صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

رواية ( أنا عشيقة الوزير ) للكاتب جاسم المطير يكشف يوتوبيا النظام الدكتاتوري
جمعة عبد الله

  باتت اساليب النظام البعثي الدكتاتوري معروفة على اوسع نطاق في  داخل وخارج العراق  , المتمثلة في آليات الماكنة الامنية الارهابية , في سبيل ترسيخ قوام الدولة الامنية والنظام الشمولي , المعتمدة بالاساس على سوط الارهاب والقمع , في اطلاق اليد  بالاساليب الوحشية , في البطش والتنكيل , ضمن فلسفة النظام , القائمة على نهج  الارهاب والترهيب والترغيب  . , في تأسيس دولة الاستبداد المطلق , يتزعمها القائد الاوحد , بان يكون اعلى مرتبة ومنزلة وفوق الجميع , في التأهيل والتعظيم والتبجيل المقدس , وعبر المؤسسة الامنية التي لا ترحم حتى  اقرب المقربين ومن ضلع النظام , فان هذه الالة القمعية والارهابية تسحقهم سحقاً , وبدون شفاعة الى  خدماتهم في توطيد دعائم النظام الشمولي ,   وترسيخ السلطة المطلقة في يد  القائد الاوحد . هذا الجحيم الارهابي , مسلطاً على الجميع , في رعبه الشديد على الواقع العراقي آنذاك , في زمن الجحيم الدكتاتوري , والعديد من الاعمال الادبية والروائية , سلطت الضوء الكاشف , بالاعتماد على الحقائق والوقائع اليومية من انتاج الواقع  , التي تفرزها الالة القمعية في الواقع العراقي , وتكون مادة لكشف زيف الايدلوجية  السياسية والحزبية التي ينتهجها النظام في سلوك اليومي , لذا انها تعتمد على الواقع الحياتي , اكثر من اعتمادها على التخيل السياسي , في مناضرتها الادبية , وفي تعرية اساليب الزيف والخداع بالشعارات البراقة , التي يتبجح بها النظام وحزبه في ( الحرية والاشتراكية ) في صيد المغفلين لتجنيدهم في ماكنته الحزبية والامنية , لترسيخ قاعدة الارهاب للمؤسسة الامنية , لذا ان كاهل الارهاب البشع مسلطاً على الحزبين واللاحزبين , على السواء , ومن اجل ترسيخ السلطة المطلقة للقائد الفرد . الذي يجلس على النظام الشمولي , وقد تناول هذه الجوانب الجاثمة على كاهل العراق , الكثير ومن الكتاب في اعمالهم السياسية والادبية ومن الروائية , مستغلين حرية المنفى , وبعضهم يكتب باسماء مستعارة لمحاذير كثيرة , وبعضهم يكتبها باسماءهم الصريحة , ومنهم الكاتب الغزير في انتاجه السياسي والادبي , الكاتب القدير ( جاسم المطير ) , الذي تناول في عمله الروائي ( أنا عشيقة الوزير ) في فضح اليوتوبيا النظام  , وديموغيته السياسية والايدلوجية , في اسلوب ساخر ممتع  , في تناول شريحة هي من صلب النظام وحزبه القائد  , واقرب  المقربين والمتحمسين له من الماكنة الحزبية  , ويدينون بالولاء المطلق لرأس النظام , في حبكة رائعة من السرد البسيط والرشيق , ان المجموعة القصصية ( أنا عشيقة الوزير ) تحمل سمات ومقومات الرواية بشكل كامل  , اكثر من انها مجموعة قصصية , , لان قصصها السبعة مترابطة في نسق واحد من الاحداث , واحداثها مكملة في سلسلة من التواصل في الحدث   , وفي وشيجة واحدة من  تسليط الضؤ على نفس شخوصها , الذين يتبادلون  وقائع الاحداث ضمن  عملهم السياسي والحزبي والوظيفي  , ورغم هذه الشخوص  تحتل مواقع متقدمة في الحزب والدولة , وتعتير من صلب النظام الدكتاتوري , واقرب اعوان لرأس النظام , لكن كل هذه المميزات والامتيازات , لا تحمل لها الطمأنينة  والامان والاستقرار في حياتها , اذا تعيش بزوابع عواصف  الخوف والقلق , ويشغل بالها ويضعها على  مشرحة المجهول , ورغم انها تتقمص الازدواجية الشخصية ببراعة نادرة , لكن تظل  يطحنها القلق من المؤسسة الامنية الرهيبة , وتعترف بقرارة نفسها بالذل والمهانة , وهي تدرك زيف وخواء الشعارات السياسية والحزبية  , التي وضعت لخدمة رأس النظام لاحد غيره , ان هذه الرواية كشفت بدقة الفساد السياسي والاجتماعي والاخلاقي  ,في اقامة دولة  المؤسسات  الامنية والارهابية  . 

