صفحة الكاتب : علي بدوان

فلسطينيو الداخل والاضطهاد المزدوج القومي والطبقي
علي بدوان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الدور الحيوي لما تبقى من الشعب العربي الفلسطيني داخل الأرض المحتلة عام 1948، بات محوريًّا وأساسيًّا في ظل التحولات والحراكات الجارية الآن داخل اسرائيل، وان كانت تدور تلك الحراكات تحت سقف المطالب الاجتماعية والاقتصادية وتحت سقف شعارات المساواة والعدالة بين عموم سكان "الكيان الاسرائيلي". 
فأصحاب الوطن الأصليون، الذين بقوا داخل فلسطين المحتلة عام النكبة، أصبحوا يشكلون بدورهم قوة كبرى لا يمكن الاستهانة بها بعد أن وصلت أعدادهم قرابة ربع سكان الدولة، فهم بالتالي قوة مقررة يحسب لها حساب من الآن فصاعدًا في ميدان الحضور والمطالبة بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسياسية في مواجهة سياسة التمييز القومي والطبقي وسياسة "الأسرلة" التي مورست بحقهم طوال العقود الماضية. إن مشاركة فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 في حركات الاحتجاج الاجتماعي تحت سقف مطالبهم الداعية لإزاحة كابوس التمييز والاضطهاد القومي والطبقي عنهم، لها أثر كبير على التحولات الجارية داخل اسرائيل، حتى لو كانت تحركات على مستويات مسقوفة بحدود معينة وتحت سقف الشعارات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية. 
في هذا المقام، إن ما يهمنا في أمر تلك التحولات والحراكات هو دور أبناء الشعب الفلسطيني داخل كيان اسرائيل والذين باتوا يمثلون قرابة (22% إلى 25%) من سكان "إسرائيل"(1,137,500 نسمة تحديدًا، باستثناء سكان القدس والجولان المحتلين)، حيث يتعاظم حضورهم السياسي والاجتماعي كل يوم، ويتعاظم معه دورهم المستقبلي بالنسبة للقضايا والمسارات السياسية.
وتشير معطيات ثانية، بأنه ومع نهاية عام 2009, بلغ تعداد الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 قرابة (1,25) مليون فلسطيني (مستثنى منهم أبناء المناطق الشرقية المحتلة من مدينة القدس عام 1967) ألف يمثلون نحو (20%) من سكان "إسرائيل"، لا يملكون سوى (3%) من الأراضي التي أقيمت عليها الدولة الإسرائيلية عام 1948 في ظروف دولية وإقليمية استثنائية بعد أن كان الفلسطينيون يمتلكون (96%) من الأرض قبيل النكبة بقليل. ووفق مصدر آخر، فإن أعداد المواطنين الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 بلغ (1,215) مليون نسمة، دون مواطني مدينة القدس المحتلة، وان أعدادهم تضاعفت بنحو (7,8) مرات منذ العام 1949.
إن الفلسطينيين في الداخل يشكلون المجتمع الأكثر فتوة في التوزع الفلسطيني، إذ بلغت نسبة الأفراد دون الخامسة عشرة من العمر (40,6%)، وترتفع الخصوبة بينهم قياسًا بالخصوبة عند المرأة اليهودية، وهو ما يشكل مصدر قلق لقادة إسرائيل الذين باتوا ينادون الآن بما يسمى "يهودية الدولة"، حيث كانت مجموعهم عام النكبة لايتجاوز (151) ألف نسمة.
لكن ما زاد من خوف الاسرائيليين وقلقهم تجاه فلسطينيي 1948, تصاعد ظاهرة النمو الديمغرافي بهم بالقياس إلى النمو الديمغرافي المحدود لدى اليهود على أرض فلسطين، وهو تصاعد ترافق مع ارتفاع وتيرة كفاحهم الوطني وقدرتهم على التعبير عن شخصيتهم الوطنية الفلسطينية سياسيًّا وثقافيًّا. وفي صمودهم وبقائهم، وتشبثهم بترابهم الوطني, وتحملهم لكل صنوف التمييز والإفقار والتجويع الصهيونية. فشلتْ كل المخططات ومشاريع التهجير الصهيونية التي مورست بحقهم.
