوا الحطاب من اجتثاثها فراحت الشجرة زاهية فرحة بما جرى .