1 - قصة ( الوزير وسائقه ) تتحدث عن السائق ( محمد ) صندوق اسرار الوزير  في كل شيء , حتى في مغامراته الجنسية وعشيقاته وقوادته للوزير , ويعرف ان الوزير يحاول ان يبدد الخوف والقلق من المؤسسة الامنية التي تخيم بثقلها الثقيل على الكل  , ورغم مايبديه من انصياع ذليل ومذل من اجل ارضى رغبات ونوازع   سيده العظيم  رأس النظام , في كيل المدح والتعظيم لرأس النظام ( لوفياثان ) الرئيس المطلق ( - انه لوفياثان . ألاتعرف ذلك يا محمد . انه القوي الجبار ) وانه مقدس فوق الجميع , ويتقمص دوره ببراعة  بان يكون عبد ذليل لرأس النظام , من اجل ان يبقى في كرسي الوزارة حتى اخر يوم من حياته بدعوة ان ( رجل  الثورات لا يتقاعدون ) , لكنه في قرارة نفسه , يشعر بالحقارة والتفاهة والندم , لانه وقف الى جانب اجبار عزل رئيس البلاد بالقوة لصالح ( لوفياثان ) وهي اشارة صريحة الى عزل ( البكر ) عن الرئاسة , وتسلم ( صدام ) الامور على خناق الدولة . ويتحدث السائق ( محمد ) عن زوجة الوزير , من اصل عائلة فقيرة وابيها بائع الخضار , ولكنها تتبجح بكبرياء فارغ , بانها ابنة الاكابر والاغنياء , وحياتها محصورة بين الصائغ , لجمع الذهب والخواتم والاحجار الثمينة بهوس مجنون , وبين الصالون الذي يجمع زوجات الوزراء , لتبدأ عملية  النفاق والنميمة بينهن 
2 - قصة ( اخيراً يأتي باخر التوضيحات ) تكشف جانب اخر من حياة الوزير , حين تشرق الشمس على يوم جديد , والتهيؤ الى الاستعداد لذهاب الى وزارته , يلعن نفسه لان  الوزارة تخلق متاعب مرهقة , وخاصة  هناك  الخنازير الذينر يتعاركون على الغنيمة , ويحفرون للاخرين للايقاع بهم حتى يحتلوا مكانهم  ومواقعهم ومناصبهم , ومن جانب اخر يشعر بنشوة الفخر والانتصار , ويتصور نفسه انه ( سعد بن ابي وقاص ) ويتقمص دور الازدواجية الشخصية المتناقضة والمتنافرة مع ذاتها , وينسى وصية ابيه حينما انظم الى الحزب ( كن مثل اخيك ياولد , اكسب حياتك بالمثابرة والعمل المجدي . ادرس ياولدي حتى تتوفق ) لكنه يدوس على القيم والاخلاق , حتى يحافظ على كرسي الوزارة , لكنه يقع في هفوة يرتعب رعباً وقلقاً على مصيره , لانه اكتشف في التقرير الذي يود ان يقدمه الى سيده العظيم , يوجد فيه اخطاء املائية , ورئيسه ينفر ويشمئز  من الاخطاء الاملائية بالتقارير المقدمة له  , 
3 - قصة ( المتمردة ) هي مواصلة لتكملة احداث القصة الثانية , في مسألة الاخطاء الاملائية , يحملون مسؤوليتها الى الموظفة الجديدة ( نادية ) التي توظفت بواسطة الحزب , وهي تدرك انها في غابة الذئاب الجائعة , في التهميش وفي الشبق الجنسي , وان كل مبادئ الحزب وايديولوجيته تداس بالاقدام وليس لها قيمة , على الاخلاق والقيم , وتعرف بان عليها تقديم ضريبة البقاء في وظيفتها , من خلال اشباع الرغبات الجنسية بالمضاجعة , دون تأفف ورفض , وانها مرشحة لعقوبة الطرد , اذا لم تضع مفاتن جسمها لرفاق الحزب , لذلك تقرر ( اريد اضع الوزير خاتماً في اصبعي ) في زمن لا يرحم ( لا تستطيع امرأة مثلي , ان تحصل على نصيبها من الامان , في هذا العصر , من  دون سلوك شائن , هذا عرفكم وهذه مبادئكم , انا اعرف ذلك حق المعرفة ) لذلك تشعر بالامان , طالما الوزير يضاجعها وينام فوقها . لتحصل على الاعتذار والمميزات الوظيفية والامتيازات الكثيرة . 