لقد عاش أبناء فلسطين ممن تبقوا داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948 حياة صعبة طوال السنوات التي تلت النكبة، حيث عانوا بشكل كبير، من سياسات الاضطهاد والتمييز القومي والطبقي، وما زالت تلك السياسة وشواهدها بادية بشكل صارخ مع استمرار تلك السياسات التمييزية بينهم وبين عموم اليهود من سكان اسرائيل.
إن تلك السياسات التمييزية، واستمرار الاضطهاد القومي والطبقي تجاههم، تجعل من دورهم في ميدان العمل اليومي في "إسرائيل" أمرًا محتومًا، فهم في نهاية المطاف داخل بوتقة تلك التفاعلات الجارية، لذلك كانوا من جانبهم في مقدمة المظاهرات وخيم الاعتصامات التي ملأت مدن اسرائيل في تل أبيب والخضيرة وبتاح تكفا والقدس الغربية وحيفا (في حي وادي النسناس المعروف)... الخ من أجل المطالبة بالعدالة الاجتماعية. ومن مشاركي "حملة الكوتيج" التي انطلقت على صفحات الفيسبوك التي اتسعت لتشمل مجالات معيشية جديدة وعديدة وفي مقدمتها: السكن والوقود والطب والتعليم. 
ومن هنا، انضم نشطاء من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 في مدينة الناصرة وفي بلدات باقة الغربية وشفاعمرو وغيرها إلى التظاهرات والحراكات ولو بتجمعات عربية صافية دون مشاركة واسعة مع التجمعات اليهودية، رافعين شعاراتهم التي تتجاوز القضايا الاجتماعية نحو مطالب سياسية. 
لجنة المتابعة العليا والتي تعتبر نفسها القيادة العليا لفلسطينيي الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 اجتمعت وأصدرت موقفًا حول المشاركة في هذه الحركات الاحتجاجية الجارية في "إسرائيل" داعية لتشكيل لجان شعبية في كل قرية ومدينة عربية من اجل المشاركة دون أن "يضعوا بيضهم في سلة المتظاهرين اليهود"، لأن ظروف ونضالات الجماهير العربية تختلف عن حركة الاحتجاج اليهودي التي تنتشر في المدن اليهودية في "إسرائيل" حيث إنهم لن يدخلوا الخيام اليهودية. 
لذلك فإن بعض القوى العربية الفلسطينية الفاعلة داخل حدود العام 1948، تحفظت على المشاركة مع التجمعات اليهودية في حركة الاحتجاجات، ودعت لحركة احتجاج عربية فلسطينية موحدة، معتبرة أن هناك من يحاول جر الجماهير العربية الفلسطينية بكليتها إلى "ساحة نضالية يكتنفها الضباب من حيث سيناريوهات الحلول التي قد تطرح لحل الضائقة السكنية في الوسط اليهودي، فهذا ما لا نقبل به، لأن هناك احتمالات كبيرة أن تكون هذه الحلول على حساب قرانا ومدننا، وعلى حساب أبناء شعبنا الفلسطيني في القدس والضفة الغربية، فكيف نقبل أن نكون جزءًا من حركة لا نعرف أين ستصل بنضالها، ولا نعرف من هم قادتها رغم أن الشعارات التي رفعتها هذه الحركة تتقاطع مع العديد من مطالبنا، فبدلاً من أن نكون جزءًا من الحركة الاحتجاجية هذه، لماذا لا نسعى كأحزاب عربية ولجنة متابعة لإقامة حركة احتجاجية عربية موازية ترفع هذه المطالب وتضيف عليها المطالب التي تخصنا نحن العرب"!.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي بدوان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/29



كتابة تعليق لموضوع : فلسطينيو الداخل والاضطهاد المزدوج القومي والطبقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net