4 - قصة ( قفا الزوجة الثانية ) , تتحدث عن عريضة شكوى قدمتها الزوجة الاولى  الى مندوب رئيس الجمهورية , تشكو فيها بان زوجها الوزير وقع في حبائل موظفة في وزارته , وبعد اغراء استطاعت ان تحصل على عقد الزواج في السر , وفي زيارة لزوجة الثانية يقوم بها , ابوها , ويعرض عليها مساومة  حتى يعفو ويغفر ويسامحها  لها زوجها بدون علمهم ودرايتهم , بان تنقذ شقيقها من تنفيذ حكم  الاعدام الصادر بحقه , بسبب هروبه من جبهة القتال , وتحاول التوسط من اجل انقاذ شقيقها , وترفع التلفون وتتحدث  في محاولة الانقاذه  من تنفيذ حكم  الاعدام ,  في مسعى في  مكالمة تليفونية ( نعم . ماذا . هل اخبره بان ابنه سيصل الى البيت قبله ) ويفرح والدها بهذا الخبر السعيد بانقاذ ابنه من الموت المحقق , ويطير فرحاً وغبطة , بان مساعي ابنته تكللت بالنجاح الكبير , وحين يصل الى بيته , يجد جثة ابنه مرمية في غرفة الاستقبال , معدوم بسبع رصاصات , مع تبليغ رسمي , بعدم البكاء وممنوع اقامة مراسيم الفاتحة , مع دفع ثمن الرصاصات السبعة الى وزارة الدفاع. 
5  - قصة ( جسدان ليس بينهما إلا الخوف ) . تتحدث عن رغبة الوزير , في اظهارة مودته الخالصة الى عائلة عشيقته ( سالمة الناصر ) , بان تصل اليهم سيارة الوزير اسبوعياً , وهي محملة بالحصة التموينية , التي تكفي لعشيرة وليس لعائلة واحدة , تحتوي على اللحوم والدجاج والاسماك والفواكه والخضار , وانواع السكائر والمشروبات الكحولية والغازية , يحمل سائق الوزير ( محمد ) ولكن قبل ايصال هذه المأونة الغذائية  الكبيرة , ان ياخذ حصته الكاملة مثل وزيره بمضاجعة عشيقة الوزير , ثمن لاتعابه , وانه يقوم على احسن وجه بدور قواد وسائق الوزير , وتحدث المفاجأة غير المتوقعة للوزير , بان آلة التسجيل اصابها العطل , ولم تسجل خطاب الرئيس القائد , وهذه جريمة كبرى لاتغتفر , بالنسبة الى ( لوفياثان ) لذلك يطلب من الوزير المتقاعس ( اكتب بناءاً على مقتضيات المصلحة العامة في بلادنا البطلة , قررنا احالتكم الى التقاعد ) 
( اشكرك سيدي ) . 
6 - قصة (  ثأر المحروم من العشق ) يصيب ( محمد ) سائق الوزير . الهلع والخوف , ولم ليلته من الارق والقلق المرعب يأكل رأسه وعقله  , لان هناك امر استدعاء له من قبل المؤسسة الامنية , وهو يعرف تماماً بانهم ( قساة مع المخطئ والمصيب , يقوون بدنهم وكلامهم على شدة البطش . ويفعلون ما يريدون , ولا يلبون نداء وزير ولا مستشار ولا احد , فلا رأي إلا رأيهم . ولا دهر إلا دهرهم ) وكانت فحوى جريمته بانه شاهد عيان  بأم عينيه , بان احدى عاهرات الحزب ( نادية )   , تدس السم في شراب الى  احد شيوخ العشائر المغضوب عليهم من النظام , بهدف طمس الجريمة ومسح آثارها . 
7  - قصة ( أنا عشيقة الوزير ) ترسل عشيقة الوزير ( نادية )  من منفاها في السويد , رسالة الى عشيقها الوزير , تشرح فيه الدوافع التي اضطرت للهجرة , لانقاذ حياتها من براثن الموت المحقق , بانها اجبرت بالتهديد , ان تدس السم في شراب الى احد شيوخ العشائر , وبان حياتها اصبحت لا تطاق من الرذيلة والمسخ , بانها اصبحت  امرأة بدون كرامة او شعور انسان حي  , سوى تحقيق رغبات النظام والحزب , في اعمال لا اخلاقية بان تتصيد المواطنين  الذين عليهم علامات الشبهة ضد النظام  , ومن خلال المضاجعة الجنسية , تحاول ان تستنطق افكارهم الداخلية حول النظام ورأس النظام القائد المقدس , وتقول في رسالتها ( فلا انت حبيبي , ولا حزبكم كان عزيزاً عليَ , ولا انت سيدي فعلاً . كنت بكلمات الحب والمودة كذباً ونفاقاً , فانا ما احببتك مطلقاً , هل يمكن ان احب من يثقلني باحمال ممضة , وهل احب من يلفح ظهري بسياطه من كل جانب ) وتهدد الوزير من عاقبة  المس بسوء لعائلتها , لانها باستطاعتها ارساله الى الجحيم والموت , بانها سجلت على آلة التسجيل كل تعليقاته البذئية على الوزراء , وحتى تطال تعليقاته بكلامه  حول  رأس النظام القائد الاوحد , وتذكره بكلامه حول رئيسه القائد , بانه مهووس بجنون مرض العظمة ,  في التشبث بالكرسي حتى لو تحالف مع الشيطان  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/28



كتابة تعليق لموضوع : رواية ( أنا عشيقة الوزير ) للكاتب جاسم المطير يكشف يوتوبيا النظام الدكتاتوري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net